أزمة المصارف الأميركية تطل برأسها من جديد

30 ابريل 2024
أحد فروع بنك ريببليك فيرست 2013 (أسوشييتد برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الاقتصاد الأميركي يشهد نموًا وقوة في سوق العمل لكنه يواجه تحديات بسبب أزمة المصارف، مع إغلاق "ريببليك فيرست بنك" في 2024، مما يعيد ضبابية المشهد الاقتصادي ويزيد المخاوف حول استقرار النظام المصرفي.
- البنوك الإقليمية الصغيرة تعاني من صعوبات في الحفاظ على الودائع وتواجه منافسة من البنوك الكبرى، مع ارتفاع أسعار الفائدة وانخفاض قيمة القروض، مما يثير قلق المستثمرين ويشير إلى احتمالية "عدوى" الإفلاس.
- سياسات بنك الاحتياط الفيدرالي التشديدية ضد التضخم أثرت سلبًا على سوق العقارات التجارية وزادت الضغوط على البنوك الإقليمية، مما يتطلب رأس مال إضافي لمعالجة الخسائر ويعكس حالة من عدم اليقين في النظام المالي.

على الرغم من معدلات النمو القوية التي سجلها الاقتصاد الأميركي أخيراً، واستمرار قوة سوق العمل الأميركية، وتتالي تسجيل المستويات القياسية لمؤشرات الأسهم الأميركية، لم تخلُ سماء الاقتصاد الأكبر في العالم من الغيوم، حيث عادت أزمة المصارف التي كادت تعصف بالسوق الأميركية العام الماضي لتطل برأسها من جديد، ولتزيد من ضبابية المشهد أمام صانعي السياسات النقدية.

ويوم الجمعة الماضي، أصبح بنك "ريببليك فيرست بنك Republic First Bank"، وهو بنك إقليمي مقره في فيلادلفيا، أول بنك أميركي يفشل في عام 2024، عندما أغلقته هيئة تنظيم البنوك في بنسلفانيا، وتولت المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع (FDIC) السيطرة على عملياته.

وسرعان ما أبرمت المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع صفقة مع بنك فولتون لشراء أصول البنك، لكن أحد الخبراء في الإصلاح التنظيمي المالي وإخفاقات البنوك رأى في انهيار البنك تهديداً لما يمكن أن يحدث خلال الفترة القادمة.

وقال جوزيف لينياك، المحامي المصرفي في مكتب "دورسي آند ويتني" للاستشارات، في لقاء مع شبكة فوكس بيزنس الاقتصادية: "يشير فشل البنك هذا إلى حدوث حالات فشل إضافية، ستراوح بين البنوك المجتمعية الأصغر حجمًا والبنوك الأكبر حجمًا".

وقال لينياك المتخصص في حماية البنوك وإعلانات إفلاسها: "السبب ذو شقين: الودائع ذات التكلفة الأعلى التي تتجاوز العائد على سندات الخزانة ذات العائد المنخفض والاستثمارات المماثلة التي تحتفظ بها البنوك، وتدهور سوق العقارات التجارية والقروض العقارية التجارية".

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

وتكافح البنوك الإقليمية الصغيرة للاحتفاظ بالودائع، حيث يسعى العملاء للحصول على الأمان من المنافسين الأكبر، الذين يعتبرهم البعض "أكبر من أن يُسمَح بإفلاسهم". وسبّب ارتفاع أسعار الفائدة انخفاضاً في القيمة الحقيقية للقروض التي تقدمها تلك البنوك، بسبب زيادة الخسائر غير المحققة وانخفاض قيم العقارات التجارية.

ويشعر المستثمرون بالقلق من احتمال انتشار العدوى في القطاع منذ انهيار عدة بنوك بارزة، من بينها "سيليكون فالي"، و"فيرست ريبابليك"، و"سيغنتشر"، خلال النصف الأول عام 2023.

وفي يناير الماضي، تفاقمت المخاوف عندما أعلن بنك New York Community Bancorp (NYCB)، الناشط في تقديم القروض لقطاع العقارات المضطرب، حصول خسارة مفاجئة قدرها 252 مليون دولار في الربع الأخير من عام 2023 مقارنة بربح 172 مليون دولار في الربع نفسه من العام السابق. لكن البنك نجح في جمع مليار دولار الشهر الماضي من المستثمرين، وفي مقدمتهم شركة الاستثمار Liberty Strategy Capital التابعة لوزير الخزانة السابق ستيفن منوشين.

وقال لينياك: "أشارت المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع إلى أن البنوك قد تعاني من خسائر كبيرة غير محققة في محافظها الاستثمارية، وأن العديد من البنوك ستحتاج في النهاية إلى رأس مال إضافي لمعالجة هذه الخسائر غير المعترف بها".

وبعد عقود من النمو المدعوم بمعدلات الفائدة شديدة الانخفاض، جاءت سياسات التشديد من بنك الاحتياط الفيدرالي خلال العامين الماضيين، للتعامل مع أعلى معدل تضخم تشهده البلاد في أكثر من أربعة عقود، لتصل بسوق العقارات التجارية بأميركا، البالغة قيمته نحو 20 تريليون دولار، إلى طريق مسدود.

وبالإضافة إلى إضرار جهود البنك الفيدرالي بالصناعة المعتمدة على الائتمان، تراجعت تقييمات العقارات المكتبية ومحال التجزئة منذ أن غيّر الوباء أماكن إقامة الناس وعملهم وكيفية تسوقهم، ما ألقى بظلاله على البنوك الإقليمية التي كانت توفر الائتمان للشركات العاملة في المجال.

وتمتلك البنوك الأميركية حوالى 2.7 تريليون دولار من القروض العقارية التجارية، تحتفظ بالنسبة الأعظم منها، حوالى 80%، وفقاً لخبراء بنك غولدمان ساكس، بنوك إقليمية صغيرة، من النوعية والحجم الذي لا يشمله تصنيف حكومة الولايات المتحدة على أنه "أكبر من أن يُسمَح بإفلاسه".

المساهمون