أسئلة الدولار الشائكة

13 نوفمبر 2016
مبنى البنك المركزي المصري في القاهرة (العربي الجديد)
+ الخط -

جمعت البنوك العاملة في مصر 1.4 مليار دولار منذ قرار تعويم الجنيه حسب تصريحات لمحافظ البنك المركزي طارق عامر اليوم الأحد، في حين قدرت مصادر مصرفية المبلغ بنحو 800 مليون دولار فقط، كما جمعت البنوك أيضاً 70 مليار جنيه سيولة بالعملة المحلية عبر الأوعية والشهادات الادخارية مرتفعة العائد التي طرحتها مباشرة بعد تحرير سعر الصرف بسعر فائدة عال يتراوح ما بين 16 و20%.

السؤال هنا: لصالح من تجمع البنوك السيولة من العملاء سواء الدولارية أو حتى المحلية؟

هل تجمعها لصالح البنك المركزي لمساعدته في إعادة بناء احتياطياته من النقد الأجنبي التي تجاوزت 23 مليار دولار، بعد إضافة الشريحة الأولى من قرض صندوق النقد الدولي البالغة 2.75 مليار دولار؟

وفي حال حدوث ذلك: من أين يأتي البنك المركزي بالسيولة المحلية المخصصة لشراء الدولار من المتنازلين عنه والحائزين له؟

هل تأتي من أموال البنوك المودعة لديه بالجنيه المصري في إطار آلية الإنتربنك، أم من أرباح المركزي السنوية، أم عبر طباعة أوراق نقدية جديدة؟ أم من مصادر أخرى؟.

(تحدثت مصادر هنا عن توجيه البنوك باقي حصيلة شهادات قناة السويس البالغة نحو 44 مليار جنيه لشراء دولار، حيث أن ما تم إنفاقه على مشروع التفريعة الجديدة يبلغ 20 مليار جنيه من حصيلة اجمالية 64 مليار جنيه)، لكن هذا الأمر لم أتأكد من صحته بعد، ولذا أضعه بين أقواس وهو ما يعني التحفظ عليه.

وفي حال عدم شراء الدولار لصالح البنك المركزي، هل البنوك تجمع هذه السيولة الدولارية من المضاربين والمتنازلين لصالحها بهدف علاج العجز الكبير في أصولها الأجنبية الذي تجاوزت قيمته 102 مليار جنيه حتى نهاية يوليو الماضي، حسب آخر أرقام متاحة من البنك المركزي، ولا نعرف بالطبع، ما الرقم الذي وصله العجز حالياً ومنذ الفترة من يوليو حتى نوفمبر 2016.


وفي كلتا الحالتين: هل سيعيد القطاع المصرفي (البنك المركزي أو البنوك) ضخ الأموال الدولارية التي يجمعها في السوق لتلبية احتياجات وطلبات معلقة للتجار والمستوردين، قدرتها مصادر مصرفية محلية بما يتراوح بين 6 و8 مليارات دولار، في حين قدرتها مؤسسات دولية بنحو 13 مليار دولار؟

وحتى لو ارتفعت حصيلة البنوك من تنازلات الدولار الحالية إلى نحو 3 مليارات دولار خلال شهر كما أعلن طارق عامر اليوم الأحد، فكم يمثل المبلغ المتنازل عنه من حجم الأموال الموجودة في السوق السوداء، وكم يمثل من حجم الدولارات المتوافرة لدى المضاربين والمكتنزين والمدخرين، وخصوصاً أن البعض يقدر حجم هذا السوق بعشرات المليارات من الدولارات (قدرها هشام رامز محافظ البنك المركزي السابق بنحو 35 مليار دولار قبل عام)، وهل سحب البنوك هذا المبلغ الصغير نسبياً من المدخرين يمكن أن يئد السوق السوداء ويوجه لها الضربة القاضية؟

بعيداً عن الأسئلة السابقة فإن السؤال الأهم هنا هو: متى ستنهار السوق السوداء للعملة، وماذا عن تلبية طلبات عملاء البنوك المعلقة من التجار والمستوردين والتي لم يتم تغطيتها خلال الفترة الماضية بسبب الظروف السيئة التي مر بها سوق الصرف؟

وهل ستواصل السوق السوداء نشاطها في ظل امتناع البنك المركزي عن تدبير نقد أجنبي للبنوك مع إلغاء العطاء الأسبوعي البالغ قيمته 120 مليون دولار، وإذا لم تؤد الإجراءات الأخيرة إلى اختفاء هذه السوق المزعجة للاقتصاد والمستثمرين، لماذا إذن تعويم الجنيه ما لم يحقق الهدف الأساسي، وهو القضاء على السوق السوداء؟

أخيرا، هل البنوك ستواصل شراء الدولار بالسعر العالي الحالي الذي يفوق أحياناً الأسعار المتداولة في السواق السوداء، ومن يتحمل الخسارة إذن، والتي تمثل الفارق بين السعرين الحقيقي وسعر المضاربة، وهل البنوك ستتوقف عن شراء الدولار بهذا السعر العالي عقب تمرير صندوق النقد قرض الـ 12 مليار دولار؟ أم ستواصل الشراء لتغطية العجز الضخم لديها في الأصول الأجنبية كما قلت سابقاً؟