أضافت السعودية ضربة اقتصادية جديدة على لبنان، عبر وقف الواردات كافة القادمة منه، عقب أزمة دبلوماسية بين البلدين ناتجة عن تصريحات وزير الإعلام اللّبناني جورج قرداحي حول حرب اليمن.
بدأ الخلاف عقب نشر مقابلة لقرداحي سُجّلت في أغسطس/آب الماضي (قبل تعيينه وزيراً)، وبُثّت في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قال فيها إنّ الحوثيين "يدافعون عن أنفسهم ضد اعتداءات السعودية والإمارات".
عقب التصريح، اتّخذت دول خليجيّة عدّة، قرارات صارمة تجاه لبنان، فأعلنت السعوديّة والإمارات والبحرين والكويت سحب سفرائها من بيروت؛ كما طلبت الرياض والكويت والمنامة من السفراء اللبنانيين مغادرة أراضيها.
إلّا أنّ السعودية زادت حزمة قراراتها، وأوقفت دخول الواردات اللّبنانيّة كافّة إليها، ما سيضاعف حدّة الأزمة الاقتصاديّة الّتي يعاني منها لبنان أساساً.
يكشف تقرير رسمي صادر عن الجمارك اللبنانية، نشرته غرفة التجارة والصناعة والزراعة (حكومي)، أن أهم السلع الّتي صُدّرت من لبنان إلى مختلف دول العالم في 2020، هي المجوهرات بنسبة 40%، تلتها الأجهزة والأدوات الآليّة بنسبة 6%، ثمّ الخضار والفواكه.
وتربعت الدول العربية على رأس إجمالي قيمة الصادرات بنسبة 40%، تلتها دول أوروبية من خارج الاتحاد الأوروبي بنسبة 30% ومن داخله بنسبة 11%، أمّا الدول الأفريقية فبنسبة 7%؛ وفق البيانات الرسميّة، والنسبة المتبقية لدول أخرى حول العالم.
تُعدّ السعوديّة من أكثر الدول في العالم الّتي تستورد منتوجات زراعيّة من لبنان، خاصّة الخضار والفواكه كالعنب، والحمضيات، والموز وغيرها.
ويكشف رئيس جمعيّة المزارعين اللبنانيّين أنطوان الحويك، أنّ "أكثر 4 دول تُصدَّر إليها المنتوجات الزراعيّة من لبنان هي السعودية، ثم الكويت، تتبعهما سورية ومصر".
وذكر أنّ "حصة الصادرات الزراعيّة في 2020 إلى الكويت، بلغت 59 ألف طن قيمتها 21 مليون دولار، وحصّة السعوديّة منها 50 ألف طن قيمتها 24 مليون دولار، وحصّة مصر 40 ألف طن، وحصّة الإمارات من الصّادرات وصلت إلى 31 ألف طن بقيمة 14 مليون دولار".
يشير الحويك إلى أنّه "لو تواجدت أسواق بديلة عن الخليج في السّابق، لكانت صُدّرت البضائع إليها، لكنّ أسواق الدّول العربيّة هي الّتي تستورد 97% من صادراتنا الزراعيّة".
ويؤكّد "عدم القدرة الآن على توقُّع الخسائر نتيجة التدابير السعوديّة، لأنّ المنتجات ممكن أن تتحوّل إلى أسواق أخرى، إلّا أنّ بعد سنة من الآن ستتّضح الصّورة".
من جهته، يقول أحد أكبر المزارعين في لبنان، الّذي طلب عدم الكشف عن اسمه، في تصريح: "لا نريد بدائل عن أسواق الخليج"، داعياً إلى "فصل الاقتصاد عن السّياسة في لبنان".
ويذكّر بأنّ "منع دخول المواد الزراعيّة إلى السعوديّة ليس بجديد، إنّما يعود إلى أشهر سابقة، عقب ضبط السلطات هناك حبوب كبتاغون داخل شحنة رمّان".
وفي إبريل/نيسان الماضي، قرّرت السعوديّة منع دخول شحنات الخضروات والفواكه اللبنانيّة أو العبور من خلال أراضيها، بسبب استغلال تلك الشحنات في تهريب المخدّرات إلى المملكة.
توقُّف الصّادرات اللبنانيّة إلى السعوديّة يطاول أيضاً القطاع الصّناعي، إذ يقول نائب رئيس جمعيّة الصناعيّين زياد بكداش: "نصدّر إلى السعوديّة المأكولات، الورق، الألومنيوم، المعدّات الصناعيّة والكهربائيّة والمولدات".
ويضيف أنّ "تداعيات القرار السعودي على الصّناعة لا تقف فقط عند حدود عدم القدرة على تصدير المواد، إنّما تشمل توقّف بعض الاستثمارات في لبنان، بالإضافة إلى إقفال عدد من المصانع وانتقالها إلى دول أخرى".
ويوضح أنّه "بعد أزمة الكبتاغون منذ أشهر، انتقلت مصانع لبنانيّة عدّة إلى دول أخرى مثل عمان ومصر وقبرص وتركيا، ما يعني هروب الاستثمارات من لبنان، وفقدان العديد من المواطنين فرص عملهم".
كما يتمنّى أن "ينتهي الموضوع عند حدود السعوديّة فقط، ولا تنتقل عدوى منع الصّادرات اللبنانيّة إلى دول عربيّة أخرى".
لا يصدر لبنان إلى السعودية كميات ضخمة من المجوهرات كما غيرها من الدول، ورغم ذلك، رفعت نقابة معلّمي صناعة الذّهب والمجوهرات الصوت، مطالبةً بـ"ضرورة حماية هذا القطاع بعد القرار السعودي".
ويشير رئيس النقابة في لبنان بوغوص كورديان، إلى أنّ "صنّاع المجوهرات اللبنانيّين يشاركون في معارض سنويّة في دول الخليج، ويوجد تخوف من ألّا يتمكّنوا بعد اليوم من المشاركة، ما سينعكس سلباً على القطاع".
ويشدّد على "أهميّة الحفاظ على العلاقات مع دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربيّة السعوديّة، من أجل الاستمرار في حماية اقتصادنا الوطني والعربي".
(الأناضول)