تعصف أسعار الفائدة المرتفعة في تركيا بقطاع العقارات الذي طالما ظل لسنوات طويلة ماضية يتمتع بطفرة لافتة، ما ساهم في دعم النمو الاقتصادي للدولة.
وتكشف بيانات معهد الإحصاء التركي (حكومي) عن تراجع مبيعات العقارات العام الماضي 2023، لتبلغ أدنى مستوى لها منذ عام 2014، بعد هبوطها بنسبة 17.5% مقارنة بعام 2022، والذي هوى بدوره عن العام السابق له بنسبة 42%، ليدخل القطاع في حالة من الركود بعدما قاد تحريك الأسواق، على اعتباره قطاعاً مهماً يشغّل أكثر من 200 مهنة بحسب المتخصص في العقارات ومدير مبيعات شركة "امتلاك غروب" أحمد ناعس.
يقول ناعس لـ"العربي الجديد" إن "ارتفاع نسبة الفائدة المصرفية إلى 42.5% حالياً يحقق عائداً كبيراً للمودعين لا يحققها قطاع العقارات، لذا، توجهت معظم رؤوس الأموال إلى المصارف، بعدما حركت خلال السنوات الماضية قطاعي العقارات والسيارات".
ويضيف أن رفع قيمة العقارات للحصول على الجنسية التركية، من 250 إلى 400 ألف دولار، كان أيضاً عاملاً مهماً لا يمكن تجاهله ضمن أسباب تراجع المبيعات، لافتا إلى أن "هناك خططاً حكومية وفق ما يتردد في القطاع لرفع المبلغ إلى 600 ألف دولار".
وكانت تركيا قد كثفت جهودها خلال الآونة الأخيرة لجذب المزيد من الاستثمارات الخليجية والدولية، بعد الخطة الاقتصادية التي وضعها الفريق الحكومي برئاسة وزير المالية والخزانة، محمد شيمشك، التي تأخذ من الاستثمارات الخارجية رافعة للاقتصاد، إلى جانب السياحة والصادرات.
ويبقى قطاع العقارات ضمن الروافع الاقتصادية التركية، بحسب الخبير الاقتصادي مسلم أويصال، الذي عزا تراجع المبيعات خلال العام الماضي إلى ارتفاع أسعار المنازل من جراء صعود أسعار مواد البناء بعد نشاط القطاع وتهافت رؤوس الأموال على قطاع مضمون الأرباح والعائدات الكبيرة.
لكن أويصال يشير في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن هناك أسباباً عدة أدخلت القطاع في حالة جمود، منذ العام الماضي، منها ارتفاع الفائدة المصرفية وتراجع المبيعات للأوروبيين والعرب، كما أن تراجع أعداد السوريين أثر على المبيعات وأسعار إيجار المنازل، معتبراً أن الحرب الروسية على أوكرانيا وزيادة شراء الروس للعقارات في تركيا، هما اللذان حافظا على نشاط القطاع، ولو بحده الأدنى.
وبلغت مبيعات المنازل خلال العام الماضي، حسب بيانات معهد الإحصاء التركي، مليونا و225 ألفا و926 وحدة، بهبوط نسبته 17.5% على أساس سنوي، كما هوت المبيعات للأجانب بنسبة 48.1% مسجلة 35 ألف وحدة.
وتصدر الروس، للعام الثالث على التوالي، قائمة المشترين الأجانب بشراء 10560 منزلاً، ما يؤشر إلى استمرار سعي الروس للحصول على ملاذ مالي في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية والعقوبات الغربية التي فرضت على موسكو. وجاء الإيرانيون في المركز الثاني بشراء 4 آلاف و272، ثم العراقيون بشراء 1917 منزلاً.
ورغم تراجع حركة ونشاط العقارات، إلا أنه لم يزل القطاع الخازن للأموال، ما يزيد تركيز الحكومة على العائدات الضريبية من المبيع والإيجار، بعد ما تردد عن نسب تهرب كبيرة تكتنف هذا القطاع. وكشف وزير الخزانة والمالية، محمد شيمشك، أخيراً عن تشديد الرقابة على عائدات أصحاب العقارات من إيجارات المنازل والمحلات التجارية. وأوضح خلال منشور على منصة "X" أن هذه الخطوة تهدف إلى ضمان عدم تهرّب أصحاب العقارات والمحلات التجارية من دفع الضرائب.
وأشار إلى أن التحريّات حول بيانات سند الملكية (الطابو) والإقامة أظهرت وجود ما يقرب 4.5 ملايين منزل يُتوقّع أنها تحقق عائدات من الإيجار دون أن تدفع الضرائب.