- بالرغم من توقعات بنك مورغان ستانلي بخفض الفائدة بحلول سبتمبر/أيلول، الأسواق المالية لم تظهر تفاعلًا بسبب النظرة التشاؤمية لدى المستثمرين وعدم اليقين حول توقيت خفض الفائدة.
- التضخم المرتفع يدفع الفيدرالي الأمريكي لرفع أسعار الفائدة، مما يؤدي إلى تحول المستثمرين من الأسهم إلى السندات بحثًا عن عوائد أعلى، معكسًا مخاوف من تأثير استمرار أسعار الفائدة المرتفعة وتغييرات في سلوك الاستثمار.
لا تزال أسواق المال العالمية في حالة صدمة منذ منتصف إبريل/نيسان الماضي، تأثراً بسياسة أسعار الفائدة الأميركية، الأمر الذي دفع شريحة من المستثمرين للهجرة إلى السندات بعيداً من الأسهم، علماً أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) كان قد توقع خفض الفائدة في يونيو/ حزيران القادم، قبل أن يُرجئ القرار إلى سبتمبر/ أيلول المقبل، مع بروز مؤشرات على ارتفاع التضخم في أسواق الولايات المتحدة.
وتبدو أسواق المال بعيدة عن التفاعل مع مذكرة بحثية صادرة عن بنك مورغان ستانلي، جاء فيها أن تقديراته تؤشر إلى بدء الفيدرالي الأميركي في خفض أسعار الفائدة اعتبارا من سبتمبر/أيلول المقبل. ومرد هذا البرود من أسواق المال تجاه المذكرة البحثية إلى حالة التشاؤم التي تسيطر على المتعاملين والمستثمرين، بأن خفض الفائدة لن يتم قبل نهاية 2024، بحسب تقرير أوردته الأناضول اليوم الخميس.
وحالياً، يشير الفيدرالي إلى أن رحلة خفض الفائدة قد تبدأ نهاية 2024، أي أن أسعار الفائدة البالغة 5.5% الآن، وهي الأعلى منذ 23 عاماً، ستبقى مستقرة لشهور قادمة. ولأن الدولار عملة مدفوعات عالمية، يستحوذ فيها على 80% من مدفوعات التجارة و90% من إصدارات الديون، و56% من احتياطات صندوق النقد الدولي، فإن الأسواق العالمية تتأثر بمسار أسعار الفائدة الأميركي وبيانات التضخم في الولايات المتحدة.
علاقة عكسية بين التضخم وأسواق الأسهم
وكلما طال أمد التضخم المرتفع في الولايات المتحدة، والبالغ 3.5% في مارس/ آذار الماضي مقارنة مع هدف 2%، زاد احتمال إحداث تغييرات دائمة في قرارات الأسر والشركات. وفي السوق الأميركية، فإن أكبر محرك للتضخم المرتفع حتى اليوم في 2024 هو المأوى والإيجارات لأصحاب المنازل الذي ارتفع بمعدل سنوي 6.1% في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري.
والعلاقة بين التضخم وأسواق الأسهم في الظروف الطبيعية تسير عكسياً، لأن التضخم المرتفع يدفع الفيدرالي الأميركي إلى رفع أسعار الفائدة على الدولار، بهدف كبح جماح الاستهلاك. وأمام هذه الحالة، تغادر الاستثمارات من أسواق الأسهم إلى الصناديق المقومة بالدولار الأميركي، والذي يقدم حينها عوائد مرتفعة بسبب صعود أسعار الفائدة.
مخاوف عودة التضخم هذه لم تكن طافية على سطح الاقتصاد العالمي والأميركي في الربع الأول، إذ كانت التوقعات تشير إلى خفض قريب على أسعار الفائدة، وهو ما دفع وول ستريت إلى الارتفاع. فبالنسبة للربع الأول، أغلق مؤشر S&P مرتفعاً بنحو 10.2%، وهو أقوى ربع أول للمؤشر في خمس سنوات، كما صعد مؤشر داو جونز بنسبة 5.6%، مسجلاً أقوى أداء للربع الأول منذ عام 2021، في حين ربح مؤشر ناسداك نحو 9.11%.
هروب من الأسهم إلى السندات
ومع عدم استعجال الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة، تشير وكالة بلومبيرغ، بحسب "الأناضول" اليوم، إلى أن تدفقاً للمستثمرين يجري على الأصول ذات الدخل الثابت، أي السندات الأميركية، في إعادة ضبط كبيرة لوول ستريت. وفي العام الماضي، حصل المستثمرون على نحو 900 مليار دولار من الفوائد السنوية على ديون الحكومة الأميركية (السندات)، وهو ضعف المتوسط على مدى العقد السابق، والسبب هو أسعار الفائدة المرتفعة.
وبحسب بلومبيرغ، من المتوقع أن يرتفع هذا الرقم، حيث أن جميع سندات الخزانة تحمل حاليا عوائد تبلغ فائدة 4% أو أكثر. وتتحول السندات إلى ملجأ للمستثمرين، لأنهم يعتقدون أن بقاء أسعار الفائدة المرتفعة سيضر بسوق الأسهم، وبالتالي يضمنون على الأقل عوائد بنسبة 4% على استثماراتهم في السندات الأميركية، من خلال نقل أموالهم من الأسهم إلى تلك السندات.
وكل ما سبق مرده أن التضخم لا يزال بعيداً من هدفه البالغ 2%، فيما هناك سبب آخر مرتبط باستمرار وتيرة نمو الاقتصاد الأميركي، ما يعني مزيداً من الإنتاج والتوظيف، ومزيداً من السيولة بين أيدي الأفراد والشركات، ومزيداً من الاستهلاك.
وبرز الأسبوع الماضي تأكيد رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، في مؤتمر صحافي، على نهج الانتظار والترقب في بيانات التضخم خلال الشهور المقبلة. وفي فبراير/ شباط الماضي، توقع مكتب الميزانية في الكونغرس أن ترتفع الفوائد والأرباح على السندات، المدفوعة للأفراد إلى 327 مليار دولار هذا العام، أي أكثر من ضعف المبلغ في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وفي مارس الماضي وحده، دفعت وزارة الخزانة حوالي 89 مليار دولار كفوائد لحاملي السندات، أو ما يناهز مليونَي دولار في الدقيقة.
(الأناضول)