أزمة الدين الأميركي تربك أسواق النفط

23 مايو 2023
مخاوف الركود تدفع أسعار النفط للهبوط (Getty)
+ الخط -

أربكت أزمة الدين الأميركي سوق النفط العالمية، إذ انخفضت الأسعار، أمس الاثنين، للجلسة الثالثة على التوالي، حيث تتبّع المستثمرون سجالات المفاوضات بين إدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن والجمهوريين، للتوصل إلى صفقة بشأن رفع سقف الدين، ما يجنب واشنطن والعالم كارثة مالية.

وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت بما يقرب من 1% إلى 75 دولاراً للبرميل، بعد أن فقد نحو 2% خلال الجلستين السابقتين. كما انخفض خام غرب تكساس الوسيط الأميركي تسليم يوليو/ تموز، أكثر من 1% ووصل سعره إلى 70.96 دولاراً للبرميل.

وأصبحت المفاوضات الجارية بشأن سقف الدين الأميركي في الأيام الأخيرة بمثابة عامل هبوط رئيسي للنفط، مع تزايد المخاوف من انخفاض الطلب على الخام من قبل الولايات المتحدة أكبر اقتصاد في العالم حال فشل الكونغرس في الاتفاق على رفع سقف الدين، ما يدفع البلاد نحو أزمة مالية تقود إلى الركود، وفق تقرير لنشرة أويل برايس الأميركية المتخصصة في الطاقة، أمس.

وتوقعت فاندانا هاري، مؤسسة شركة "فاندا إنسايتس" لتحليل سوق النفط "الكثير من التقلبات لأسعار النفط في الأيام المقبلة". لكنها أضافت، وفق رويترز، أن أسعار الخام ستنتعش عند التوصل إلى اتفاق لرفع سقف الدين الأميركي.

وتتعرض أسعار الخام لخطر تكبد خسارة شهرية خامسة على التوالي في مايو/أيار الجاري، فيما قد يكون أسوأ تراجع شهري متتالٍ منذ عام 2017. وبالإضافة إلى تداعيات سجالات سقف الدين الأميركي، يشعر المتداولون بالقلق من تأثير ضعف الطلب على الطاقة في الصين، في ظل الانتعاش الاقتصادي الباهت.

فقد أثارت تقارير عن بيانات اقتصادية ضعيفة من الصين في الأسابيع القليلة الماضية، مخاوف الأسواق حيال الطلب في أكبر مستورد للخام وثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم.

وفي أسواق العقود الآجلة، تراجعت مراكز مديري الأموال الذين يتداولون المشتقات المرتبطة بأسعار النفط والوقود إلى أدنى مستوى منذ عقد من الزمان.

واتجهت أنظار الأسواق إلى استئناف المفاوضات بين البيت الأبيض والجهوريين، أمس، وهي ضرورية لتمرير صفقة رفع سقف الدين. وحذرت وزيرة الخارجية جانيت يلين مراراً من أن الوزارة قد تكون غير قادرة على سداد الالتزامات بحلول منتصف يونيو/حزيران المقبل إذا تعثرت المفاوضات.

ويشغل الجمهوريون أغلبية ضئيلة من المقاعد في مجلس النواب، بينما يتمتع الديمقراطيون الذين ينتمي إليهم بايدن بسيطرة محدودة على مجلس الشيوخ، لذلك لا يمكن إقرار أي اتفاق دون دعم من الحزبين.

وتفاقم الدين السيادي الذي بات واحداً من نقاط الخلاف المتكررة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري إلى مستويات مرعبة، حيث تجاوز 31.4 تريليون دولار في 19 يناير/كانون الثاني الماضي.

ويسيطر التشاؤم على مديري الأموال الذين يتداولون المشتقات المالية المرتبطة مع أسعار النفط، في تكرار للحالة التي ظهرت قبل أكثر من عقد، مما يشير إلى أنهم يستعدون لركود قد يهوي مجدداً بالعقود المختلفة، التي تشمل النفط الخام وحتى وقود الطائرات.

فمراكز التداول التابعة لكيانات غير تجارية مثل صناديق التحوط قريبة من أدنى مستوياتها منذ 2011 على الأقل. وفي الرهانات التي ربما تكون أكثر دلالة على توقعات الركود، تقترب آراء المضاربين المجمعة حيال الديزل وزيت الغاز، وهما نوعا الوقود اللذان يدعمان الاقتصاد، من أكثر مستوياتها تشاؤماً منذ أوائل جائحة كورونا، وفق وكالة بلومبيرغ.

وقال غريغ شيرناو، الذي يدير محفظة تركز على الطاقة والسلع الأساسية في شركة "باسيفيك انفستمنت مانجمنت" في مقابلة مع الوكالة الأميركية إنه "من اللافت للنظر أن نرى هذا النوع من التمركز في الأسواق".

وفي مقابل التشاؤم حيال احتمال انخفاض أسعار النفط، ترى منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" أن هناك مؤشرات لحدوث عكس ذلك. ودعا أمين عام المنظمة هيثم الغيص لزيادة الاستثمارات في قطاع النفط والغاز.

وقال الغيص خلال مؤتمر في دبي، أمس، إن نقص الاستثمارات في قطاع النفط والغاز يمكن أن يسبب تقلباً في الأسواق على المدى الطويل، وبما يعرّض النموّ للخطر، وفق ما نقلت عنه وكالة رويترز.

وتقدّر "أوبك" حجم الاستثمارات المطلوب ضخه في قطاع التكرير بـ 1.6 تريليون دولار، وتؤكد ضرورة تسريع ضخ هذه الاستثمارات لتجنُّب شح المعروض في الوقود، خصوصاً مع تزايد الطلب على النفط في السنوات المقبلة.

المساهمون