أزمة توفير الطعام... حرب جديدة تطحن اليمنيين

11 يوليو 2022
تراجع المساعدات المقدمة لليمنيين (خالد زياد/ فرانس برس)
+ الخط -

تصاعدت التحذيرات خلال الفترة الماضية من معاناة اليمنيين في توفير الطعام، بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا وتبعاتها على تراجع الإمدادات من الغذاء، بالتزامن مع إعلان منظمات دولية تقليص برامجها الإغاثية في البلد الذي يعاني من حرب وصراع طاحن منذ سبع سنوات.

ودفعت الأزمة الغذائية الحادة والمتفاقمة التي يمر بها اليمن إلى تقديم طلب للاتحاد الأوروبي لمساعدته في الحصول على أسواق جديدة لشراء القمح، بعدما شارف مخزون البلاد من القمح على النفاد.

وأكد مسؤول حكومي فضل عدم الكشف عن اسمه، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن اليمن يعاني من أزمة مالية ونقدية بالدرجة الأولى تمنعه من تمويل وارداته من الغذاء، التي أصبحت مكلفة للغاية بسبب الاضطراب الحاصل وارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية.

ويعول اليمن كثيراً، بحسب هذا المسؤول، على مؤسسات التمويل الدولية في مساعدته على استيراد القمح والمواد الأساسية وتمكين القطاع الخاص اليمني من الوصول السريع إلى تمويل مشتريات القمح.

وأشار الخبير المصرفي نشوان سلام، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن أزمة التوريد تصاعدت منذ بداية شهر يونيو/ حزيران، بسبب الايقاف المفاجئ في تخصيص ما تقول عنه الحكومة اليمنية المبلغ المتبقي من الوديعة السعودية السابقة والذي يزيد على 200 مليون دولار، وهو ما وضعها في أزمة حادة، حيث تبدو عاجزة حتى الآن في التعامل معها وإيجاد خطوط تمويل تغطي وارداتها من الاحتياجات السلعية لفترة لا تقل عن 3 أشهر.

وتعم المخاوف في القطاع التجاري الخاص في اليمن من تسارع التحديات والصعوبات في سلاسل الامداد، والتي قد تصل إلى حد عدم قدرته على الشراء من السوق الدولية بسبب التعقيدات والصعوبات التي يواجهها التجار والمستوردون في التعامل مع الأسواق العالمية.

عبد الله العزاني، مدير شركة خاصة بالشحن التجاري، أكد لـ"العربي الجديد" عدم القدرة على تأمين خطوط إمدادات كافية منذ نهاية مايو/ أيار، بسبب الهيمنة التي فرضتها الشركات التجارية الكبرى في السوق الدولية وبقاء كميات كبيرة من الحبوب في مخازنها من دون وضعها للتداول في الأسواق.

وهذا الأمر أثر على التعاقدات المبرمة سابقاً والتي تواجه العديد من التعقيدات في تنفيذها، لافتاً إلى أن الأوضاع ستستمر بالتفاقم خلال المرحلة المقبلة. ويعاني اليمن تأثيرات الحرب التي يشهدها منذ العام 2015، وانعكاساتها على القطاع المصرفي اليمني واهتزاز علاقته بالمصارف والبنوك الدولية، وما فرضته من صعوبات أمام المستوردين اليمنيين لتمويل قيمة الواردات السلعية إلى اليمن. إذ يضطر هؤلاء إلى تمويل قيمة هذه الواردات عبر شركات الصرافة المحلية وشركات صرافة في الدول الأجنبية وفي الدول المجاورة، وهو ما أدى إلى ارتفاع تكاليف تمويل قيمة الواردات السلعية إلى اليمن بشكل كبير.

وأعلنت الحكومة اليمنية توصلها مع البنك الدولي إلى نقاط مشتركة للانطلاق بالمرحلة القادمة نحو العمل والتركيز على تطوير قدرات البلد التمويلية ودعم القطاع الخاص بشكل كبير، والتخطيط لمواجهة أزمة الأمن الغذائي من خلال تسهيلات تجارية تضمن واردات السلع الغذائية إلى اليمن، إضافة إلى تمويل القطاعات المنتجة والثروة السمكية والزراعة، وتفعيل الرقابة على المنظمات الدولية وتحديداً العاملة بالمشاريع الممولة عبر البنك الدولي. وتطرق الباحث الاقتصادي جمال راوح، في حديثه مع "العربي الجديد"، إلى حدة تبعات هذه الأزمة، التي بدأت تنعكس على اليمن الذي يعاني في الأساس من أزمات اقتصادية ومعيشية واسعة.

ولفت إلى أن هذه الانعكاسات بدأت بالظهور مؤخراً من خلال أزمة الوقود وغاز الطهو المنزلي ونقص الإمدادات في السوق المحلية والارتفاع المتصاعد في أسعار المواد الغذائية بعد إعلان برنامج الغذاء إيقاف برامجه في اليمن. إضافة إلى تأثير هذه الأزمة المتصاعدة على المباحثات السياسية بين الأطراف المتصارعة.

وتؤكد منظمات دولية أن الارتفاع الحاد في أسعار السلع الاستهلاكية الأساسية ونقص الإمدادات يفرضان مزيدا من الضغوط على الأسر في أنحاء العالم ويدفعان الملايين نحو الوقوع في الفقر، إذ يبلغ هذا التهديد أوجه في أفقر البلدان، كاليمن، التي تعتمد في جزء كبير من استهلاكها على الواردات الغذائية.

ويعتمد اليمن على الاستيراد بنسبة تزيد عن 80 في المائة، وتزيد بالنسبة للقمح إلى نحو 95 في المائة، و5 في المائة توفرها المنظمات الدولية الإغاثية، كبرنامج الغذاء العالمي، الأمر الذي يجعله من أكثر الدول تأثراً بالحرب الروسية في أوكرانيا التي بلغت تبعاتها مرحلة متقدمة في تهديد واردات القمح، خاصة أن هاتين الدولتين توفران أكثر من 45 في المائة من إجمالي كميات القمح المستورد إلى اليمن.

وكان برنامج الغذاء العالمي قد أعلن أنه يعتزم تقليص مساعداته للمستفيدين في اليمن بنسبة تتراوح بين 25 و50 في المائة من الاحتياجات اليومية للمستفيدين والفئات الأكثر احتياجاً، مشيراً إلى أنه سيقوم بإيقاف أنشطة تعزيز القدرة على الصمود وسبل كسب العيش والبرامج التغذوية، وذلك بسبب النقص الحاد في التمويل وتداعيات الحرب في أوكرانيا.