أزمة الرواتب في العراق تُشعل خلافاً بين الحكومة والبرلمان

02 نوفمبر 2020
خلافات حادة بين البرلمان والحكومة (Getty)
+ الخط -

اتهم نواب عراقيون حكومة مصطفى الكاظمي بـ"الفشل" في الخروج من أزمة توفير رواتب الموظفين، ومحاولة ما وصفوه بابتزاز البرلمان بشأن الأزمة، من خلال قانون الاقتراض الذي أرسلته إلى مجلس النواب، محمِّلين إياها مسؤولية التقصير في البحث عن حلول ناجحة للخروج من الأزمة، الأمر الذي يدفع باتجاه خلاف بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.

يأتي ذلك بعد تصريحات جديدة لوزير المالية، علي عبد الأمير علاوي، مساء أمس الأحد، حمّل فيها البرلمان مسؤولية تأخير صرف الرواتب، من خلال عدم إقرار قانون الاقتراض، وقال في تصريح أدلى به إلى قناة العراقية الرسمية، إن "الرواتب ستصرف للموظفين، حال إقرار القانون من قبل البرلمان".

وأكد أن "البرلمان وضع سقفاً للاقتراض الداخلي الأول، الذي بلغ 15 ترليون دينار، رغم اعتراضنا عليه"، مبيّناً أن "هذا السقف لم يكفِ لسد الرواتب والنفقات حتى شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، الأمر الذي اضطر الوزارة إلى طلب اقتراض جديد وبسقف أعلى، يصل إلى 41 ترليوناً، لنتمكن من سدّ العجز في الرواتب والنفقات الحاكمة المتعلقة باستيراد الكهرباء والوقود والديون الخارجية والبطاقة التموينية ودعم المزارعين".

وأشار إلى أن "السقف الجديد في حال إمراره في البرلمان، فإنه سيغطي الرواتب والنفقات لما بقي من العام الحالي وشهرين من العام المقبل".

وتظهر أرقام حكومية عراقية حاجة البلاد لنحو 5 مليارات دولار شهرياً لدفع مرتبات الموظفين والمتقاعدين ومستفيدي شبكة الرعاية الاجتماعية البالغ عددهم أكثر من 10 ملايين شخص، بالوقت الذي لم تتجاوز فيه إيرادات العراق من النفط حاجز الـ 3.4 مليارات دولار، وهو ما يجعله بحاجة إلى الاقتراض لتأمين الموازنة التشغيلية وسط توقعات بأزمة أكثر حدة العام المقبل بحال استمرار أسعار النفط على هذا المستوى.

من جهتها، أكدت النائبة عن تحالف النصر، ندى شاكر جودت، أن "الحكومة تستطيع دفع رواتب الموظفين، من دون التصويت على قانون الاقتراض"، مبينة في تصريح صحافي أن "لدى الحكومة آليات تمكنها من صرف الرواتب، من خلال الاقتراض من البنك المركزي أو المصارف الأخرى، ومن ثم تدفع لهم عند إقرار القانون، فضلاً عن طرق أخرى متاحة لها".

وشددت على أن "الحكومة تتعمد تأخير صرف الرواتب، وأنها تستخدم هذا الملف بهدف ابتزاز البرلمان وليّ ذراعه، لإجباره على التصويت على قانون الاقتراض، بصيغته المرسلة"، مؤكدة أن "هذا الأمر لن يحصل، ولا يمكن تمريره، ولا سيما أن القانون بصيغته الحالية تترتب عنه نتائج سلبية تدمر اقتصاد البلد".

وأشارت إلى أن "القانون يجب أن تُجرى عليه تعديلات كثيرة، ومن ثم لا يُصوَّت عليه إلا وفق شروط معينة".

بدوره، اتهم عضو اللجنة المالية في البرلمان، النائب أحمد مظهر الجبوري، الحكومة بـ"الفشل في توفير الرواتب للموظفين، وأنها تحاول اتخاذ الأزمة المالية وعدم تمرير قانون الاقتراض، شماعة لتبرير فشل خططها بتوفير الرواتب"، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن "على الحكومة تحمّل مسؤوليتها بتوفير الرواتب والخروج من الأزمة".

وشدد على أن "هناك سوء إدارة للأزمة المالية من قبل الحكومة، ولا سيما أن هناك أبواباً كثيرة تصرف فيها أموال الدولة بشكل غير صحيح، من دون تحديد الأولويات، ولا سيما في موضوع الرواتب التي يحتاجها المواطنون".  

ويدفع الخلاف بين الحكومة والبرلمان، بشأن الرواتب، نحو تعميق الأزمة بين السلطتين، ولا سيما مع تشدد البرلمان وعدم قبوله بتمرير السقف الذي تطلبه الحكومة للقرض.

وقال النائب عن ائتلاف "دولة القانون" منصور البعيجي، في بيان له، إن "الحكومة قد أخفقت كثيراً في ملف رواتب الموظفين والمتقاعدين، التي لم تصرف إلى يومنا هذا، وأنها (الحكومة) لم تبحث عن حلول، عدا تمسكها بقانون الاقتراض"، مشدداً على أنه "لن نسمح بأي اقتراض للحكومة يتجاوز دفع رواتب الموظفين والمتقاعدين، لأن أي اقتراض فيه مبالغة يدفع البلد إلى ديون كبيرة تترتب على البلد".

يأتي السجال في وقت لم تستطع فيه الحكومة توفير رواتب الموظفين والمتقاعدين، التي باتت تتأخر شهرياً، بسبب الأزمة المالية التي يمرّ بها البلد، نتيجة لانخفاض أسعار النفط عالمياً، حيث تكرر تأخر الرواتب للمرة الثانية في غضون شهرين.

المساهمون