استمع إلى الملخص
- **مراجعة أسعار الغاز**: بدأت المفاوضات لمراجعة أسعار الغاز في عام 2023، ووفقًا للعقد الجديد، ستشتري ناتورجي 5 مليارات متر مكعب سنويًا من الغاز الجزائري حتى عام 2031.
- **توافق بعد انهيار صفقة "طاقة" الإماراتية**: جاء الاتفاق بعد انهيار صفقة استحواذ "طاقة" الإماراتية على ناتورجي، وتهديد الجزائر بوقف إمدادات الغاز إذا تغير ملاك ناتورجي.
أعلنت شركة ناتورجي الإسبانية للطاقة الثلاثاء توصلها إلى اتفاق جديد مع سوناطراك الجزائرية المملوكة للدولة بشأن أسعار عقود توريد الغاز إلى البلد الأوربي للعام 2024، في وقت لا تزال فيه العلاقات متأزمة بين البلدين منذ عام 2022.
وجاء الكشف عن هذه التطورات عبر بيان لعملاق الطاقة الإسباني نشره على موقعه الرسمي على الإنترنت، بمناسبة نشر حصيلة الشركة المالية لسنة 2024، والتي وصفتها بـ "القياسية" التي فاقت التوقعات. وشددت الشركة الإسبانية على أن "إتمام هذه المفاوضات الأخيرة يؤكد قدرة ناتورجي على إبرام اتفاقيات في سياقات تنافسية"، مشيرة إلى أن الاتفاق الجديد "يثبت متانة العلاقة التاريخية بين الطرفين ويؤكد التزام الشركتين بتأمين إمدادات شبه الجزيرة الإيبيرية". وبمناسبة التوصل إلى الاتفاق الجديد بشأن أسعار تصدير الغاز الجزائري إلى إسبانيا، صرح الرئيس التنفيذي لشركة ناتورجي، فرانسيسكو رايناس، بالقول: "إن شركة سوناطراك الجزائرية قد أثبتت أنها شريك موثوق به"، وفق البيان ذاته. ولم يتضمن بيان الشركة الإسبانية أي تفاصيل عن أسعار الغاز الجزائري وفقا للعقد الجديد مع سوناطراك، لكن وسائل إعلام إسبانية ذكرت قبل أيام أن الاتفاق الجديد بين الطرفين، يتضمن تعويضا بأثر رجعي عن أسعار الغاز لسنة 2023، وسعرا ثابتا بالنسبة للعام الجاري، ويضع جملة من المعايير لمراجعة الأسعار للسنوات المقبلة، وصولا إلى 2027.
سوناطراك وثاني مراجعة في عامين
وحسب مصادر تواصلت مع "العربي الجديد" بالشركة الحكومية الجزائرية، فإن المفاوضات بشأن مراجعة أسعار الغاز بين الطرفين انطلقت في العام 2023، واستمرت إلى السنة الجارية، وذلك بموجب بنود في العقود الطويلة المبرمة بين الشركتين تنص على مراجعة الأسعار في حال حدوث تغير كبير في السوق الدولية، أو في حال حدوث ارتفاع في تكاليف الإنتاج.
وسبق لعملاق الطاقة الجزائري سوناطراك مراجعة أسعار الغاز مع ناتورجي في خريف 2022، في أعقاب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية التي وصلت بالأسعار حينها إلى مستويات تاريخية. وبررت الشركة الوطنية الجزائرية الخطوة حينها بـ "ضرورة تكييف الأسعار مع واقع الأسواق الدولية".
وكان ثمن واحد ميغاواط/ ساعة من الغاز حينها يسوق للطرف الإسباني بنحو 20 يورو، في حين بلغ سعره في مؤشر "تي.تي.أف" الهولندي الذي يعتبر المرجع الأوربي، أكثر من 180 يورو لكل واحد ميغاواط/ ساعة. وحسب ما تسرب لدى الصحافة الاسبانية، فإن السعر الحالي للغاز الجزائري المسوق لصالح شركة ناتورجي يفوق 30 يورو لكل 1 ميغاواط/ ساعة. ويرتقب وفق العقد الجديد أن تشتري الشركة الإسبانية 5 مليارات متر مكعب سنويا من الغاز الجزائري، في إطار عقد طويل المدى بمبدأ "خذ أو ادفع"، بدأ عام 2018 وينتهي في 2031.
توافق في أعقاب انهيار صفقة "طاقة" الإماراتية وناتورجي
هذا الاتفاق بين الطرفين الجزائري والإسباني، يأتي أسابيع قليلة فقط بعد انهيار صفقة إماراتية لشركة "طاقة" للاستحواذ على ناتورجي، عبرت الجزائر حينها ولو بطريقة غير مباشرة عن رفضها المطلق لها. وحسب متابعين فإن علاقات الجزائر ومدريد المتأزمة أصلا، قد تفادت مزيداً من التأزم بعد تراجع شركة طاقة الإماراتية منتصف شهر يونيو/ حزيران الماضي،عن شراء حصة في ناتورجي الإسبانية، شريكة "سوناطراك" الجزائرية في سوق الغاز في هذا البلد الأوروبي، وفي ظل توتر غير مسبوق أيضاً بين الجزائر وأبوظبي منذ وصول الرئيس عبد المجيد تبون إلى سدة الحكم نهاية عام 2019.
وبعد أن طفا العرض الإماراتي إلى السطح هددت الجزائر - عبر مصدر رسمي لم يكشف عن هويته عند تحدثه لوكالة رويترز- بأنها ستوقف إمدادات الغاز إلى ناتورجي إذا حصل تغيير في ملاك الشركة الإسبانية.
شراكة طاقة في وقت أزمة سياسية ودبلوماسية بين الجزائر ومدريد
هذا التوافق بين سوناطراك وناتورجي يعتبر تتويجا لشراكة طويلة بين الطرفين، فالشركة الجزائرية تعتبر أكبر مصدّر للغاز الطبيعي لإسبانيا، كما أن ناتورجي هي أكبر زبون للغاز الجزائري، حيث غطت الإمدادات الجزائرية ما نسبته 45% من حاجيات مدريد الغازية خلال يونيو/ حزيران الماضي. وتشترك سوناطراك وناتورجي في خط أنابيب الغاز "ميدغاز" الذي يربط الجزائر بإسبانيا عبر البحر المتوسط، وتبلغ طاقة نقله السنوية 10 مليارات متر مكعب. كما يمتلك عملاق الطاقة الحكومي الجزائري حصة في رأسمال شركة ناتورجي تقدر بـ4.1%، ويجني بموجبها أرباحا سنوية من بيع الغاز في السوق الداخلية الإسبانية.
في المقابل، تمر علاقات الجزائر ومدريد منذ مارس/آذار 2022 بأزمة غير مسبوقة، في أعقاب إعلان رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز دعمه المقترح المغربي للحكم الذاتي، حلاً للنزاع في الصحراء الغربية. وفي شهر يونيو/ حزيران 2022، أعلنت الجزائر تجميد اتفاقية الصداقة وحسن الجوار الموقعة عام 2002 بين البلدين، وأعقبها توقف شبه تام لواردات البلد العربي من إسبانيا، وهو الوضع المستمر تقريبا حتى اليوم، باستثناء بعض القطاعات، على غرار اللحوم الحمراء.