أوروبا القلقة وسقوط اليونان

05 فبراير 2015
أوروبا لن تسمح بإفلاس اليونان (أرشيف/GETTY)
+ الخط -


في عام 2011، صحا العالم على كابوس اسمه أزمة ديون اليونان وما تبعه من تداعيات خطيرة منها هروب المستثمرين من أسواقها وسنداتها وبورصاتها، وحدوث انهيار في قطاعها المالي وإفلاس مصارف كبرى بها عقب عمليات سحب جماعية للودائع وأزمة سيولة حادة، ودخلت البلاد في نفق مظلم كاد أن يؤدي لإفلاسها بسبب عجزها عن سداد ديونها الخارجية.

عندها سارعت دول منطقة اليورو ومؤسسات دولية، منها صندوق النقد الدولي والمصرف المركزي الأوروبي، لإنقاذ اليونان والحيلولة دون انهيارها مع إلزامها بتطبيق خطة تقشفية صارمة مقابل مساعدات مالية مكّنتها من سداد ديونها.

وفي عام 2015، عادت مخاوف إفلاس اليونان عقب تسلّم رئيس الوزراء اليساري أليكسس تيسبيراس زمام الحكم في أثينا، ورفضه تنفيذ برنامج التقشف وبيع شركات القطاع العام، وهو البرنامج الذي أنقذ البلاد من الإفلاس في يونيو 2011.

وجاءت هذه المخاوف عقب تحركات عدة منها رفض الاتحاد الأوروبي التفاوض على بنود برنامج الإنقاذ، وهو المطلب الذى طالب به تيسبيراس، واستبعدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أي شطب جديد لدين اليونان، بل وذهبت لأبعد من ذلك حينما قالت إنها لا تمانع خروج اليونان من منطقة اليورو في حال إعادة النظر في سياسة التقشف المالي التي طبقتها قبل أكثر من 3 سنوات، ورفضت فرنسا أيضاً إعفاء اليونان من ديونها، وكذا دول أوروبية أخري.

وأمس، حرم البنك المركزي الأوروبي المصارف اليونانية من مصدر تمويل رئيسي حينما علّق العمل بإجراء استثنائي كان يتيح لهذه المصارف اقتراض الأموال منه بضمانات أقل، مع نقل عبء قبول السندات اليونانية مقابل التمويل للبنك المركزي اليوناني.

وما بين الفترتين (2011-2015)، شهدت اليونان تطورات مخيفة، منها حدوث ارتفاع قياسي في معدل عجز الموازنة وتصاعد حجم الدين العام وزيادة معدلات الفقر والبطالة والتضخم ومعدلات الانتحار التي ارتفعت بأكثر من 35%.

السؤال: ما الذي تغيّر في المشهد الأوروبي حيال اليونان في العام 2015 عن العام 2011؟ وهل بدأ العد التنازلي لإفلاس اليونان؟ وما الذي جعل دول منطقة اليورو تنفض أيديها من مساندة أثينا فى هذا التوقيت بالذات في الوقت الذى قدمت لها مليارات الدولارات قبل أكثر من 3 سنوات؟

وهل باتت الأزمة اليونانية وتبعاتها المالية أكبر من أن تتحمّلها دول اليورو خاصة وأن دولاً أوروبية أخري مثل فرنسا وإيطاليا والبرتغال وأسبانيا وقبرص، ذات المديونيات العالية، باتت تعاني من أزمات اقتصادية ربما تفوق تكلفتها تكلفة حل الأزمة اليونانية في العام 2011 والبالغة 300 مليار دولار؟

والسؤال الأخطر هو: هل ورط الرئيس الأميركي، باراك أوباما، رئيس الوزراء اليساري أليكسس تيسبيراس الجديد عبر تصريحات قال فيها إن اليونان لن تحقق نهوضاً اقتصادياً قوياً إذا لم تخفف السلطات إجراءات التقشف، وهو ما شجع تيسبيراس علي الإعلان عن الغاء خطة التقشف بالفعل عقب فوزه في الانتخابات.

أوروبا لن تسمح بإفلاس اليونان، لأن هذا قد يفتح نار جهنم عليها، وما حدث لسعر اليورو أمام الدولار والسندات والبورصات الأوروبية أخيراً أبرز مثال على ذلك، وفي نفس الوقت نجد أن أوروبا غير قادرة علي تدبير مئات المليارات من الدولارات لتمويل خطط انقاذ أخري سواء كانت اليونان أو غيرها من دول منطقة اليورو.

اليونان في موقف صعب ودول منطقة اليورو في موقف أصعب لأنه ليس من مصلحتها انفصال أحد أعضائها حتي لو كان عضواً صغيراً مثل اليونان، والأزمة مفتوحة علي كل الاحتمالات.

المساهمون