أنقرة تؤكد الحظر التركي لتصدير مواد البناء إلى إسرائيل

12 مايو 2024
مرفأ تجاري في تركيا، 2 ديسمبر 2021 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الحكومة التركية تنفي التصريحات الإسرائيلية حول تخفيف الحظر على صادرات مواد البناء إلى إسرائيل، مؤكدة على استمرار الحظر حتى تحقيق شروط معينة تتعلق بوقف الهجمات على غزة.
- وزير التجارة التركي ومديرية الاتصالات يشددان على أن الادعاءات الإسرائيلية خيالية ولا أساس لها من الصحة، مع استمرار منع التجارة مع إسرائيل حتى تحقيق الشروط التركية.
- التصعيد التركي يعكس قطع كامل العلاقات التجارية مع إسرائيل حتى السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة بلا قيود، مما يعكس دعم تركيا للقضية الفلسطينية وتشجيع الدول الإسلامية على مواقف مماثلة.

نفت الحكومة التركية تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، الذي أعلن تخفيف الحظر التركي وتجدد صادرات مواد البناء، ووصفتها بأنها كاذبة. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن وزارة التجارة التركية وزعت توجيهًا على مصدري مواد البناء إلى إسرائيل بالسماح لهم باستئناف التجارة لمدة ثلاثة أشهر، على الرغم من الحظر الشامل الذي أعلنته تركيا على الصادرات إلى إسرائيل. "لكن التقارير الواردة في الصحافة ووسائل الإعلام الإسرائيلية، وكذلك الإعلان شديد اللهجة الصادر عن وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، أدت إلى إلغاء التخفيف"، وفق موقع "كالكاليست" الإسرائيلي.

وفي إشارة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قال كاتس إن "أردوغان تراجع وألغى العديد من القيود على التجارة، والدرس واضح: يجب ألا يكون هناك استسلام لتهديداته (..)، وعلينا أن نخلق بدائل وألا نستسلم"، وفق تعبيره. إلا أن وزير التجارة التركي عمر بولاط أكد على مواقع التواصل الاجتماعي أن "تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي خيالية تمامًا ولا علاقة لها بالواقع. نحن نقف وراء القرار الذي اتخذناه بوصفنا حكومةً بشأن التجارة مع إسرائيل. وهذا القرار لا يزال ساريًا".

وقال بولاط إن الحظر التركي سيظل ساري المفعول حتى "تحقيق الشروط اللازمة لوقف الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة وتحقيق وقف دائم لإطلاق النار وضمان توصيل المساعدات الإنسانية من  دون انقطاع".

نفي وقف الحظر التركي

ووصفت مديرية الاتصالات التركية، برئاسة فخر الدين ألتون، المقرب من أردوغان، تصريح كاتس والتقارير الواردة في وسائل الإعلام الإسرائيلية عن تخفيف الحظر التركي، بأنها أخبار كاذبة. وقال "كالكاليست" إن البضائع لا تزال تنتقل من تركيا إلى إسرائيل، ولو بكميات أقل بكثير من السابق، إما عبر دول ثالثة، وإما على متن سفن تقوم بإيقاف تشغيل نظام الإبلاغ عن المواقع الخاص بها حتى تكون بالفعل متجهة غربًا مرة أخرى من إسرائيل. 

ونفى مصدر مسؤول في حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا ما تناقلته وسائل إعلام حول السماح بتصدير المنتجات التركية إلى إسرائيل عبر دولة ثالثة، مؤكدًا لـ"العربي الجديد" أنه لا تصدير للمنتجات التركية، مباشرة أو عبر وسطاء وأراض أخرى، إلا بعد تنفيذ الشروط التركية بإدخال المساعدات إلى سكان غزة ووقف إطلاق النار.

وحول ما تناقلته مصادر إسرائيلية حول إلغاء الحظر التركي، يؤكد المصدر الخاص أن حجة الخاسر، بعد ظهور أثر "العقوبات التركية" على جميع القطاعات الإسرائيلية، أنه يقلب الحقائق ويحاول عبر وسائل إعلامية تزوير الحقائق وادعاء أن الموقف التركي تراجع وجرى رفع القيود على التجارة.  

ويضيف مصدر الحزب الحاكم في تركيا أن بلاده "لم تتنازل ولن تتنازل عن العقوبات، بل هي مستمرة حتى وقف إطلاق النار"، كاشفاً لـ"العربي الجديد" عن أن جميع الموانئ التركية مغلقة في وجه جميع السفن الإسرائيلية "بمعنى لا استيراد أيضاً".

ويبيّن المصدر المسؤول أن تركيا تشترط خلال منح شهادة المنشأ للمنتجات التركية أن لا تذهب البضائع لإسرائيل، ولو عبر دولة ثالثة، نافياً المزاعم الإسرائيلية وما تناقلته أمس بعض القنوات العربية. 

التصعيد التركي

وكانت وزارة التجارة التركية قد أكدت، الأسبوع الماضي، قطع كامل العلاقات التجارية مع إسرائيل، معلنة وقفاً كاملاً للتعاملات التجارية مع دولة الاحتلال، إلى حين السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بلا قيود. 

وأضافت الوزارة أن قرارات الحظر التركي جاء بوصفها مرحلة ثانية، بعد إجراءات تقييد تصدير 54 منتجًا الشهر الماضي، مؤكدة تطبيق القرارات "بصرامة وحسم حتى يتم وقف إطلاق النار وتسمح إسرائيل دخول المساعدات إلى غزة من دون انقطاع". 

وجاء تصعيد تركيا بعد قرارات تقييد الصادرات ضمن عقوبات المرحلة الأولى في التاسع من إبريل/ نيسان الماضي، وقت قيدت تصدير حديد الإنشاءات والفولاذ المسطح والرخام والسيراميك، إضافة إلى جميع منتجات الصلب الطويلة والمسطحة، والأنابيب الفولاذية ومقاطع الألمنيوم وأسلاكه، لكن عقوبات المرحلة الأولى لم ترق لمطالب الشارع التركي، كما يقول المحلل التركي، باكير أتاجان، ما دفع أنقرة برأيه إلى "قطع كامل العلاقات الاقتصادية واشتراط عودتها بوقف إطلاق النار في غزة وتمرير المساعدات الإنسانية من دون تعقيد".

ويؤكد أتاجان، خلال تصريح سابق لـ"العربي الجديد"، أن بلاده "تأخرت بهذا القرار، ولو أخذت قرارات  كهذه وقطعت العلاقات منذ بداية الحرب والوحشية الإسرائيلية، بعيداً عن أعذار صعوبة إيصال المساعدات إلى الفلسطينيين، لربما كانت الآثار أكبر وحرضت دولاً أخرى، عربية وإسلامية، على التصعيد وقطع العلاقات مع إسرائيل. وقتذاك، سيكون للقرارات آثار قد تثني إسرائيل عن جرائمها، من جهة، وتقطع الطريق عليها في إيجاد بدائل بالمنطقة"، مقترحاً التنسيق مع دول الإقليم لتؤتي المقاطعة والعقوبات أُكُلها. وهو ما أشارت إليه صحيفة "يني شفق" التركية أمس، مشيرة إلى أن العقوبات الاقتصادية التي فرضتها تركيا على إسرائيل تشجع الدول الأخرى الداعمة لفلسطين. 

واعتبرت "يني شفق" أن الموقف التركي كان له أبعاد إيجابية في تشجيع الدول الإسلامية على اتخاذ قرارات مناصرة للشعب الفلسطيني. ففي اجتماع دول منظمة التعاون الإسلامي في القمة الـ15 التي عُقدت في العاصمة الغامبية بانجول، قررت 5 دول أفريقية إنهاء عمليات الشحن البري مع إسرائيل، حيث منعت سفنها من التوجه إلى الموانئ الإسرائيلية، كما أعلنت رفضها استقبال السفن الإسرائيلية في موانئها. 

ويذكر أن قيمة التجارة التركية مع إسرائيل بلغت العام الماضي، بحسب معهد الإحصاء التركي الرسمي، نحو 6.8 مليارات دولار، منها 76% صادرات تركية، لكن الصادرات التركية إلى إسرائيل، بحسب المصدر نفسه، تراجعت سنوياً بنسبة 28% إلى 1.9 مليار دولار خلال الأشهر الخمسة الأولى من الحرب. وتشكل السلع المصنعة، التي تشمل مواد البناء، العنصر الأكبر من تلك الصادرات، حيث تمثل ثلث المبلغ الذي شُحن في الشهرين الأولين من العام والذي تبلغ قيمته 714 مليون دولار. 

المساهمون