أسعار الذهب... هل بلغت الذروة أم ستواصل الصعود؟

23 ابريل 2024
العقوبات الأميركية تدفع بعض الدول إلى بيع الدولار وشراء الذهب (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- شهدت أسعار الذهب تراجعًا ملحوظًا بعد ارتفاع مستمر، مع انخفاض العقود الآجلة لشهر يونيو بـ 22 دولارًا للأوقية والسوق الفورية بنسبة 0.72%، مما أثار تساؤلات حول نهاية موجة الصعود.
- الطلب المتزايد على الذهب يعود لعوامل مثل التحوط من التضخم، توقعات بتخفيض أسعار الفائدة، والعدم اليقين الجيوسياسي، بالإضافة إلى زيادة الدول لاحتياطياتها من الذهب بسبب الاضطرابات الجيوسياسية.
- التوقعات تشير إلى استمرار ارتفاع أسعار الذهب مدفوعة بعوامل مثل الديون الحكومية الأميركية والمخاوف الجيوسياسية، مع قيادة البنوك المركزية لموجة شرائية واستمرار الطلب العالمي، مما يشير إلى احتمال استمرار الصعود في الأسعار.

تراجعت أسعار الذهب أمس الاثنين بعد موجة طويلة من الصعود خلال العام الجاري، حيث تراجعت العقود الآجلة  لشهر يونيو/ حزيران في التعاملات الصباحية بنحو 22 دولاراً للأوقية "الأونصة" إلى 2323.5 دولاراً.

وفي السوق الفورية تراجعت بنسبة 0.72% إلى 2310.57 دولارات، حسب بيانات بلومبيرغ  اليوم الثلاثاء. لكن هل يعني هذا التراجع نهاية صعود الذهب الذي ذهبت توقعات بنوك استثمار عالمية كبرى إلى كسر حاجز الـ 2500 دولار للأوقية قبل نهاية العام الجاري.

3 عوامل وراء الطلب على الذهب

ينظر محللون إلى مجموعة من العوامل التي تحدد مستقبل سعر الذهب وسط التقلبات الجيوسياسية التي تقلق المستثمرين وتربك قرارات البنوك المركزية بشأن توجهات السياسة النقدية. ويرى محللون بنشرة "أويل برايس" أن اندفاع المستثمرين نحو شراء الذهب يعود إلى ثلاثة عوامل رئيسية، هي التحوّط من التضخم، وتوقع تخفيضات أسعار الفائدة، وعدم اليقين الجيوسياسي.

وغالباً ما ينظر الخبراء إلى الاستثمار في الذهب على أنه وسيلة ذكية للحماية من التضخم وتنويع محافظ الأصول في لحظات الاضطراب الجيوسياسي والحروب وعدم اليقين الاقتصادي. وهذان مجرد سببين من الأسباب التي جعلت المعدن الثمين يشهد اهتماماً متجدداً خلال العام الجاري وراء الارتفاع المتواصل الذي شهده خلال الأشهر الماضية.

ولاحظ محللون في تعليقات لقناة "سي بي أس" الأميركية، أن الطلب على المعدن الأصفر ارتفع كثيراً، حيث وصلت أسعار الذهب حالياً إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق اعتباراً من بداية شهر إبريل/ نيسان الجاري. 

لكن هل ستستمر أسعار الذهب في الارتفاع هذا الربيع؟

وفقاً للخبراء، يمكن ذلك، بسبب الاضطرابات الجارية في الشرق الأوسط، والحرب الأوكرانية، والتوتر التجاري والتقني بين بكين والقوي الغربية.

كذلك فإن الدول التي لا تتوافق سياستها مع الولايات المتحدة تتجه نحو التقليل من الدولارات في احتياطاتها النقدية بالبنوك المركزية خوفاً من العقوبات الأميركية، كما جرى مع روسيا عقب حرب أوكرانيا، حيث جمدت البنوك الغربية نحو 300 مليار دولار من احتياطياتها الأجنبية المودعة لديها.

وكانت سابقة تجميد احتياطيات روسيا من الذهب والعملات الأجنبية بعد اندلاع العملية العسكرية في أوكرانيا سبباً في تشجيع الدول النامية على نحو متزايد على التخلي عن العملة الأميركية لصالح أصول مالية أخرى، بما في ذلك الذهب.

وبسبب هذه المخاوف نما الطلب الاستثماري على أصول الملاذات الآمنة بشكل ملحوظ، بما فيها المعادن النفيسة، حيث بنت البنوك المركزية احتياطياتها من الذهب، كذلك أثار ارتفاع التضخم العالمي مخاوف المستثمرين من تآكل أموالهم.

علاوة على ذلك، يرجع احتمال تواصل ارتفاع سعر الذهب أيضاً إلى النمو السريع لديون الحكومة الأميركية التي ستضرب جاذبية الاستثمار في السندات الأميركية.

ومنذ نهاية العام الماضي 2023، زادت عدة دول من حيازاتها من الذهب، وعلى رأسها الصين والهند وتركيا وبولندا وبيلاروسيا وصربيا وجمهورية التشيك وقيرغيزستان وبنغلادش ومالطا، وذلك وفق بيانات مجلس الذهب العالمي في لندن.

على صعيد المخاوف الجيوسياسية، تؤثر الحرب بين أوكرانيا وروسيا في أوروبا الشرقية والحرب الإسرائيل على غزة في الشرق الأوسط مباشرةً بالارتفاع الحالي في أسعار الذهب.

800 طن من الذهب

دفعت المخاطر الجيوسياسية المرتبطة بهذه الحروب البنوك المركزية في جنوب العالم وآسيا والشرق الأوسط وأوروبا الشرقية إلى زيادة احتياطياتها من الذهب.

وأظهر تقرير لمجلس الذهب العالمي، أن البنوك المركزية لهذه الدول اشترت حوالى 800 طن من الذهب في الفترة من يناير/ كانون الثاني إلى سبتمبر/ أيلول 2023، أي بزيادة 14% على ما كانت عليه في عام 2022. ويعتقد بعض المحللين أن طلب البنوك المركزية سيكون أحد المحفزات الرئيسية لنمو سعر الذهب في ربيع العام الجاري.

ووفقاً لتقرير مجلس الذهب العالمي، إن أي تصعيد سيكون له تأثير إيجابي بأسعار المعدن الثمين.

كذلك، من العوامل السياسية التي قد تدفع الذهب إلى الصعود، تنامي الحرب التجارية بين واشنطن وحلفائها والصين، واتهام أميركا وأوروبا للصين بإغراق الأسواق بالبضائع الرخيصة، حيث تحتج أوروبا على الصين بخصوص صادرات الخلايا الشمسية الرخيصة التي تغلق الباب أمام نموّ شركات الطاقة الشمسية في دول الاتحاد الأوروبي.

في هذا الصدد يرى مصرف "جي بي مورغان" الاستثماري في تقرير نشرت قناة "سي بي أس" الأميركية مقتطفات منه، أن أسعار الذهب سترتفع بنحو مطّرد على أساس ربع سنوي حتى تبلغ ذروتها في النصف الأخير من عام 2025. ويتجاوز سعر الذهب حالياً توقعات "جي بي مورغان".

من جانبه، يقول أليكس إيبكاريان، المؤسس المشارك لشركة Allegiance Gold: "سيستمر الذهب في البقاء مرتفعاً حتى العام المقبل، وربما يُتداوَل بشكل أعلى خلال العامين المقبلين". ويشير إيبكاريان إلى أن أغلب الخبراء يتوقعون ارتفاع أسعار الذهب في المستقبل المنظور.

في ذات الصدد، يقول بيتر بوكفار، كبير مسؤولي الاستثمار في مجموعة بليكلي المالية في فيرفيلد بولاية نيوجيرسي لقناة "سي بي أس": "ليس لدينا أي فكرة عن الاتجاه الذي ستتجه إليه أسعار الذهب في الشهرين المقبلين، لكننا واثقون من أنها سترتفع هذا العام".

ومن المتوقع أن يدعم خفض أسعار الفائدة واحتمال عودة الدولار إلى التراجع من مستويات الأسعار الحالية للذهب. 

وهذا الأسبوع توقع مدير منطقة الشرق الأوسط والسياسات العامة بمجلس الذهب العالمي، آندرو نايلور، حدوث تصحيح سعري لسعر الذهب على المديين القصير والمتوسط، بينما يستمر الصعودعلى المدى الطويل

وأرجع ارتفاع أسعار الذهب العالمية لاستمرار زيادة الطلب من قبل البنوك المركزية التي تمثل 19% من الطلب العالمي على الذهب، فضلاً عن طلب الأفراد

وتوقع نايلور استمرار شراء البنوك المركزية للذهب بعدما سجلت صافي مشتريات منذ عام 2010، وأضاف أن بنك اليابان المركزي توقف عن بيع الذهب، وأن البنوك المركزية في الدول الناشئة تقود موجة شرائية.

المساهمون