أفغانستان: تصاعد الخلافات بين الحكومة والبرلمان حول الميزانية

09 فبراير 2021
أسواق أفغانستان تعاني من الغلاء (فرانس برس)
+ الخط -

ما يشغل الشارع الأفغاني، خلال الفترة الأخيرة، الخلاف المتواصل منذ أسابيع بين الحكومة والبرلمان، بشأن ميزانية العام الجديد.

وكان تأييد رئيس البرلمان، مير رحمن رحماني، أحد كبار رجال الأعمال في البلاد، تشكيل حكومة مؤقتة من أجل الوصول إلى حل مع طالبان، بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير.
وصادق المجلس الوزاري على ميزانية العام الجديد، بعد أن رفضها البرلمان مرتين بحجة فقدان التعادل في رواتب الموظفين في الحكومة وعدم رفع مرتبات المعلمين.
وقالت الرئاسة الأفغانية، في بيان لها في 4 فبراير، إن المجلس الوزاري الذي ترأسه الرئيس أشرف غني صادق على مسودة الميزانية للعام الجديد، بعد أن أجرت وزارة المالية فيها بعض التعديلات، مؤكدا أن القائم بأعمال وزير المالية، محمد خالد باينده، قدم المسودة الثالثة للميزانية أمام المجلس، وقدّم الأخير بدوره اقتراحات من أجل ترضية البرلمان، مؤكدا أن في المسودة الأخيرة تم حذف مشروع المائدة لعامة الأفغان، والتي من خلالها كانت تعتزم الحكومة توزيع مساعدات الحياة الأولية على المواطنين.
كما قال الناطق باسم وزارة المالية، فريد نوخت، في مؤتمر صحافي عقد قبل أيام، أن الوزارة أجرت تعديلات في مسودة الميزانية للمرة الثالثة، وأنها ستقدم للبرلمان مرة أخرى في القريب العاجل.
بيد أن مسؤولا في وزارة المالية، فضل عدم الكشف عن هويته، يقول لـ"العربي الجديد"، إن "إجراء التعديلات وفق مطالب البرلمان لا يمكن. نعم، هناك تعديلات أجريت، لا سيما بخصوص الميزانية الاحتياطية والمخصصة للرئاسة والوزارات، لكن فيما يتعلق بالتعادل في الرواتب هذا لا يمكن إجراؤه، ما يشير إلى أن الجدل قد يستمر".
على الضفة الأخرى، يبدو أن البرلمان مصمم على المضي قدما في رفض مشروع الموازنة الجديدة، رغم أن موقفه أصبح هشا بعد وقوع خلافات بين أعضائه، بسبب إعلان رئيس البرلمان تأييده لفكرة الحكومة المؤقتة التي تحل محل حكومة الرئيس أشرف غني، لأجل التصالح مع طالبان.
وفي الرابع من الشهر الجاري، قال رئيس البرلمان، في كلمة له أمام جلسة البرلمان، إن المؤسسة التشريعية تسعى لتأمين العدالة بين الأطياف المختلفة في البلاد. لقد ظلم السابق المعلمين والموظفين وهم ينتظرون الآن أن يتم رفع رواتبهم، متهما الحكومة بخلق الانشقاقات بين أعضاء البرلمان بدل تلبية المطالب.


كما قال في الجلسة نفسها عضو البرلمان، وهو مسؤول المباحثات بشأن الميزانية، سيد عظيم كبرزاني، أن جزءا من المشكلة شكلته المؤسسات الدولية، إذ أن بعضها تدفع رواتب مئات الموظفين بالدولار، بينما الموظفون الآخرون يحصلون عليها بالعملة الأفغانية، ما يؤدي إلى فقدان التعادل، ملوحا إلى أن البرلمان يخصص لجنة للحديث مع تلك المؤسسات.
وثمة من يرى أن السبب الأساسي وراء رفض البرلمان للميزانية هو سلب الحكومة مشاريع الوقود من يد رئيس البرلمان ونجله، أجمل رحماني، حيث إن شركات تابعة لهما كانت توفر الوقود للقوات المسلحة، وكانا يأخذان ثمنها من القوات الدولية. الآن الحكومة وضعت ذلك ضمن الميزانية لوزارتي الدفاع والداخلية، ما يعني أن تلك المشاريع ستخرج من يد هؤلاء.
وتعليقا على انقسامات البرلمان والجدل مع الحكومة حول الميزانية، يقول أستاذ الدراسات الاقتصادية في جامعة سلام، عبد الله صادق، لـ"العربي الجديد"، إن هناك حلا وسطا للقضية، وهو أن تخفض الحكومة مصاريف ورواتب كبار المسؤولين، وترفع قليلا رواتب المعلمين والموظفين، لكنه يرى أن البرلمان لن يستمر في موقفه بعد إحداث شرخ بداخله.
وتوزعت آراء الشارع الأفغاني حيال القضية، حيث سيرت مظاهرات في مختلف مناطق البلاد شاركت فيه أعداد كبيرة من الموظفين والمعلمين، تأييدا لموقف البرلمان، مطالبين إياه بالمضي قدما إلى الأمام والإصرار على الموقف.
يقول المعلم ذين الله خان، الذي يتقاضى راتبا قدره 9 آلاف أفغاني، (الدولار = نحو 77 أفغاني) لـ"العربي الجديد"، إن عدم التعادل في مرتبات المعلمين والموظفين ضيم في حق الطبقة الفقيرة، وما يقوم به البرلمان أمر نشيد به ونقدّره.
عكس هذا الرأي، قال الناشط الأفغاني نور الله زيرك، إن قضية مرتبات المعلمين والموظفين مسيّسة، وإن رحماني وأعضاء من البرلمان لا يرغبون في مصالح فقراء البلاد والمعلمين والموظفين، ولكنهم يرفضون الميزانية بسبب التغيرات في مشاريع الوقود.
كذا كتبت الناشطة مقدسه أحمد زاي على صفحتها في "فيسبوك"، قائلة إن وراء قضية الرواتب التي بموجبها رفض البرلمان الميزانية أسبابا أخرى، وهو ما يثبته موقف رئيس البرلمان، مشيرة إلى أن القضية الأساسية هي أن الحكومة ضمت تكلفة الوقود للقوات الأفغانية إلى الميزانية.

المساهمون