أدى قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، برفع الفائدة على الدولار بقيمة 75 نقطة للمرة الثالثة، لتصل معدلات الفائدة إلى 3.25%، إلى انتشار أجواء محبطة على الاقتصاد المصري، لتنعكس سلباً على الأسواق التجارية والبورصة والذهب، وسط مخاوف من تفاقم الركود والتضخم.
وتواجه الأسواق حالة من الاضطراب، لعدم قدرة التجار على تحديد أسعار السلع والخدمات، مع الارتفاعات المتتالية في قيمة الدولار مقابل الجنيه.
وشاهد مراسل "العربي الجديد" عشرات المحلات المتوسطة وأسواقا تجارية شهيرة بالقاهرة الكبرى، لا تضع أسعارا للمنتجات الموجودة في أماكن العرض وتكتفي بوضع "كود" على كل سلعة، تحدد قيمتها عند الدفع، تتغير وفقا لحالة الدولار في السوق الموازية.
وفي هذا السياق، يتوقع الخبير الاقتصادي، مصطفى بدرة، في تصريحات صحافية، زيادة العجز في الموازنة العامة، مع ارتفاع تكلفة الدعم، وشراء السلع الاستراتيجية ومستلزمات الإنتاج من الخارج، مشيرا إلى أن سعر ارتفاع الفائدة على الدولار، سيدفع البنك المركزي إلى نفس التوجه، وأن كل 1% إضافية إلى فائدة الجنيه، ستضيف 10 مليارات جنيه عجزا شهريا بالموازنة.
وأعرب رجال أعمال عن خشيتهم من تزايد توقف التشغيل بالمصانع التي لم تستطع أن توفر احتياجاتها من العملة الصعبة منذ مارس/ آذار الماضي، ومع زيادة الفائدة على الدولار والجنيه، سيكون من الصعب الحفاظ على نفس معدلات التشغيل الضعيفة حاليا، مع اتجاه الأسواق إلى الركود وعدم إقبال المستهلكين على الشراء.
ويشير خبراء اقتصاد إلى أن أسعار الفائدة، ستضغط لأعلى على أسعار الأغذية والملابس والسيارات وتكلفة التشغيل بالشركات، بما يدفع إلى مزيد من التضخم، تجاه الحدود القياسية التي بلغها، عام 2017، والذي بلغ 32%، بعد تخفيض صادم لقيمة الجنيه، بنسبة 60%.
ويتوقع أن يؤدي ارتفاع الفائدة على الدولار، إلي زيادة مماثلة، في الفائدة على الجنيه الإسترليني، واليورو، بما يقيد فرص مصر في الحصول على قروض أجنبية، أو طرح سندات في الأسواق الدولية مقومة بالدولار أو العملات الأوربية، ويرفع معدلات الإنفاق، ويبطئ النمو عن المعدلات المستهدفة من الحكومة، بنحو 5.4% خلال العام الحالي.
وتدفع ضغوط ارتفاع الفائدة إلى زيادة بالعجز في الحساب الجاري المقدر بنحو 40 مليار دولار خلال العام المالي الجاري 2022-2023، بما يستدعي من الحكومة إحراز تقدم حاسم في الإصلاح المالي والهيكلي لمواد الموازنة العامة، لترويض التضخم قبل أن يخرج عن نطاق السيطرة.
ويشير اقتصاديون إلى أن الضغوط التضخمية لم تبلغ ذروتها حتى الآن، مع استمرار تراجع قيمة الجنيه، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وحالة عدم اليقين، مع تطورات الأوضاع الجيوسياسية، التي زادت توتراً، عقب إعلان الرئيس الروسي بوتين، رفع حالة التعبئة العامة، والحرب المفتوحة الشاملة، التي تعني إمكانية استخدامه للسلاح النووي، في وقت يصعب فيه حصول مصر على احتياجاتها من السلع الاستراتيجية، مع نقص حاد في العملة الصعبة.
ومن جانب ثان، شهدت معدلات شراء الذهب ارتفاعا ملحوظا، منذ بداية الأسبوع، مع وجود أنباء رفع الفائدة على الدولار.
يرجع مسؤولون بغرفة الذهب، إقبال المصريين على الشراء، على عكس حالة السوق الدولية، التي انخفضت بها أسعار أونصة الذهب بمعدل 1.1%، إلى اتخاذ المتعاملين الذهب كوعاء ادخاري، وعدم وجود علاقة بين بورصة الذهب المصرية وأسواق الذهب في العالم، منذ منع استيراد أو تصدير الذهب من البلاد، في مارس/ آذار 2022.
وغطى اللون الأحمر شاشة التداول بورصة الأوراق المالية، لينخفض المؤشر الرئيسي EGX30 عند الإغلاق.
وأعرب مراقبون عن خشيتهم من اتجاه المصريين تجاه "الدولرة"، وخاصة أسر المصريين العاملين في الخارج، الذين يجلبون نحو 31 مليار دولار من التحولات الأجنبية، مع وجود مؤشرات قوية على تواصل تراجع قيمة الجنيه، والذي خسر، خلال 6 أشهر 24% من قيمته أمام الدولار.
ومن جانبه، يؤكد الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن البنك المركزي سيسعى للحد من توجه المصريين نحو ادخار الدولار، لمواجهة التضخم، وتحوطاً لتطورات تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا، وتوقع تصاعد التضخم خلال المرحلة المقبلة.