تشهد أجور المواصلات ارتفاعات غير مسبوقة في عدن وعدد من المناطق اليمنية، مع تواصل انهيار العملة المحلية وتسجيلها 1520 ريالاً مقابل الدولار وذلك للمرة الأولى منذ سبع سنوات، فيما تتصاعد أزمة الوقود في مختلف المناطق في البلاد.
ووصلت أجرة الرحلة الواحدة من منطقة إلى أخرى في مدينة عدن إلى نحو 500 ريال بنسبة زيادة 100 في المائة عن بداية 2021، في حين زادت تكاليف المواصلات بين مدينة وأخرى داخل اليمن بشكل تدريجي منذ مطلع العام الحالي بنسبة تتجاوز 350 في المائة.
كذلك ارتفعت تكاليف النقل التجاري للبضائع من منافذ الاستيراد خصوصاً البرية بسبب المعارك الدائرة في مناطق جنوب مأرب شرقي اليمن والتوترات في محافظة شبوة جنوب شرقي اليمن. ويضطر سائقو الشاحنات إلى استخدام طرق جديدة يصفها كثيرون بالوعرة والشاقة. يقول المواطن خالد بن حارس من سكان عدن لـ"العربي الجديد"، إن أجرة المواصلات تخضع لأمزجة السائقين في الشوارع والمناطق وخطوط النقل.
إذ تصل تكلفة الرحلة "المشوار" في باصات النقل من منطقة الشيخ عثمان جنوباً إلى كريتر وسط عدن إلى نحو 500 ريال في الصباح وترتفع إلى 600 و700 ريال في الظهر والمساء. من جانبه، يستهجن المواطن مشتاق الحاج من سكان مدينة تعز في حديثه مع "العربي الجديد"، صمت الجهات المعنية والحكومة على ما يعانيه ويقاسيه المواطن في المناطق المحسوبة على الحكومة مثل تعز وعدن، وتركه دون إيجاد أي حلول تخفف من معاناته.
ويوضح طلال الحزمي وهو موظف مدني في إحدى الدوائر الحكومية في عدن، لـ"العربي الجديد"، أن راتبه كموظف من الدرجة الخامسة ثابت عند 80 ألف ريال شهرياً منذ أكثر من 12 عاماً، بينما زادت أجور المواصلات داخل المدن بمستويات قياسية تجعلها تستحوذ على أكثر من 30 في المائة من راتبه.
وارتفعت أجور المواصلات بشكل تصاعدي في اليمن منذ العام 2012، حيث زادت من 50 ريالا إلى 100 ريال بداية الحرب الدائرة في البلاد مطلع العام 2015، وبينما استقرت عند هذا المستوى في العاصمة صنعاء، واصلت الارتفاع في عدن وتعز ومناطق أخرى في جنوب اليمن، وقفزت من 100 ريال إلى 150 ريالا، لتصل إلى 200 ريال مطلع العام 2020.
وزادت التعرفة 50 ريالاً إضافية نهاية العام الماضي، لتستمر عند هذا المستوى إلى منتصف 2021، حيث بدأت موجة أخرى من الارتفاع لتصل التعرفة إلى نحو 500 ريال نهاية الأسبوع الماضي. المواطن موفق عبادي من سكان منطقة المعلا في عدن اتبع أحد الحلول الشاقة والقاسية في السير راجلاً إلى مقر عمله في أحد المخازن التجارية القريبة من ميناء عدن، إذ يقطع مسافة تزيد عن 3 كيلومترات.
وأصبحت عملية التنقل سيراً على الأقدام عادة دأب عليها الكثير من المواطنين في العاصمة اليمنية صنعاء المتقاربة شوارعها ومناطقها بصورة نسبية مقارنة بمدينة عدن، إذ دفعت الأزمة المعيشية الكثير من الموظفين والعمال إلى توفير أجرة المواصلات بسبب انخفاض الراتب الذي يتقاضونه.
ويصنف المحلل الاقتصادي أحمد السالمي، في حديثة لـ"العربي الجديد"، أزمة التنقل والمواصلات في طليعة التبعات الكارثية التي أفرزتها الحرب في اليمن. ويضيف: "ضاقت المدن باليمنيين وتباعدت المسافات وأغلقت كل الطرق المعتادة وبالتالي زادت معاناة المواطنين والمسافرين في البحث عن طرق بديلة للتنقل بين المناطق والمدن".
ويعتبر أن تكاليف النقل في البلاد أصبحت أداة استنزاف لما تبقى من دخل للعمال وراتب للموظفين المدنيين بالأخص في مناطق الحكومة اليمنية والتي ظلت ثابته، مقابل تضخم مرتفع وخدمات منعدمة وما هو متوفر منها يتم عبر السوق السوداء.
وتتركز معاناة التنقل بشكل أكبر في المناطق الواقعة على حدود التماس بين الأطراف المتنازعة كما يحدث في منطقة دمت التابعة لمحافظة الضالع جنوبي اليمن، وتتقاسم السيطرة عليها قوات عسكرية تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي والحوثيين. إذ يضطر الكثير من المواطنين إلى التنقل عبر طرق بديلة وعرة تزيد مسافتها عن 8 ساعات للوصول إلى أقرب منطقة وهي مريس، والتي تبعد عن دمت بأكثر من 10 كيلومترات.
ولا يختلف الوضع في أهم خطوط السير حالياً في اليمن، الخط المؤدي إلى عدن، والرابط بين سيئون في حضرموت والمحافظات الشرقية والشمالية في البلاد، إذ يعبرهما ما يزيد على 25 ألف مسافر يومياً، بسبب استمرار إغلاق مطار صنعاء الدولي وكافة المطارات اليمنية الأخرى وحصر الرحلات الجوية في مطاري عدن وسيئون.
وتسببت أزمات الوقود المتصاعدة والتي وصلت أخيراً إلى ذروتها وانهيار العملة بشكل متواصل في جعل أجور المواصلات وتكاليف النقل من أكثر الأعباء التي يعاني منها اليمنيون. ويشكو عدد كبير من المواطنين من تأثيرات هذه الأزمة على حياتهم اليومية، حيث فاقمت معاناتهم وزادت من تردي أوضاعهم المعيشية، باعتبارها من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى ارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية خلال الفترة الماضية.