تبدو أوروبا قلقة من احتمال توسع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وتداعياتها على إمدادات الغاز الطبيعي في وقت تقترب فيه القارة من فصل الشتاء الذي يرتفع فيه استهلاك الوقود الأزرق للتدفئة. وذلك وفقاً لتقرير بنشرة "أويل برايس" الأميركية مساء الاثنين. ولايزال أمن الطاقة في أوروبا هشاً ويعتمد على شبكة معقدة من خيارات شحنات الغاز المسال الدولية التي تتنافس عليها دول القارة العجوز مع الصين ودول جنوب شرقي آسيا.
وعلى الرغم من أن مصر ليست مصدراً كبيراً للغاز إلى أوروبا، إلا أن أسعار الغاز ارتفعت بنحو 30% عما كانت عليه قبل اندلاع الحرب في غزة، مما يسلط الضوء على مدى ضعف السوق الأوروبية أمام المخاطر الجيوسياسية بعد أزمة الطاقة العام الماضي.
ويرى التقرير، أن الحرب الإسرائيلية على غزة في حال توسعها، ربما تعرض إمدادات الطاقة والتجارة البحرية في أوروبا للخطر. ولا يستبعد أن تقود إلى غياب الغاز الطبيعي المسال المصري في السوق الأوروبي، بينما تخطط أوكرانيا لإنهاء عبور الغاز الروسي إلى دول الاتحاد الأوروبي بحلول يناير/كانون الثاني في العام المقبل 2024.
وفي السنوات الأخيرة، برزت منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، وخاصة إنتاج الغاز البحري في مصر وإسرائيل وقبرص، كنقطة تركيز حاسمة للشركات الأوروبية التي تستهدف تنويع مصادر الغاز الطبيعي بعد تنفيذها للعقوبات على الطاقة الروسية.
وفي عام 2022، صدرت إسرائيل 5.81 مليارات متر مكعب من الغاز إلى مصر، وهو رقم قياسي. كما وقعت مصر وإسرائيل والاتحاد الأوروبي "اتفاقية تاريخية" في يونيو/حزيران من العام الماضي لتعزيز صادرات الغاز إلى الاتحاد الأوروبي، وفي أغسطس/آب، وافقت إسرائيل على زيادة أخرى في صادرات الغاز إلى مصر. ويرى محللون، أن التعامل مع مثل هذه الزيادة في تدفق الغاز الإسرائيلي يتطلب تحديث البنية التحتية، والتي من المتوقع أن تكتمل بحلول عام 2025 أو 2026.
ويقول محللون، لكي تتمكن مصر من إعادة تصدير الغاز القبرصي، إلى أوروبا، فإن ذلك يتطلب بناء خط أنابيب من حقول الغاز في قبرص إلى مصر. ولكن مثل هذا الأنبوب لن يكون ممكناً في ظل الغضب الشديد لشعوب المنطقة من المجازر الوحشية التي ارتكبتها إسرائيل بحق الأطفال والنساء في قطاع غزة.
وحسب التقرير، تتركز مخاوف أوروبا حالياً من تطور الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة التي أثارت احتجاجات شعبية واسعة في الدول العربية، خاصة في كل من مصر والجزائر وتونس والأردن. وكانت إسرائيل تسعى لإنشاء خط أنابيب يمتد من إسرائيل عبر تركيا وتجميع الغاز بمنطقة البحر المتوسط الموجود باحتياطيات كبيرة وتصديره إلى أوروبا، ولكن يبدو أن العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة وتطوراته سيوقف مثل هذا الخطط التصديري لأوروبا. أما العامل الثاني الذي يجعل أوروبا قلقة من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، فهو توقف واردات مصر من الغاز الإسرائيلي بسبب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وهو ما أدى إلى حاجة مصر نفسها للغاز لتوليد الكهرباء بدلاً من تصديره.
وفي نهاية الأسبوع الماضي، أعلنت الحكومة المصرية تعليق جميع وارداتها من الغاز الطبيعي من إسرائيل بسبب القصف الوحشي الإسرائيلي على الأبرياء في قطاع غزة. وفي الوقت نفسه، أكدت القاهرة تمديد انقطاعات الكهرباء الموجودة مسبقًا بسبب ارتفاع الطلب على الغاز الذي يفوق المعروض منه.
وتجد مصر نفسها الآن في وضع محفوف بالمخاطر، حيث تشهد توقفًا مفاجئًا في واردات الغاز من إسرائيل التي تصل إلى حوالي 800 مليون قدم مكعبة يوميًا. وحسب التقرير، يتفاقم هذا الاضطراب بسبب زيادة الطلب على الكهرباء بعد إغلاق حقل غاز تمار البحري الإسرائيلي منذ تنفيذ عملية "فيضان الأقصى"، كما تؤدي التهديدات الأمنية المتزايدة بسبب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة إلى زيادة تعرض الإنتاج البحري المتبقي من الغاز الإسرائيلي للخطر.
وكانت مصر تستورد الغاز الطبيعي من إسرائيل، وذلك في المقام الأول لتلبية الطلب المحلي المتزايد مع الاستعداد أيضًا لتصدير الغاز الطبيعي المسال على نطاق واسع. ويذكر أن شركة شيفرون، المشغلة لحقل تمار الإسرائيلي للغاز، قد التزمت في السابق بتوريد كميات إلى مصر. كما تزايد التفاؤل بشأن صادرات مصر من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، بعد تصريحات شركة النفط والغاز الإيطالية الكبرى إيني، التي توقعت استئناف صادرات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا بسبب انخفاض الطلب المحلي المصري.