تتفاعل قضية إمدادات الغاز نحو أوروبا بوتيرة متسارعة، يأتي ذلك فيما توقعت وكالة الطاقة الدولية انخفاض إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا بنسبة 40% خلال العام الحالي، في حين تشهد النرويج إضراباً في القطاع يهدد كميات الغاز المتجهة نحو أوروبا بشكل خطير، أما روسيا فلا تزال تدرس تسعير غازها بالروبل، ما سيضع القارة العجوز في وضع محرج في ظل تشديد العقوبات على موسكو.
وقالت وكالة الطاقة إن ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي ومخاوف بشأن الإمدادات بسبب الحرب في أوكرانيا ستبطئ نمو الطلب على الوقود الأحفوري خلال السنوات المقبلة.
وتوقعت الوكالة، في تقرير نشر الثلاثاء، ارتفاع الطلب العالمي على الغاز الطبيعي بمقدار 140 مليار متر مكعب بين عامي 2021 و2025، ما يعد أقل من نصف الزيادة البالغة 370 مليار متر مكعب، والتي سجلت خلال السنوات الخمس الماضية، وتشمل الانكماش الذي سببه فيروس كورونا.
ترجع التوقعات المعدلة في الغالب إلى تكهنات تباطؤ النمو الاقتصادي بدلا من تحول المشترين من الغاز إلى الفحم أو النفط أو الطاقة المتجددة.
في حين ينبعث من حرق الغاز ثاني أكسيد كربون أقل من أنواع الوقود الأحفوري الأخرى، فإن غاز الميثان المنطلق أثناء عملية الاستخراج يعد محفزا مهما لتغير المناخ. وقال كيسوكي ساداموري، مدير أسواق الطاقة والأمن بالوكالة: "حرب روسيا غير المبررة في أوكرانيا تعطل أسواق الغاز بشكل خطير".
وقالت وكالة الطاقة إن جهود دول الاتحاد الأوروبي للتوقف عن استخدام الغاز الروسي ستؤدي إلى انخفاض صادرات خطوط الأنابيب من روسيا إلى الكتلة بنسبة ما بين 55 إلى 75 بالمائة.
وتابع ساداموري "نشهد الآن ارتفاعا حتميا في الأسعار، حيث تتنافس البلدان في جميع أنحاء العالم على شحنات الغاز الطبيعي المسال، ولكن الاستجابة الأكثر استدامة لأزمة الطاقة العالمية اليوم تتمثل في بذل جهود أكبر لاستخدام الطاقة بشكل أكثر كفاءة وتسريع التحول للطاقة النظيفة".
وقال التقرير الفصلي للوكالة إن الطاقة الإنتاجية مقيدة جزئيا بسبب الركود في استثمارات البنية التحتية للغاز خلال الأعوام من 2010 إلى 2020 وتأخيرات البناء المرتبطة بكورونا، وأضاف أنه من غير المرجح أن تؤثر الاستثمارات الجديدة على إمدادات الغاز سوى ما بعد عام 2025.
إضراب خطير
كما حذّرت رابطة النفط والغاز النرويجية، الثلاثاء، من أن إضراب العاملين في القطاع قد يؤدي إلى تراجع صادرات الغاز النرويجية بأكثر من النصف في نهاية الأسبوع، علما أنه أدى حتى الآن إلى إغلاق ثلاثة حقول. ومنذ انخفاض شحنات الغاز الروسي في أعقاب الحرب في أوكرانيا، أصبحت النرويج البديل الأول لأوروبا لإمدادات الغاز.
وقالت الرابطة في بيان، إن "الصادرات النرويجية تمثل ربع الطاقة الأوروبية، وتعتمد أوروبا كليًا على الشحنات النرويجية في وقت أدت فيه تخفيضات الإمدادات الروسية إلى توتر السوق بشدة لتأمين الغاز"، وأضافت أن "تمديد الإضراب الذي سيدخل حيز التنفيذ السبت، سيكون ضارًا وخطيرًا لأوروبا والنرويج".
وأوضحت أن "حوالى 60 في المئة من صادرات الغاز من الجرف القاري النرويجي ستتأثر لدى تصعيد الإضراب اعتبارا من السبت"، مضيفة أن ذلك سيعني خسارة في الإنتاج تقدر بـ341 ألف برميل من النفط.
وتابعت أن "إضرابًا بهذا الحجم يطرح مشاكل كبيرة للبلدان التي تعتمد كليًا على تخزين الغاز قبل الخريف والشتاء".
تسعى الدولة الاسكندنافية الغنية، وهي ثاني أكبر مورد للغاز الطبيعي إلى أوروبا، في الأشهر الأخيرة للإنتاج بكامل طاقتها لتلبية الحاجات الكبيرة التي يطلبها الأوروبيون للالتفاف على الغاز الروسي.
بعد فشل مفاوضات الأجور، بدأ اتحاد ليديرن النرويجي النافذ إضرابًا، الثلاثاء، أدى إلى وقف تشغيل شركة Equinor الوطنية العملاقة لثلاثة حقول بحرية (Gudrun وOseberg East وOseberg South)، مع تأثير في الوقت الحالي يقتصر على 1% من صادرات الغاز.
في حال تصعيد الإضراب، ستتوقف أربعة حقول إضافية، الأربعاء، ليرتفع حجم الصادرات المجمدة إلى 13%.
والسبت، سيؤدي توقف الحقول الكبرى لـGullfaks A وC وSleipner إلى مضاعفة عواقب الإضراب، من خلال خفض 56% من الصادرات، وفقًا لرابطة النفط والغاز النرويجية.
وأضاف المصدر أنها تمثل حوالى 180 مليون يورو يوميا.
تهديد روسي
من جهة أخرى، قال الكرملين، اليوم الثلاثاء، إنه لم يتم اتخاذ أي قرار بشأن تحويل مبيعات الغاز الطبيعي المسال الروسي إلى الروبل. ونقلت وكالة إنترفاكس للأنباء عن أحد كبار المديرين في غازبروم قوله، أمس الاثنين، إن الشركة قد تقترح توسيع خطة الروبل مقابل الغاز المنقول عبر خطوط الأنابيب ليشمل الغاز الطبيعي المسال.
وقال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، للصحافيين عبر الهاتف: "لم يتم اتخاذ أي قرارات في هذا الصدد في الوقت الحالي وليس هناك أي أوامر معدة سلفا".
وأفادت وكالة إنترفاكس بأن كيريل بولوس، وهو نائب رئيس قسم في غازبروم، قال أمس، الاثنين، إن هناك منافسة تتعلق بأسعار صرف العملات الأجنبية بين غاز خط الأنابيب الذي يباع بالروبل والغاز الطبيعي المسال الذي يتم فرض ضرائب عليه بالدولار.
وعندما سئل عما إذا كانت خطة الغاز الطبيعي المسال مقابل الروبل قد تغطي جميع شحنات الغاز الطبيعي المسال من روسيا، والتي تأتي بشكل أساسي من مشروع سخالين-2 ومشروع يامال الذي تقوده شركة نوفاتيك، قال بيسكوف إن الأمر يعود إلى غازبروم.
(رويترز، فرانس برس، الأناضول)