- الحكومة وشركات القوى العاملة تتبادل الاتهامات حول مسؤولية الأزمة، مع تعقيدات في عملية استقدام العمالة الأجنبية والحاجة إلى حلول أكثر فعالية لتجاوز الجمود الحالي في القطاع.
- نقص العمالة يؤدي إلى تأخير مشاريع البناء والبنية التحتية، مما يضع العائلات في موقف صعب بانتظار منازلهم الجديدة ويدعو إلى تدخل عاجل من الحكومة لإيجاد حلول جذرية.
لم تتمكن إسرائيل من جلب سوى 1100 عامل أجنبي لقطاع البناء، الذي يعاني الشلل بسبب العجز الحاد في الأيدي العاملة والذي يقدر بنحو 80 ألف شخص، بعد منع الفلسطينيين عقب اندلاع الحرب على قطاع غزة قبل نحو ستة أشهر، ما يؤشر إلى استمرار حالة الجمود التي تسيطر على القطاع الحيوي، في حين أن حكومة الاحتلال والشركات تتبادل الاتهامات حول الوقوف وراء فشل عمليات الاستقدام.
وتمر صناعة التشييد والبناء بأسوأ حالاتها على الإطلاق، مع النقص الحاد في العمالة، إذ أنفقت سلطات الاحتلال الكثير من الوقت والجهد في محاولات جلب العمال من أوزبكستان وسريلانكا دون أن تنجح في ذلك، وفق تقرير لصحيفة "كالكاليست" الإسرائيلية، أمس الثلاثاء.
وأشار التقرير إلى أنه بعد مرور نصف عام على بدء الحرب على غزة وإنهاء عمل العمال الفلسطينيين في الداخل، لم يصل إلى إسرائيل سوى حوالي 1100 عامل جديد.
تمر صناعة التشييد والبناء بأسوأ حالاتها على الإطلاق، مع النقص الحاد في العمالة
ولفت إلى أن ما يخص أوزبكستان، حرصت إسرائيل على إرسال وفد كامل لاختبار العمال الأوزبكيين، ثم ألغت الاختبارات. وفي سريلانكا، لم يكن هناك نجاح أيضاً في التوظيف ولم يصل سوى بضع مئات من العمال، وفق الصحيفة الإسرائيلية، مشيرة إلى أنه حتى ما يخص الهند المحور الرئيسي لجلب العمالة "حدث خطأ ما" بشأنها.
ويمكن قراءة مؤشر الفشل الحالي في تقرير بنك إسرائيل الموجز لعام 2023، والذي قارن فيه البنك أزمة العمال الفلسطينيين الحالية بأزمة الانتفاضة الثانية، ففي عام 2000، تمكنت الحكومة من التغلب على الأزمة في غضون 15 شهراً، مما يوضح أن حل هذا النوع من الأزمات يستغرق وقتاً طويلاً.
وتتعرض الوزارات الحكومية، خاصة وزارة البناء والإسكان وهيئة السكان والهجرة لضغوط كبيرة بشأن هذا الملف، وعلى رأسهم المدير العام لوزارة البناء والإسكان يهودا مورجنسترن.
لكن المسؤولين الحكوميين يتهمون في المقابل أصحاب الأعمال الخاصة بمنع توظيف العمال والتصرف وفقاً لمصالحهم الضيقة لتحقيق أقصى قدر من الأرباح.
وفي مؤتمر عقاري نهاية مارس/ آذار الماضي، قال مورجنسترن إن "شركات القوى العاملة هي من بين المذنبين. لقد ضاعفنا حصة العمال الأجانب إلى 65 ألفاً.. اختاروا لنا بالفعل 20 ألف عامل، في حين لم يدخل البلاد سوى عدد قليل.. لماذا لا تجتذب الشركات عدداً كافياً من العمال؟". وأضاف "الكرة ليست في أيدينا.. إذا كانت المتابعة المباشرة هي الحل، فنحن مع ذلك".
في المقابل وصف إلداد نيتسان، رئيس رابطة شركات القوى العاملة في صناعة البناء، تصريحات مورجنسترن بغير الدقيقة قائلاً: "حتى اليوم أخذنا كل عامل قدموه لنا" في إشارة إلى الاتفاقيات الثنائية بين إسرائيل والدول الموردة للعمالة، موضحاً أنه يصل 15 عاملاً كل أسبوع، وبحلول منتصف مايو/أيار المقبل سيصل جميع العمال المعينين من الهند والبالغ عددهم تسعة آلاف عامل.
وأضاف "ليست لدينا القدرة على تسريع وصول العمال من الهند، فقد استغرقوا شهراً لإجراء الفحوصات الطبية وشهراً آخر حتى يصل كل عامل ويمثل أمام كاتب العدل. كذلك جرى إهدار حوالي شهرين للحصول على نماذج العروض الأولى فقط".
يأتي الفشل في استقدام العمالة على الرغم من تضاعف عدد شركات الاستقدام من حوالي 40 شركة قبل الحرب إلى 88 حالياً
وحول اتهامات المسؤولين في وزارة الإسكان ودائرة الهجرة للشركات بأنها تتأخر في استقدام العمال من أجل تعظيم الأرباح عبر تعطيش السوق من العمالة، قال نيتسان: "لماذا لا أقوم باستقدام العمال ما دمت سأجني المزيد من المال من الأمر؟".
ويأتي الفشل في استقدام العمالة على الرغم من تضاعف عدد شركات الاستقدام من حوالي 40 شركة قبل الحرب إلى 88 شركة حالياً، وفق المدير العام لوزارة البناء والإسكان.
وعلى الرغم من زيادة عدد شركات استقدام العمالة، تفضّل الحكومة الإسرائيلية التعامل مع أزمة نقص العمالة من خلال الاتفاقيات الثنائية مع الدول، بحسب تسفيكا كين تور، الخبير في شؤون العمال الأجانب، لافتاً إلى أن السرعة تشكل أيضاً عائقاً أمام شركات القوى العاملة، إذ يتعين على الشركة الإسرائيلية أن تتعاقد مع شركة هندية على سبيل المثال لتوظيف العديد من العمال، وهذا يتطلب امتحانات وتدريبات.
وبحسب كين تور، فإن "طريقة التوظيف المباشر هي الأسرع والتي ستكون أيضاً خالية من "الرشوة" بشأن العمولات التي تحصل عليها الشركات في الدول المصدرة للعمالة، موضحاً أن هناك العديد من المنصات في العالم لتعيين العمال وفتحها ستجعل من الممكن جلب الكثير من الناس بسرعة.
ووسط الاتهامات المتبادلة بين الحكومة وشركات القوى العاملة، تعاني مواقع الإنشاءات ومشروعات البنية التحتية الجمود، فقد جرى إغلاق العشرات من مواقع البناء، كما تم تجميد مشاريع البنية التحتية الهامة منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وسط نقص حاد في السواعد بعد إغلاق الأبواب أمام ما يقرب من 90 ألف عامل فلسطيني.
الخوف الكبير هو من أن يؤدي نقص الأيدي العاملة إلى تأخير تسليم الشقق الجديدة وإقامة المشاريع الحكومية، ولا سيما في البنية التحتية
والخوف الكبير هو من أن يؤدي نقص الأيدي العاملة إلى تأخير تسليم الشقق الجديدة وإقامة المشاريع الحكومية، ولا سيما في البنية التحتية.
وفي رسالة بعثها المدير العام لوزارة البناء والإسكان الشهر الماضي، إلى يوسي شيلي، المدير العام لمكتب رئيس الوزراء، يوم الأحد الماضي، كتب أن صناعة العقارات "في أزمة حادة لا مثيل لها".
وحذر من أن عشرات آلاف العائلات ستنتظر لفترة طويلة حتى تحصل على الشقق المتعاقد عليها. ودعا إلى تدخل رئاسة الوزراء عاجلاً لإيجاد حل للأزمة.