أعلى تضخم في تركيا خلال ربع قرن: الغلاء يلتهم دخول الأسر ويزيد الفقر

03 أكتوبر 2022
أسعار السلع الغذائية والمشروبات قفزت بنسبة 93.5% (Getty)
+ الخط -

قفز معدل التضخم في تركيا إلى أعلى مستوى له في ربع قرن خلال سبتمبر/ أيلول الماضي، مسجلاً 83.45% على أساس سنوي، لتلتهم الزيادات المتصاعدة في الأسعار دخول الكثيرين وتتسبب في ارتفاع نسبة الفقر، رغم زيادة الأجور مرتين خلال العام الجاري.

وجاء ارتفاع التضخم مدفوعاً بأسعار النقل التي زادت بنسبة 118% تقريباً على أساس سنوي، بينما قفزت أسعار الغذاء والمشروبات غير الكحولية بنسبة 93.5%، وفق بيانات صادرة، اليوم الاثنين، عن معهد الإحصاء التركي (حكومي).

وعلى أساس شهري، صعد التضخم بنسبة 3.08%، كما ارتفع مؤشر أسعار المنتجين 4.78% مقارنة بشهر أغسطس/آب، فيما قفز على أساس سنوي بنسبة 151.5%. وكان معدل التضخم السنوي قد بلغ في أغسطس/آب الماضي 80.2%.

ويرى المحلل الاقتصادي التركي برهان كور أوغلو أن التضخم بات حالة عالمية نتيجة ارتفاع أسعار النفط والغاز والمواد الأولية، خاصة بعد الحرب الروسية على أوكرانيا، ومن الطبيعي أن تتأثر بلاده لأنها تستورد أكثر من 95% من استهلاكها من النفط والغاز من الخارج، الأمر الذي انعكس على تكاليف الإنتاج والأسعار النهائية.

تراجع سعر الليرة

ولا ينكر أوغلو تأثر معيشة الأتراك بارتفاع نسبة التضخم جراء تراجع سعر صرف الليرة التي بلغت أدنى مستوى في تاريخها، اليوم، حين سجلت 18.567 أمام الدولار و18.269 لليورو الواحد، لكنه يشير في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن حكومة بلاده تلتزم بالسياسات الاجتماعية الداعمة لتحسين معيشة المواطنين، سواء عبر رفع الحد الأدنى للأجور مرتين هذا العام والوعود بزيادة ثالثة نهاية العام الجاري، أو بالدعم المباشر من خلال التدخل في السوق عبر الرقابة على بيع المنتجات أو حتى دفع قيمة الفواتير عن الفقراء كما حدث الشهر الماضي.

وتأتي بيانات التضخم المتصاعد فيما تظهر البيانات الرسمية ارتفاع نسبة الفقر إلى 13%، حيث وصل الحد الأدنى لتكاليف معيشة الأسرة إلى 22 ألف ليرة شهرياً، بينما الحد الأدنى للأجور لا يتجاوز 5500 ليرة.

وكان وزير العمل والضمان الاجتماعي التركي فيدات بيلجين قد وعد أخيراً بزيادة جديدة للحد الأدنى للأجور خلال ديسمبر/ كانون الأول المقبل، لمواجهة تضخم الأسعار، قائلا إن "الحكومة ستحل مشاكل الموظفين وستجعل العمال سعداء.. سننقذ موظفينا وعمالنا من دمار التضخم، نحن بحاجة للتخفيف عن شعبنا ".

وتأتي وعود وزير العمل برفع الحد الأدنى للأجور الذي يتقاضاه أكثر من 7 ملايين تركي، بعد زيادتين هذا العام، جاءت الأولى مطلع العام الجاري بنسبة 50% ليصل إلى 4250 ليرة، قبل أن تأتي الزيادة الثانية في يوليو/تموز بنسبة 30% ليصل إلى 5500 ليرة.

رفع الأجور ليس حلاً

ويقول الخبير الاقتصادي التركي مسلم أويصال إن "التضخم أكل زيادتي الأجور، وعلى الحكومة البحث عن طرق غير زيادة الرواتب لتخفيض الأسعار وتحسين سعر الليرة، لأن طرح كتل نقدية جديدة بالسوق من خلال زيادة الأجور سيزيد، على الأرجح، من التضخم ويدفع قيمة الليرة إلى المزيد من الهبوط، بينما بلغت بالفعل أدنى مستوى لها على الإطلاق".

ويضيف أويصال: "هناك تساؤلات عن كيفية تنفيذ الحكومة وعود خفض التضخم مطلع العام المقبل، بينما هناك زحف مستمر للغلاء وتراجع متواصل لقيمة العملة، خاصة في ظل سياسة البنك المركزي خفض نسبة الفائدة".

وخفض البنك المركزي سعر الفائدة الرئيسي مرة أخرى بمقدار 200 نقطة أساس (2%) إلى 12% في الشهرين الماضيين، مخالفا اتجاه التشديد العالمي على الرغم من الارتفاع المستمر في التضخم وزيادة أسعار الطاقة والتأثير المستمر لتراجع الليرة.

خفض أسعار الفائدة

وتسببت تخفيضات أسعار الفائدة العام الماضي في أزمة عملة أفقدت الليرة 44% من قيمتها مقابل الدولار في عام 2021. كما خسرت العملة نحو 29% من قيمتها هذا العام. بينما قالت الحكومة إن التضخم سينخفض مع إعطاء الأولوية في برنامجها الاقتصادي للمعدلات المنخفضة لتعزيز الإنتاج والصادرات بهدف تحقيق فائض في ميزان المعاملات الجارية.

المساهمون