ألمانيا تكشف عن استراتيجية جديدة للتعامل مع الصين

13 يوليو 2023
المستشار الألماني أولاف شولتز (فرانس برس)
+ الخط -

كشفت ألمانيا الخميس عن خطة استراتيجية جديدة للتعامل مع نهج الصين الذي يزداد "تشددا"، وذلك بعد ثلاثة أشهر من نقاشات حامية حول مقاربة برلين تجاه أكبر شريك تجاري لها.

وكتب المستشار الألماني أولاف شولتز في تغريدة: "هدفنا ليس الانفصال عن (الصين)، لكننا نريد خفض الاعتماد الاقتصادي في المستقبل". وعرض الاستراتيجية الجديدة، قائلا إنها تأتي ردا على "الصين التي تغيرت وتبدي تشددا متزايدا".

من جهتها، قالت وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك إن السياسة التي قالت الحكومة إنها ستكون ضمن مقاربة الاتحاد الأوروبي للتعامل مع الصين، تهدف إلى أن "تكون واقعية لكن ليس ساذجة".

وجاءت الوثيقة بعد أشهر من المداولات داخل الحكومة الألمانية حول استراتيجيتها حيال الصين.

وفيما دعت بيربوك، وهي من حزب الخضر إلى اتخاذ موقف أكثر تشددا حيال بكين والتركيز أكثر على حقوق الإنسان، أيد شولتز، وهو من الحزب الاجتماعي الديمقراطي، موقفا أكثر ليونة.

وتمثل سياسة الصين الجديدة توازنا دقيقا بين الاثنين داخل الحكومة الائتلافية، وتصف بكين بأنها "شريك ومنافس نُظمي".

وجاء في الوثيقة أن "الصين هي أكبر شريك تجاري منفرد لألمانيا، لكن في حين يتراجع اعتماد الصين على أوروبا باستمرار، ازداد اعتماد ألمانيا على الصين في السنوات الأخيرة".

وقالت الحكومة إنها لا تعتزم "عرقلة التقدم الاقتصادي والتنموي في الصين" لكن "في الوقت نفسه، هناك حاجة ماسة لخفض المخاطر".

وأضافت الوثيقة أن برلين "تراقب بقلق كيف تسعى الصين للتأثير على النظام الدولي بما يتماشى مع مصالح نظام الحزب الواحد، وبالتالي التقليل من شأن أسس النظام الدولي القائم على القوانين مثل وضع حقوق الإنسان".

أكبر تهديد

وإثر تضررها بسبب اعتمادها على الغاز الروسي، والخلل في سلاسل الإمدادات خلال فترة وباء كوفيد-19، كثفت ألمانيا الجهود لتنويع مصادرها بعيدا عن الصين.

وكانت ألمانيا قد اتهمت الصين، في أول استراتيجية للأمن القومي كشفت عنها الشهر الماضي، بالعمل ضد المصالح الألمانية وتعريض الأمن الدولي "لضغط متزايد" والازدراء بحقوق الإنسان.

أيضاً أشار تقرير، أصدرته وكالة الاستخبارات الألمانية، إلى الصين باعتبارها "أكبر تهديد في ما يتصل بالتجسس الاقتصادي والعلمي والاستثمارات الأجنبية المباشرة في ألمانيا".

وأثار هذا النهج المتشدد قلق بكين، لكنه أثار أيضا مخاوف في الصناعة الألمانية التي أصبحت تعتمد بشكل متزايد على الصين.

حددت الشركات الألمانية العملاقة، مثل فولكسفاغن وسيمنز، في الأشهر الأخيرة استراتيجيات نمو تعتمد بشكل كبير على السوق الصينية.

وأكد شولتز أن ألمانيا "لا تريد الفصل، وإنما تريد خفض المخاطر".

لكنه شدد على تحرك برلين لتنويع الشركاء التجاريين، قائلا إن ألمانيا "ملتزمة بتوسيع علاقاتنا الاقتصادية مع آسيا وخارجها".

وبعدما شددت الولايات المتحدة سياساتها الاقتصادية ضد الصين، تتخوف بكين من أن يسير أكبر شريك لها في الاتحاد الأوروبي في نفس الاتجاه، مستخدماً الحديث الظاهر عن "خفض المخاطر" لفصل نفسه تدريجيا عن الاقتصاد الآسيوي.

كما أكد لي تشيانغ الذي زار ألمانيا الشهر الماضي، في أول رحلة له إلى الخارج منذ تعيينه رئيسا لوزراء الصين، تشديد بكين على تحسين العلاقات مع الاتحاد الأوروبي مع تصاعد الانتقادات من هذا التكتل.

لكنه حذر برلين من "استخدام خفض المخاطر كتسمية لتنفيذ الفصل"، وطالب "بتكافؤ الفرص" للشركات الصينية.

وتعد العلاقات الاقتصادية بين الصين وألمانيا واحدة من أهم العلاقات الثنائية في العالم اليوم، ويعود تاريخها إلى عقود، وتشهد تطورًا مستمرًا على مدار السنوات الأخيرة.

وفي حين تتصدر الصين قائمة الشركاء التجاريين لألمانيا في آسيا، تُعد ألمانيا الشريك التجاري الأول للصين في الاتحاد الأوروبي.

وتستثمر الشركات الألمانية في العديد من القطاعات في الصين، بما في ذلك السيارات، والتكنولوجيا، والطاقة المتجددة. وعلى الجانب الآخر، تستثمر الشركات الصينية في ألمانيا في القطاعات المختلفة، بما في ذلك التكنولوجيا العالية والصناعات المتقدمة.

وتطورت العلاقات بين الصين وألمانيا خلال السنوات الأخيرة لتشمل العديد من الشراكات الاستراتيجية في مجالات متنوعة، تشمل التكنولوجيا النظيفة والسيارات الكهربائية والذكاء الاصطناعي والتعاون البحثي والتطوير.

وعلى الرغم من وجود علاقات قوية، فإن هناك بعض التحديات والمخاوف في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، تشمل قضايا حقوق الملكية الفكرية، وقضايا التجارة غير العادلة، والمنافسة غير النزيهة، والاختلافات في الأنظمة الاقتصادية والتنظيمية.

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون