يعيش اللبنانيون منذ أيامٍ أزمة كهرباء حادّة في ظلّ تأخر وصول شحنة الفيول العراقي إلى لبنان وسط وعودٍ من جانب المسؤولين بتأمين المواد قبل نهاية العام الجاري.
وعمّت العتمة شبه الشاملة المنازل بالدرجة الأولى في ظل تدابير استثنائية اتخذتها شركة كهرباء لبنان أعطت فيها الأولوية للمرافق الحيوية الأساسية مثل المطار والمرفأ والسجون وغيرها، وذلك بهدف إطالة فترة انتاج الطاقة ضمن المواد المتوفرة حتى وصول الشحنة.
ورفع المواطنون الصوت عالياً في ظلّ حرمانهم من الكهرباء التي انعكست مباشرة بأزمة مياه في فترة الأعياد وبظلّ طقسٍ باردٍ وعاصفٍ الأمر الذي دفعهم إلى تكبّد مصاريف إضافية لعدّادات المولدات الخاصة بغية إنارة منازلهم وتشغيل وسائل التدفئة الكهربائية.
وقال عددٌ من سكان شمال بيروت لـ"العربي الجديد" إن "كهرباء الدولة مقطوعة منذ أكثر من عشرة أيامٍ، ما يعني تلقائياً ارتفاعاً كبيراً في فاتورة المولدات الخاصة، خصوصاً أن المصروف يزيد أيضاً باستخدام وسائل التدفئة وسخان المياه لمواجهة البرد القارس".
وأشاروا إلى أنه "حتى إذا أردنا أن نستعيض عن وسائل التدفئة الكهربائية بتلك التي تعمل على المازوت أو الغاز فإن التكاليف هي نفسها نظراً لأسعار المحروقات المرتفعة جداً والتي تتخطى قدرة المواطنين، ولا سيما من يقبضون رواتبهم بالليرة اللبنانية على تحمّلها".
وأسف هؤلاء كيف أن "المسؤولين يتأخرون في تأمين شحنات الفيول وينتظرون أن تقع الأزمة حتى يتحرّكوا، فما من ضمير يقبل أن يمضي المواطن أقلّه فترة الأعياد على العتمة وأن يتم رميه تحت رحمة أصحاب المولدات الخاصة الذين يجنون أرباحاً طائلة باستغلالهم الأوضاع وحاجة الناس للكهرباء".
في السياق، أوضحت مؤسسة كهرباء لبنان في بيان الجمعة أن شحنة الفيول مرتقب وصولها ما بين 30 إلى 31 ديسمبر/كانون الأول الجاري، وستعمد بالتالي إلى رفع التغذية الحرارية تدريجياً إلى حدود 420 ميغاواط، سرعان ما تصل ويتم تفريغ حمولة القسم الأول من الشحنة المعنية.
ولفتت إلى أن موعد وصول القسم الأول من شحنة مادة الغاز أويل الموردة لمصلحة مؤسسة كهرباء لبنان كان من المفترض أن تصل بتاريخ ما بين 6 إلى 10 ديسمبر بموجب المناقصة التي أجرتها وزارة الطاقة والمياه – المديرية العامة للنفط عبر موقع هيئة الشراء العام.
وقالت المؤسسة إن الإنتاج الحراري الإجمالي الحالي لا يتعدّى 150 ميغاواط، وهو بالإجمال من المجموعة الغازية الوحيدة الموضوعة في الخدمة في معمل الزهراني من دون المجموعة البخارية الذي يتعذر تشغيلها في ظل عدم ثبات واستقرار الشبكة الكهربائية، وذلك بنتيجة سلسلة الإجراءات التي تتخذها المؤسسة منذ تاريخ 3 ديسمبر بما يؤخر في وتيرة استهلاك خزين مادة الغاز أويل الذي وصل إلى حدوده الدنيا وشارف على النفاد، وتجنّب بالتالي العتمة الشاملة.
وأضافت في بيانها "حيث إن هذه القدرة الإنتاجية المتدنية جداً ينتج عنها حكماً صعوبات عديدة لتأمين ثبات واستقرار الشبكة التي تحتاج إلى ما لا يقلّ عن 1000 ميغاواط لذلك، ما يهدد بانهيارها الشامل في أي لحظة، كما سبق أن أفادت المؤسسة مرات عدّة في بيانات إعلامية سابقة بهذا الخصوص".
وأردفت "حيث إنه خلال الأسبوع المنصرم فقط تعرّضت الشبكة الكهربائية إلى ما يزيد عن 14 انقطاعاً عاماً على كامل الأراضي اللبنانية، ما يؤثر أيضاً على سلامة تجهيزات المؤسسة، الأمر الذي هو خارج إرادة ومسؤولية مؤسسة كهرباء لبنان بالكامل".
وأشارت المؤسسة إلى أنها تعمل في ظل ظروف تقنية صعبة جداً لإبقاء التغذية بالتيار الكهربائي على مدار الساعة قدر المستطاع للمرافق الحيوية الأساسية في لبنان (مطار، مرفأ، مضخات مياه، صرف صحي، الجامعة اللبنانية، السجون، ومرافق أساسية أخرى..)، بهدف عدم شلّها بالكامل والدخول بالتالي في المحظور.
وناشدت مؤسسة كهرباء لبنان جميع الإدارات والمؤسسات العامة، ولا سيما المرافق الأساسية منها، ضرورة الإيفاء بالتزاماتها لجهة تسديد جميع فواتير الكهرباء ومستحقاتها المتراكمة والخالية لقاء استهلاكها التيار الكهربائي الذي تستمده بصورة منتظمة على مدار الساعة لتسيير شؤون البلاد.