أزمة مالية تعصف بحكومة غزة

27 يوليو 2022
الحكومة ترفع الجمارك على بعض السلع المستوردة لزيادة الإيرادات (عبدالحكيم أبورياش)
+ الخط -

عاد الحديث عن الأزمة المالية للحكومة الفلسطينية في قطاع غزة، التي تديرها حركة "حماس" إلى الواجهة من جديد بعد فترة من الاستقرار التي عاشها موظفوها الذين يتلقون 60% من رواتبهم شهرياً.

وتواجه الحكومة انتقادات كثيرة في الآونة الأخيرة، على خلفية ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية الرئيسية، وغياب الدعم الكافي لها، مقارنة مع الواقع المعيشي الذي يمر به السكان، نتيجة الحصار الإسرائيلي المتواصل.

وأدت بعض القرارات في الأيام الأخيرة لزيادة مستوى الانتقاد للحكومة على خلفية فرض زيادة خاصة باستيراد بعض المنتجات مثل الملابس، في الوقت الذي بررت فيه القرار بحماية المنتج المحلي وتعزيز صناعة الملابس المحلية.

ومنذ عام 2013 لم يحصل موظفو الحكومة في غزة على رواتب كاملة نتيجة لظروف الحصار الإسرائيلي وتجفيف المنابع المالية التي كانت حركة حماس تحصل على دعم منها لتمويل حكومتها التي تدير شؤون القطاع منذ سيطرتها عليه قبل نحو 15 عاماً.

وتستند الحكومة منذ عام 2017 وحتى الآن إلى بوابة صلاح الدين التجارية مع مصر في تغطية نفقاتها المالية، في ظل جباية السلطة الفلسطينية للضرائب على البضائع الواردة للقطاع عبر معبر كرم أبو سالم مع الاحتلال مع وجود زيادات جمركية تُدفع لمالية غزة من هذه البضائع.

ويبلغ عدد الموظفين المحسوبين على الحكومة نحو 50 ألف موظف يعملون في الشقين المدني والعسكري، ويقدمون خدمات لأكثر من 2.2 مليون نسمة في القطاع الذي لا تزيد مساحته على 365 كيلو متراً مربعاً.

يقول رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، سلامة معروف، إن الأزمة المالية جاءت بفعل التدخلات المباشرة التي قامت بها الحكومة الفلسطينية على بعض السلع الأساسية وتحديداً المحروقات التي تشكل رافداً رئيسياً لخزينة المالية في غزة.

ويضيف معروف لـ"العربي الجديد" أن كوب السولار (الكوب يعادل ألف لتر) كان يصل إلى غزة بحدود 820 دولاراً أميركياً، فيما أصبح حالياً السعر يصل إلى 1530 دولاراً، ما يعني أن حجم الزيادة في الأسعار بلغ نسبة 100%، في الوقت الذي كانت فيه الزيادة في السوق المحلي لا تتجاوز 13% إلى 14% حيث تحملت المالية فرق السعر.

ووفق رئيس المكتب الإعلامي الحكومي فإن فاقد الإيرادات في ملف المحروقات وصل إلى 17 ملايين شيكل شهرياً وهو دعم مباشر قدمته الحكومة لصالح المواطن في ملف المحروقات، وهو ما دفع المالية خلال الشهور الثلاثة للاستدانة من البنوك لسد العجز الحاصل.

ويشير إلى أن الحكومة وصلت إلى مرحلة يستحيل معها صرف نسبة الدفعة المالية كما كانت خلال الشهور الماضية بنسبة 60%، وهو ما سيضطرها للانتظار حتى نهاية الشهر الجاري لتحديد النسبة التي تصرفها بأقل ضرر للموظف الذي يقدم الخدمة للمواطن.

وبحسب معروف فإن الحكومة اتبعت خطة تقشف كاملة تطاول كامل النفقات الحكومية وأوجه الصرف المختلفة لتجاوز هذه الأزمة والتعافي منها بشكل سريع، في ظل اعتمادها بشكل أساسي في إيراداتها على التبادل التجاري مع مصر وما تحصله من جمارك.

وترفض نقابة الموظفين العمومين في غزة أي حديث عن تقليص نسبة رواتب الموظفين في ظل المطالبات المستمرة بصرف رواتب كاملة وجدولة المستحقات المتراكمة لصالح الآلاف من الموظفين منذ 9 سنوات.

ويرى الباحث في الشأن الاقتصادي أحمد أبو قمر، أن الأزمة المالية التي طاولت الحكومة في غزة مؤخراً طبيعية في ظل افتقارها لسياسات مالية خاصة تمكنها من التعامل مع الواقع القائم.

ويقول أبو قمر لـ"العربي الجديد" إن الحكومة لا توجد لديها أي بدائل إلا جمع بعض الضرائب من خلال التبادل التجاري مع مصر، فيما لا تمتلك أية صناديق للطوارئ أو حتى مشاريع وصناديق استثمارية تمكنها من توفير السيولة اللازمة.

ويضيف أن فرصة الحكومة في زيادة الضرائب لتوفير بعض السيولة تبدو صعبة في ظل ارتفاع مستويات التضخم وتوقعات دخول العالم في موجة من الركود، وهو ما يتطلب البحث عن خطط بديلة.

المساهمون