لم تكف أسعار الزيوت عن الارتفاع في المغرب هذا العام، ما كان أفضى إلى دعوات للمقاطعة في فبراير/ شباط الماضي، من دون أن تتوقف الارتفاعات التي سبق أن ردها المنتجون لأسعار المواد الأولية في السوق الدولية، فيما تبقى الأسعار المحلية مرشحة للزيادة أكثر.
وتوالت ارتفاعات أسعار زيوت المائدة منذ 5 أشهر، حيث وصلت أسعار اللتر الواحد من بعض الماركات إلى 14 درهماً صعوداً من 10 دراهم في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بينما انتقلت أسعار 5 لترات من 6.5 دولارات إلى 7،6 دولارات بين ديسمبر/كانون الأول ومايو/أيار، علماً أنّ الأسعار تنخفض أو ترتفع عن ذلك المستوى بحسب جودة المنتج.
ويتوقع تجار ارتفاعات جديدة في أسعار الزيوت في الفترة المقبلة في ظل ترقب زيادات جديدة في الأسعار الأولية، بل إنّ تجاراً يؤكدون أنّ زيادات مرتقبة في الأسبوع المقبل، ما يمكن أن ينعكس على القدرة الشرائية للأسر.
وانتقل سعر زيت الكولزا في السوق الدولية إلى 1200 دولار للطن، مقابل 775 دولاراً للطن قبل عام، في الوقت نفسه الذي ارتفع فيه سعر زيت الصويا إلى 1400 دولار للطن، بعدما كان في حدود 675 دولاراً قبل سنة.
ويؤكد تجار أنّ الشركات تعمد إلى زيادة أسعار زيوت المائدة نتيجة مستوى الأسعار في السوق الدولية، غير أنهم يشددون على أنّ ارتفاع تكلفة النقل في الأشهر الأخيرة على الصعيد الدولي يساهم في ارتفاعها أيضاً.
وتخضع أسعار زيت الطهو لقانون العرض والطلب، فقد كفت الدولة عن دعمها منذ أكثر من عقدين حيث يندرج ذلك ضمن خفض مخصصات صندوق المقاصة، بما يساعد على لجم عجز الموازنة، ما أفضى إلى ارتفاعات متوالية في أسعار الزيوت في ظل التقلبات التي تشهدها أسعار الكولزا و دوار الشمس والصويا في السوق الدولية.
وكانت شركات إنتاج زيوت المائدة في فبراير/ شباط هدفاً لدعوات لمقاطعة منتجاتها بسبب لجوئها للزيادة في الأسعار، ما دفعها إلى تقديم توضيحات ذهبت من خلالها إلى أن سبب ذلك يُعزى إلى مستوى الأسعار في السوق الدولية.
وكانت شركات قد أكّدت أنّ الزيادة كانت ستحدث العام الماضي، إلا أنها اضطرت إلى عدم اتخاذ القرار بشأنها في ظل الصعوبات التي كانت تجدها الأسر، بينما تؤكد مصادر أنّ الحكومة تدخلت في تلك الفترة من أجل إقناع الشركات بعدم زيادة الأسعار.
وعزت المندوبية السامية للتخطيط ارتفاع أسعار الزيوت إلى صعود أسعار المواد الأولية، موضحة أن إنفاق الأسر على زيت المائدة يشكل 1.7 من مؤشر أسعار المستهلكين.
ويعتبر المغرب مستورداً خالصاً للحبوب الزيتية، إذ إنه رغم تحفيز الدولة المزارعين على زراعتها، إلا أن عدم وفرة الأمطار وتداعياته على التربة يدفعهم إلى عدم مواكبة الخطة التي وضعتها الحكومة والتي كانت تهدف إلى تعزيز إنتاج دوار الشمس وبذور الكولزا لتلبية 19% من احتياجات السوق المحلية.
بيانات مكتب الصرف التابع لوزارة الاقتصاد والمالية أنّ واردات زيت الصويا الخام أو المكرر بلغت 115 ألف طن في نهاية مارس/ آذار، مقابل 134 ألف طن في الفترة نفسها من العام الماضي، غير أنّ فاتورة تلك الواردة بقيت، رغم تراجع الكميات، في حدود 119 مليون دولار.
وسجل متوسط مؤشر منظمة الأغذية والزراعة أسعار زيادة 1.8% في إبريل/ نيسان مقارنة بمارس/ آذار، مدفوعاً بارتفاع أسعار زيت الصويا وزيت الكولا والنخيل، التي عوضت انخفاض أسعار زيت دوار الشمس.
وتعود أسعار زيت الصويا وبذور الكولزا، بحسب المنظمة، إلى "ارتفاع الطلب العالمي، بما في ذلك من جانب منتجي وقود الديزل الإحيائي وانحسار الإمدادات العالمية لمدة طويلة، بينما تقلصت الأسعار الدولية لزيت دوار الشمس بشكل معتدل نتيجة تقنين الطلب عليها".
ويلفت الخبير في القطاع الزراعي الناطق الرسمي، باسم حركة " فيا كابيسينا"، محمد الهاكش، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ تقلبات أسعار المواد الأولية مثل تلك التي تساهم في توفير الزيوت في السوق الدولية، "تنعكس سلباً على الأمن الغذائي للمغرب".
ويشدد على أهمية "التركيز على مفهوم السيادة الغذائية الذي يقوم على توفير السلع الأساسية مثل اللحوم والزيوت الحبوب، بما يحقق نوعاً من الاكتفاء الذاتي قبل التفكير في الزراعات الموجهة للتصدير".
ويعتبر أنه "كان يمكن للمغرب تفادي الخضوع لتقلبات أسعار النباتات الزيتية في السوق الدولية، وتأثيرها على المستهلك المحلي، لو ركزت السياسة الزراعية على توفير تلك النباتات، خاصة أنّ المغرب كان في عقود سابقة منتجاً لجزء كبير منها قبل أن يتم التراجع تدريجياً عنها".