أضرار محدودة في البنوك السورية وعودة سريعة لنشاطها

04 يناير 2025
المقر الرئيس لمصرف سورية المركزي في دمشق، 30 ديسمبر 2024 (أنور عمرو/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت البنوك السورية استقرارًا نسبيًا بعد سقوط النظام، مع إغلاق مؤقت لبعض الفروع في حلب وحماة وحمص، واستمرار العمل في دمشق بعد يومين من التوقف.
- أظهرت البنوك وعيًا في التعامل مع الأوضاع الأمنية، حيث كانت الأضرار محدودة وساهمت الجهود المحلية في استئناف العمل بحلول منتصف ديسمبر.
- تفاوتت الأضرار بين البنوك، حيث تعرضت بعض الفروع لتخريب وسرقة محدودة، بينما لم تتعرض بنوك أخرى لأي أضرار، مع تعهدات بحماية حقوق المودعين.

كما المؤسسات العامة والخاصة في البلاد، تنحو أوضاع البنوك السورية نحو الاستقرار، رغم المخاوف التي رافقت الساعات والأيام الأولى لسقوط النظام السوري من إحداث فوضى قد يرافقها انفلات أمني يبيح البنوك والمرافق العامة للسلب والنهب والسرقة، ليتبيّن أن الحقيقة التي أجمع عليها معظم سكان المدن السورية الكبرى تنطلق من أن العديد من الحوادث قد حصلت في حدودها الدنيا، وكانت دون المتوقع بكثير.

وفي هذا الصدد، ذكر المصرفي "ف. ش" لـ"العربي الجديد"، وهو مدير فرع بنك خاص إدارته في دمشق، وله فروع عدة في مختلف المحافظات السورية، بما فيها العاصمة دمشق، أن "الأيام التي سبقت سقوط النظام كانت أكثر إرباكاً بالنسبة لنا من الأيام اللاحقة، فمع بداية عملية (ردع العدوان) قمنا بإغلاق فروعنا بمدينة حلب على الفور".

وقد فضّل عدم الكشف عن هويته الكاملة أو اسم البنك الخاص الذي يعمل فيه، بحجة أن أية تصريحات متعلقة بأمان المصرف قد تؤثر بسمعة المعاملات البنكية مستقبلاً، وتثير مخاوف المودعين في البنوك السورية الخاصة، وهي الحجة التي قدمها معظم رؤساء الفروع الذين تواصل معهم "العربي الجديد".

ويضيف: "في المدن الأخرى كحماة وحمص كان الوضع أكثر صعوبة، وكانت قراراتنا باستمرار العمل أو الإغلاق يومية، بل أحياناً على مدار الساعة". أما عن الإجراءات التي اتخذها البنك إثر سقوط النظام، فقال المصرفي إن "العمل في دمشق لم يتوقف إلا ليومين، وفي الحقيقة إن صلاحياتنا في توقيف العمل أو استمراره تخضع لتقديرات المصرف المركزي وقراراته، فعندما أبلغنا المركزي باستئناف العمل، قمنا على الفور بجولة على فروع العاصمة لتقدير الأضرار والحالة العامة للفروع، ووجدنا أن فرعاً في المنطقة الحرة تعرض للسرقة والتخريب".

لكن لحسن الحظ، بحسب "ف. ش"، "اقتصرت الأضرار على ماديات في الفرع المذكور، كتحطيم المستلزمات المكتبية، وسرقة جميع أجهزة الكمبيوتر"، موضحاً أن "انحسار الأضرار كان نتيجة لإجراءات استباقية لجأنا إليها، كعدم توفير سيولة نقدية في الفروع التي يصعب الوصول إليها، والحفاظ على نسخ احتياطية لجميع الداتا والمعاملات الخاصة على سيرفر مركزي في مكان محمي، ما جعل جميع حقوق المودعين مصانة بعيداً عن الفقدان أو التخريب".

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

أحد المديرين في فرع بنك خاص آخر قرب ساحة العباسيين في مدينة دمشق، قال لـ"العربي الجديد" إن قرار الإغلاق اتّخذ في ساعات العمل الأخيرة من السابع من ديسمبر/كانون الأول الماضي، واستمر يومين فقط، مضيفاً أنه "خلال هذين اليومين اتسم الوضع بفوضى سببها إطلاق النار العشوائي في الهواء" كما وصفه "و. ي"، متابعاً: "قمت باجتهاد شخصي بجولة تفقدية للاطمئنان على حالة فرعنا، كوني أعيش في حي قريب، ووجدت أن الفرع لم يتعرض لأية محاولة سرقةأو تخريب، لكن سيارتي أثناء الجولة تعرضت لرصاصة استقرت في المحرك، لأجد بضع رصاصات في فرعنا اخترقت النوافذ وألحقت أضراراً محدودة".

ويُعزى الاستقرار اللافت إلى حالة الوعي التي أظهرها السوريون، رغم أن معظمهم عانى من أوضاع اقتصادية صعبة، إضافة إلى الجهود التي بذلتها الإدارة الجديدة في إعادة الأمن والأمان على معظم الجغرافيا التي سيطرت عليها في وقت قياسي. فعلى مستوى دمشق العاصمة مثلاً، لم يرصد مراسل "العربي الجديد" عبر صفحات التواصل الاجتماعي سوى فيديو قصير يُظهر أشخاصاً يسرقون أوراقاً نقدية من مصرف سورية المركزي، ليجري لاحقاً الإعلان عن إعادة جزءٍ من الأموال المنهوبة. وفي فيديو آخر انتشر خلال الأيام الأولى لسقوط النظام، تظهر كمية كبيرة من الأدوات والمستلزمات المكتبية التي أعادها الناس إلى حي كفرسوسة الدمشقي، وتحديداً المنطقة التي يوجد فيها عدد من المباني الحكومية والأمنية.

كما سُجّلت بعض الحالات الفردية في بعض البلدات، إثر انسحاب جيش النظام منها، وقبيل وصول قوات عملية "ردع العدوان"، لكن محاولات التخريب المحدودة هذه جرت مواجهتها بصرامة من قبل المجتمع المحلي.

ما أوضاع البنوك السورية الخاصة؟

وقد أفضى مسح يتعلق بأوضاع البنوك الخاصة بناء على طلب المصرف المركزي إلى أن "بنك سورية الأردن" لم يُصب بأية أضرار، باستثناء فرع اللاذقية الذي تعرض لتخريب الواجهة فقط. كما لم يتعرض "بنك سورية الدولي الإسلامي" لأية سرقة أو تخريب، باستثناء ما تعرض له فرع المزة ومقر البنك في يعفور بريف دمشق وأحد مكاتبه في مرفأ اللاذقية، إضافة إلى تعرض أحد صرافاته الآلية للكسر والتخريب، وقد عاد البنك إلى تقديم خدماته في 10 ديسمبر/كانون الأول 2024. وانقطع "بنك الائتمان الأهلي" عن العمل يومين، ليستأنف خدماته في 10 ديسمبر.

ومن بين البنوك السورية الأُخرى، اقتصرت أضرار "بنك البركة" على تخريب وسرقة التجهيزات من مكتبه في مرفأ اللاذقية، إضافة إلى سرقة نحو 302 مليون ليرة سورية، كما تعرض أحد فروعه في حماة إلى محاولة تخريب أدت إلى بعض الفوضى، وقد باشرت جميع الفروع عملها بين 10 و15 ديسمبر. ولم يتعرض "المصرف الدولي للتجارة والتمويل" لأي تخريب أو سرقة، وقد عاد إلى العمل في 10 ديسمبر. واقتصرت الأضرار في "بنك الشام" على بعض الموجودات والمستلزمات المكتبية في فروعه بحلب واللاذقية ومينائها ومبنى الإدارة العامة، إضافة إلى تخريب الصراف الآلي في المطار.

وكان من نصيب "بنك الشرق" تحطيم الواجهة في مكتبه في مرفأ اللاذقية، وقد استأنف عمله في 10 ديسمبر. وقد تعرّض فرع "البنك العربي" في المزة بدمشق إلى سطو مسلّح أخرجه عن الخدمة بالكامل، لكن الإدارة تعهّدت بالحفاظ على حقوق المودعين، بينما لم تتعرض بقية الفروع لأي تخريب أو سرقة. من جهته، وصف "البنك الوطني الإسلامي" أضراره بالطفيفة دون المساس بالودائع النقدية، وعاد للعمل في 10 ديسمبر.

وتفاوتت أضرار بقية البنوك السورية كما حصل من تفاوت بالضرر في فروع "بنك بيمو السعودي الفرنسي"، حيث توقف العمل في فرعيه في المزة بدمشق واللاذقية، بسبب الأضرار الكبيرة، بينما باشر العمل في فرعيه في محافظة حمص ضمن المدينة ومنطقة حسياء. كما أوقف عمل مكتبه المتنقل في غباغب نتيجة الأضرار. بدوره، استأنف "بنك سورية والخليج" عمله بعدما جرى تحطيم واجهاتٍ زجاجية في بعض فروعه.

كذلك استأنف "بنك سورية والمهجر" نشاطه تدريجياً بين 10 و15 ديسمبر، علماً أن فرعه في المنطقة الحرة تعرض لأضرارٍ قُدّرت بمئة مليون ليرة سورية، في حين وصف "شهبا بنك" الأضرار والسرقة بالطفيفة، وأعلن "فرنسبنك" و"بنك قطر الوطني" عدم تعرضهما لأية أعمال خارجة عن القانون.

المساهمون