- الحكومة تدرس تطبيق زيادات ضريبية مبكرة، بما في ذلك رفع ضريبة القيمة المضافة من 17% إلى 18% لتغطية العجز المتفاقم، مع توقعات بتجاوز العجز 8% وزيادة الإنفاق العسكري.
- تخفيض تصنيف ديون إسرائيل من قبل وكالة ستاندرد آند بورز يعكس المخاطر الجيوسياسية وتأثيرها على الاقتصاد، مع مأزق حكومي بين تمويل الإنفاق العسكري ومخاوف من رد فعل الإسرائيليين على الزيادات الضريبية.
ينفلت العجز المالي في إسرائيل ويقترب من أربعة أضعاف ما كان مقدراً قبل أشهر معدودة، وسط الإنفاق المتسارع على التسلح في ظل استمرار الحرب على قطاع غزة والاشتباكات مع حزب الله اللبناني فضلاً عن المناوشات مع إيران، ما يدفع حكومة الاحتلال إلى بحث تطبيق زيادات ضريبية مبكراً بنحو ستة أشهر عما كان مقرراً من قبل.
وبدأت وزارة المالية ومصلحة الضرائب دراسة إمكانية زيادة ضريبة القيمة المضافة من 17% إلى 18% بحلول يوليو/تموز المقبل بدلاً من يناير/كانون الثاني 2025 الذي كان محدداً من قبل، فضلاً عن رفع معدلات ضريبة الدخل والضرائب العقارية هذا العام، وذلك في إطار إجراءات لتحصيل المزيد من الموارد المالية لمواجهة عجز الموازنة المتفاقم المتوقع أن يتجاوز 8%.
وبحسب تقديرات وزارة المالية، ستؤدي زيادة ضريبة القيمة المضافة إلى إيرادات تتراوح بين 7.2 و7.5 مليارات شيكل سنوياً.
ويتسارع عجز الموازنة بما يفوق كل التوقعات التي رسمتها حكومة الاحتلال منذ اندلاع الحرب على غزة التي دخلت شهرها السابع. وكانت الموازنة التي أقرها الكنيست في 13 مارس/آذار الماضي تتوقع عجزاً بنسبة 6.6% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024، مقارنة بعجز مقدّر قبل الحرب بنسبة 2.25%.
ووفق الموازنة فإن الإنفاق المقدر للعام الجاري يبلغ 584.1 مليار شيكل (155.3 مليار دولار وفق سعر صرف أمس)، بزيادة 70 مليار شيكل (18.6 مليار دولار)، مقارنة بموازنة الأساس المصادق عليها في مايو/أيار 2023.
وتتضمن الميزانية المعدلة زيادة الإنفاق على الدفاع وتعويض الأُسر والشركات المتضررة من الحرب. لكن مع استمرار الحرب على غزة والاشتباكات مع حزب الله ودخول التوتر مع إيران إلى مرحلة الضربات الانتقامية يتزايد الإنفاق العسكري وتتسع فجوة العجز لتتجاوز وفق أحدث تقديرات المؤسسات المالية الدولية 8% من إجمالي الناتج المحلي.
ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، أمس الأحد، عن مسؤول كبير في وزارة المالية قوله إنه "نظراً إلى المتغيرات التي طرأت بعد إقرار الموازنة العامة للدولة للعام الحالي، يتضح أن العجز سيكون أعلى سواء بسبب استمرار الحرب في قطاع غزة، والأحداث على الحدود الشمالية (مع لبنان) والمواجهة الأخيرة مع إيران والحاجة إلى تخصيص المزيد من الأموال للنظام الأمني، من بين أمور أخرى، لتجديد التسليح".
تأتي توجهات وزارة المالية إلى زيادة الضرائب هذا العام على الرغم من أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش كانا يعارضان حتى وقت قريب زيادة الضرائب، ولكن في ضوء التطورات الأخيرة، يبدو أنهما اتفقا على دراسة الخيارات المختلفة لزيادتها بالفعل هذا العام، وفق الصحيفة الإسرائيلية.
ويتفق محافظ بنك إسرائيل المركزي أمير يارون، هو الآخر مع فكرة تقديم موعد زيادة ضريبة القيمة المضافة في ظل زيادة العجز، إذ قال "كان من الصواب تقديم موعد تنفيذ بعض التعديلات على جانب الإيرادات، مثل ضريبة القيمة المضافة لعام 2024".
وتظهر البيانات الصادرة عن المحاسب العام لوزارة المالية يالي روتنبرغ، وصول العجز على مدار الـ 12 شهراً الماضية إلى 117.3 مليار شيكل (31.2 مليار دولار)، وهو الأعلى في تاريخ البلاد، مسجلاً مستوى قياسياً جديداً في نهاية مارس/آذار. وخلال الأشهر الثلاثة الماضية فقط بلغت قيمة عجز الموازنة 26 مليار شيكل.
وتشير البيانات إلى أن العجز يبلغ بالفعل 6.2% من الناتج المحلي الإجمالي، كما أنه لم يعد هناك شك في وزارة المالية في أن العجز المتوقع سوف يرتفع أكثر، وفق صحيفة يديعوت أحرونوت. وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام بلغت النفقات 147 مليار شيكل، مقارنة بـ 106.5 مليارات شيكل في الفترة نفسها من العام الماضي 2023، بزيادة تبلغ نسبتها 38.1%.
وخلال مارس/آذار فقط جرى تسجيل إيرادات بقيمة 41.5 مليار شيكل، بينما أنفقت حكومة الاحتلال 56.5 مليار شيكل في ذلك الشهر، بعجز يبلغ 15 مليار شيكل (3.9 مليارات دولار). وبلغت تقديرات نفقات الحرب منذ بداية العام، باستثناء صندوق التعويضات نحو 27.6 مليار شيكل.
وأشارت صحيفة كالكاليست الاقتصادية الإسرائيلية في تقرير، أمس، إلى تداعيات انفلات العجز المالي على التصنيف الائتماني لإسرائيل، مشيرة إلى خفض وكالة ستاندرد آند بورز العالمية تصنيف إسرائيل قبل أيام.
وخفضت ستاندرد آند بورز، يوم الجمعة الماضي، تصنيف ديون إسرائيل درجة واحدة من (-AA) إلى (+A)، وسط تصاعد المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط، خاصة بين إسرائيل من جهة، وإيران وحزب الله والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، من جهة ثانية.
وقالت الوكالة في بيان لها "نتوقع أن يتسع العجز الحكومي العام لإسرائيل إلى 8% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024، ويرجع ذلك بصفة رئيسية إلى زيادة الإنفاق الدفاعي". وأضافت أن "العجز المرتفع سيستمر على الأمد المتوسط، وديون الإدارة العامة ستصل ذروتها لتبلغ 66% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2026".
وتواجه حكومة الاحتلال مأزقاً شديداً، إذ تتخوف من تداعيات اتساع العجز المالي الذي يدفعها نحو الاقتراض بفائدة مرتفعة وفي الوقت نفسه تخشى سخط الإسرائيليين من تحمل المزيد من فواتير الحرب المستمرة التي يراهن عليها نتنياهو لبقائه في الحكومة. وبحسب بيانات المكتب المركزي للإحصاء، فإن نحو نصف الأسر تعاني عجزاً مزمناً نتيجة مديونياتها للبنوك، فقد أكد تقرير لصحيفة معاريف، أمس، أن الأسر تواجه في الأساس منذ سنوات مجموعة من التحديات الاقتصادية والاجتماعية.
وأشار التقرير إلى أن الكثير من الإسرائيليين يعانون دوامة الاقتراض، إذ يدخلون في قرض جديد لسداد قرض مستحق، ليذهب جزء كبير من الدخل الشهري للأسر لتغطية أقساط الديون.