بدأت شركات المحاماة ومدراء صناديق الثروة في الولايات المتحدة التربح من الانتخابات الأميركية مبكراً وحتى قبل بدء التصويت، وحث الأثرياء على حماية ثرواتهم من احتمال فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن برئاسة الولايات المتحدة في انتخابات الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني.
وينصح خبراء في الثروة والإجراءات القانونية الخاصة بضرائب الثروة الأغنياء في الولايات المتحدة باتخاذ خطوات عاجلة لحماية أموالهم من الضرائب في حال فوز الحزب الديمقراطي بأغلبية في مجلسي النواب والكونغرس الذي يقر التشريعات في البلاد.
وهنالك حماسة شديدة بين الفاعلين في الحزب الديمقراطي بردم فجوة الدخول بين الأثرياء والفقراء في الولايات المتحدة، وهو ما سيعني أن جو بايدن في حال اكتساح الحزب الديمقراطي لمجلسي الكونغرس سيتمكن سريعاً من إقرار مقترحه الخاص بفرض ضريبة الثروة على الشركات والأغنياء في الولايات المتحدة.
ورغم أن المرشح الديمقراطي جو بايدن لم يعلن بعد عن مشروع تفصيلي للضرائب على الأثرياء والشركات، ولكنه أقترح في برنامجه الانتخابي مجموعة من الوسائل لزيادة الدخل الحكومي بما سيمكنه من الإنفاق على مشاريع الصحة والبنية التحتية والبيئة النظيفة. وتستهدف جميع مقترحات بايدن لزيادة الدخل الحكومي رفع الضرائب على الشركات الأميركية وأصحاب الثروات.
ووفق حسابات وكالة موديز الأميركية للتصنيف الائتماني، فإن الحكومة الأميركية ستتمكن عبر زيادة الضرائب على الشركات والأفراد الذين يزيد دخلهم في العام عن 400 ألف دولار، من جمع ضرائب إضافية تقدر بنحو 4.1 ترليونات دولار خلال عشر سنوات، كما ستتمكن كذلك من جمع 267 مليار دولار من الضرائب على العقارات الفخمة التي يزيد سعرها عن 3.5 ملايين دولار. ومن بين المقترحات الأخرى التي طرحها جو بايدن فرض ضريبة بنسبة 40% على العقارات الفخمة.
وفي هذا الشأن، تقترح بنوك استثمار وشركات متخصصة في إدارة الثروات على الأغنياء الاستفادة من قانون الضرائب على العقارات والأصول الذي أقره الرئيس الأميركي دونالد ترامب في العام 2017 لصالح أصحاب الثروة. وهو قانون رفع الإعفاء الضريبي على الثروة التي يمكن أن تمرر للأبناء من 11.58 مليون دولار إلى 23.16 مليون دولار.
وقال الخبير بشركة "ميلون ويلث منجمنت"، الأميركي جبري دويل: "لقد أبلغنا الأثرياء بضرورة الاستفادة من قانون الإعفاء الضريبي قبل أن يتم تعديله في حال فوز الحزب الديمقراطي ... وقلنا لهم استخدموا هذه الميزة الآن، أو أنكم ستخسرون جزءاً من ثرواتكم".
ويرى خبراء في هذا الصدد، أنه في حال انتظار الأثرياء إلى حين إعلان نتيجة الانتخابات الأميركية ربما لن يتمكنوا من تحويل جزء من أصولهم إلى أبنائهم قبل تغيير قانون الإعفاء، وذلك ببساطة لأن الإجراءات القانونية والإدارية وعملية تحديد نوعية الأصول التي ستحول للأبناء ستأخذ وقتاً. وتتم هذه العمليات من الناحية القانونية.
في هذا الصدد، قال الخبير بشركة ويزرس للمحاماة بنيويورك، إدوارد رين: "هنالك سيل من طلبات الأثرياء تصلنا لتحويل جزء من أصولهم إلى أبنائهم، ولذا نقول للأثرياء أسرعوا واحضروا إلينا لأن الوقت ضيق ولن يكون لدينا وقت لكم في المستقبل".
ووفق رين، فإن أنسب الوسائل لتحويل الثروة للأبناء هي إنشاء "صندوق استئماني" للورثة أو إقراضها بشكل مباشر للأبناء. ويقول إنه في حال فوز جو بايدن واكتساح الديمقراطيين للمجلسين في الكونغرس يمكن للأثرياء كتابة خطابات مباشرة بإعفاء القروض أو الديون على الأبناء.
وطبقاً لصحيفة نيويورك تايمز، استفاد مليونيرات الولايات المتحدة من الدعم الذي قدمته إدارة ترامب خلال جائحة كورونا بشكل أكبر من غيرهم، مثل الإعفاءات الضريبية التي منحت للشركات التي تحقق دخلاً أعلى من 25 مليون دولار سنوياً.
وتقول لجنة الضرائب بالكونغرس الأميركي إن 80% من الإعفاءات الضريبية المطروحة خلال الأزمة ذهبت لمن يربحون أكثر من مليون دولار سنوياً والبالغ عددهم 43 ألف شخص فقط. وتكلف هذه الإعفاءات الدولة نحو 90 مليار دولار خلال العام الجاري وحده.
كما عمل مصرف الاحتياط الفدرالي (البنك المركزي الأميركي)، على زيادة ثروات الأغنياء، عبر خفض سعر الفائدة، وإتاحة الأموال المجانية عبر برامج إعادة شراء القروض القصيرة، وشراء ديون الشركات لحمايتها من الوقوع في براثن الإفلاس.
ولاحظت دراسة أصدرتها شركة تدقيق الحسابات "برايس ووتر هاوس" ومصرف "يو بي أس" السويسري أن ثروات المليارديرات في العالم ارتفعت إلى أعلى مستوياتها لتصل قيمتها إلى 10.2 ترليونات دولار في نهاية يوليو/ تموز الماضي.
وعلى رأس الذين استفادوا من عمليات التحفيز في العالم أغنياء الولايات المتحدة، إذ ارتفعت ثروات ثمانية مليارديرات أميركيين بمقدار ترليون دولار خلال الجائحة، ومن أبرز هؤلاء الثمانية ثلاثة مليارديرات، هم إريك يوان رئيس مجلس إدارة منصة زووم الرقمية للاجتماعات، الذي تضاعفت ثروته بمقدار النصف لتصل إلى 7.57 مليارات دولار، وإيلون ماسك رئيس شركة تسلا، الذي جنى 8 مليارات دولار، وجيف بيزوس رئيس شركة أمازون للتسوق الرقمي، الذي ارتفعت ثروته بمقدار 25 مليار دولار منذ بداية العام الجاري. ويبدو أن الأثرياء الذين يدعمون بقوة حملة جو بايدن يعملون على الاستفادة من الإعفاءات الضريبية التي أقرها ترامب خلال السنوات الماضية.