إتاوات المسلحين ترفع أسعار الوقود الرديء في سورية

29 نوفمبر 2022
أسعار الوقود المرتفعة تفاقم الصعوبات المعيشية للنازحين (Getty)
+ الخط -

يواجه سكان مناطق شمال غرب سورية ضغوطاً معيشية كبيرة مع حلول الشتاء في ظل الإتاوات التي تفرضها فصائل مسلحة في مناطق خارجة عن سيطرة النظام على الوقود رغم رداءته والتي تعرض حياة المواطنين للخطر خاصة الذين يستخدمونه في أغراض التدفئة.

وقبل أسبوع، أصيب ثلاثة أطفال ووالدهم بحروق في مخيم "بنيان" القريب من بلدة كوكنايا في ريف إدلب بحروق، نتيجة اشتعال مدفأة الحطب، مع استخدام نوع رديء من مازوت التدفئة، حيث أكد ناشطون أن هذا المازوت يشكل خطورة على حياة الأهالي، نظراً لجودته السيئة وسرعة اشتعاله، مشيرين إلى أن هذا النوع يباع في مناطق ريف حلب الشمالي بمبلغ 85 دولاراً للبرميل، بينما يباع في مناطق سيطرة "هيئة تحرير الشام" بنحو 117 دولاراً للبرميل.

وتفرض ما تعرف بـ"حكومة الإنقاذ" المنبثقة عن "هيئة تحرير الشام" المسيطرة على أجزاء من محافظات إدلب وحلب واللاذقية في منطقة شمال غرب سورية، إتاوات على وقود التدفئة الذي يصل من مناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية "قسد"، التي تسيطر بدورها على أهم المنابع النفطية شمال شرق البلاد.

يصل النفط الخام من مناطق سيطرة "قسد" إلى مناطق سيطرة الجيش الوطني شمال حلب، حيث توجد الحراقات البدائية (مصافي تكرير)، لينقل بعدها في صهاريج للتوزيع في محطات وقود ضمن مناطق ريف حلب الشمالي، وينقل قسم منه أيضا إلى مناطق سيطرة "هيئة تحرير الشام".

وأكد نشطاء محليون أن "هئية تحرير الشام" تفضل تحقيق مكاسب على أرض الواقع، على حساب الجودة، متجاهلة تخفيف الأعباء الاقتصادية على السكان في المناطق الخاضعة لسيطرتها، فهي تفرض إتاوة فعلياً على برميل المازوت الآتي من مناطق سيطرة الجيش الوطني، بملغ يقدر بنحو 32 دولاراً على البرميل الواحد، ليصل سعر البرميل للنوعية الأقل من ناحية الجودة إلى 117 دولاراً.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

بدوره، قال المتخصص في الشأن الاقتصادي، حيان حبابة، لـ"العربي الجديد" إن هناك تنسيقا بين النشطاء في شمال غرب سورية للضغط على "هيئة تحرير الشام" بهدف إلغاء الإتاوة المفروضة على إدخال الوقود، عبر معبر الغزاوية في ريف حلب الغربي، الذي يربط بين مناطق سيطرتها ومناطق سيطرة الجيش الوطني.

وأضاف أن "هناك حملة تضامن من قبل النشطاء مع المدنيين في شمال سورية، وطالبنا الجهات المختصة سواء في شمال سورية وشمال غرب سورية بمراعاة ظروف المدنيين الصعبة، حيث إن سعر أكثر أنواع الوقود رداءة 58 دولاراً للبرميل".

وجاءت تحركات النشطاء بعد أن أعلنت مديرية المشتقات النفطية التابعة لـ"حكومة الإنقاذ" في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري أنها ستحدد سعراً جديدا لنوع جديد من الوقود، يقول حبابة إنه رديء جدا وخطير جداً على المدنيين، "وسجلنا خلال يومين أكثر من حالتي حرائق" بسببه.

وأشار حبابة إلى أن "حكومة الإنقاذ" ادعت أن ارتفاع أسعار الوقود عائد إلى الإتاوات المفروضة من قبل فصائل الجيش الوطني في مناطق ريف حلب الشمالي، بينما أكدت الفصائل قبل قرار رفع سعر الوقود أنها ألغت كافة الإتاوات المفروضة على الوقود ضمن مناطق سيطرتها وحتى الصادرة إلى مناطق سيطرة "هيئة تحرير الشام".

بدوره حمّل الناشط الإعلامي فائز الدغيم، "هيئة تحرير الشام" مسؤولية رفع أسعار وقود التدفئة في مناطق سيطرتها.

وقال الدغيم لـ"العربي الجديد": "كناشطين أطلقنا مؤخراً حملة لتخفيض أسعار الوقود، لكن هيئة تحرير الشام تفرض إتاوة تصل لقرابة 30 دولاراً للبرميل، كانت هناك مراوغة منها وطرحوا نوع مازوت بنوعية رديئة بسعر 117 دولاراً للبرميل، به نسبة من البنزين، وهو يعرّض الناس للخطر ويحدث لهبا سريعا لحظة الإشتعال، ونتخوف من حدوث حرائق أيضا في المخيمات بسببه".

وتبقى أسعار الوقود في مناطق سيطرة "هيئة تحرير الشام" أعلى منها في مناطق سيطرة الجيش الوطني في ريف حلب الشمالي، بسبب هذه الإتاوات. ويقدر عدد النازحين داخليا في شمال غرب سورية بـ 2.8 مليون شخص.

ويوجد حوالي 1.7 مليون من النازحين في 1400 موقع للنزوح، من بينهم 80% نساء وأطفال، وتقريبا 46 ألفاً لديهم احتياجات خاصة، وفق تقرير للأمم المتحدة في فبراير/ شباط الماضي.

وتسببت موجات صقيع وعواصف خلال الشتاء الماضي، في صعوبات إضافية لنحو 250 ألف شخص في أكثر من 120 موقعاً في محافظة حلب و170 موقعاً في محافظة إدلب، وفق مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين.

المساهمون