جاء قرار المحكمة الدستورية في وارسو، بإعطاء الأسبقية للقوانين البولندية على المعاهدات، ليفجر أزمة مع الاتحاد الأوروبي، حيث تعالت الأصوات في بروكسل التي تطالب بفرض عقوبات قاسية بحق الدولة العضو في الاتحاد، من بينها التلويح بتجميد عضويتها في التكتل، بالتزامن مع تأزم الوضع أيضا مع المجر.
هذه الطروحات استدعت تحذيرات من اقتصاديين ألمان بضرورة عدم التضييق على دول شرق أوروبا، التي تولد نمواً مذهلاً مقارنة بدول غرب أوروبا، كما أن للعديد من الدول الأوروبية مصالح اقتصادية وتجارية واستثمارية فيها، وفي مقدمتها ألمانيا.
وفي هذا الإطار، أشارت صحيفة هاندلسبلات الألمانية أخيراً، إلى أن التعامل بشعبوية مع دول شرق أوروبا سيكون له عواقب اقتصادية مدمرة، خاصة أن هذه الدول تنمو بعد أزمة كورونا بشكل أسرع بكثير من دول منطقة اليورو، والشركات الألمانية تستثمر الكثير من الأموال منذ سنوات سواء في المجر ورومانيا، وكذلك وارسو عاصمة بولندا التي يفصلها فقط طريق حدود داخلية للاتحاد الأوروبي، حيث لا توجد الكثير من الضوابط.
ولفتت الصحيفة الألمانية إلى أن معظم المجموعات الصناعية الألمانية أو الشركة متوسطة الحجم لها مواقع إنتاج في الدول الشرقية. وفي السياق، قال رئيس اللجنة الاقتصادية الألمانية للتعاون مع الدول الشرقية إن "هذه المنطقة هي المحرك للاقتصاد الألماني"، مشيرا إلى أنه في الربع الأول من العام الجاري نمت التجارة الألمانية مع 29 دولة أوروبية شريكة بنسبة 6.7%، أي ثلاثة أضعاف التجارة الخارجية الألمانية ككل، وهذه العمليات سوف تتسارع.
وأبرزت هاندلسبلات أن بولندا أصبحت ثالث أكبر مورد لألمانيا بعد الصين وهولندا ومتقدمة على الولايات المتحدة، وأن دول فيسغراد الأربعة بولندا وتشيكيا والمجر وسلوفاكيا جمعيها دول مهمة ليس فقط لصناعة السيارات الألمانية، وإنما لديها تجارة مع ألمانيا، أكبر من الصين والولايات المتحدة.
واعتبر الخبير الاقتصادي يورغن ماتيس، في مقال للمجلة الاقتصادية ماكرونوم أخيراً، أن الاتحاد الأوروبي يواجه التحدي المتمثل في الحفاظ على الأسواق المفتوحة قدر الإمكان وتطوير سياسته التجارية بطريقة موجهة نحو المستقبل من أجل مصلحته الخاصة، مع تحديد الأولويات الاستراتيجية.