أزمة الحدود العراقية السورية: تَأثّر حركة المسافرين والبضائع جرّاء القصف

13 يناير 2024
تأثر حركة البضائع بين البلدين (دليل سليمان/ فرانس برس)  
+ الخط -

تسبّب القصف المتكرر على أرتال وشاحنات ومواقع حدودية بين العراق وسورية، إلى تضرر واضح في حركة نقل المسافرين والشاحنات التجارية، بعد اعتذار كثير من شركات الشحن عن النقل بين البلدين، ورفع أخرى أجورها نتيجة المخاطر المترتبة على ذلك.

ومنذ نحو شهرين نفذت طائرات أميركية سلسلة ضربات جوية استهدفت ما تقول إنها مقرات وشاحنات تابعة لفصائل مسلحة حليفة لإيران، وتقف خلف الهجمات على قواعدها في العراق وسورية، وتحديداً في البوكمال ودير الزور الحدوديتين مع العراق، لكن مسؤولين عراقيين أكدوا أن بعض هذه الضربات استهدفت شاحنات مدنية تنقل بضائع عادية قادمة من سورية أو لبنان إلى العراق، وبالعكس، ولا علاقة لها بأي نشاط مسلح.

وإثر هذا الاضطراب بالطريق البري، رفع عدد من شركات نقل البضائع الكلفة على التجار، وأخرى توقفت تماماً، خاصة بعد طلب السائقين أجوراً أعلى، كما بات الطلب على النقل الجوي أكبر من ذي قبل، خاصة للمسافرين الذين كانوا يستخدمون النقل البري الذي لا يتجاوز 100 دولار من بغداد إلى دمشق سابقاً.

تواصلت "العربي الجديد"، مع عددٍ من التجار العراقيين ومن محافظة الأنبار (غربي العراق)، وهم يتنقلون ما بين البلدين، وقالوا إن تجارتهم في نقل البضائع تأثرت كثيراً بسبب الضربات الجوية والغارات والمخاوف من الطيران المسيّر المفخخ، وإن كثيراً من الشاحنات باتت تبقى لأكثر من أسبوع في الأنبار قبل الانطلاق إلى سورية.

وبيَّن أحدهم، أن "الرحلات البرية من العراق إلى سورية تراجعت كثيراً، وغالباً ما تُعرقل بسبب الوضع الأمني، مع العلم أن أغلبية المسافرين من المرضى الذين يأملون في الحصول على علاجات، أو عوائل تقطعت بهم السبل بسبب الحرب في البلدين". في السياق، قال مدير التواصل في شركة "الأرقم" للسفر والسياحة، زياد موفق، إن "السفر إلى سورية يحمل مخاطر كثيرة، وغالباً ما نكون عرضة للمشاكل الأمنية في الطريق والقلق، وأن تعطل المرور عبر الحدود العراقية إلى سورية، يؤدي إلى تعطل وصول العراقيين إلى لبنان، على اعتبار أن الطريق واحد ويؤدي إلى البلدين".

وأكد لـ"العربي الجديد"، أن "شركات السفر المحلية تتعرض إلى خسائر كبيرة، بسبب إلغاء الكثير من الرحلات جرّاء المنطقة الحدودية، وهذه الخسارة دفعت بعض الشركات إلى الإغلاق، لا سيما أن التوتر الأمني مستمر منذ أعوام".

وتتقاسم الحدود السورية مع العراق جهات عدة، أبرزها قوات النظام والمليشيات الحليفة لإيران في مناطق البوكمال والطلائع والميادين وصولاً إلى بادية دير الزور، بينما تستولي "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، على نحو 200 كيلومتر من الحدود الدولية مع العراق، ضمن محور ربيعة - الحسكة وصولاً إلى مثلث فيشخابور العراقي السوري التركي.

في السياق، قال ضابط عراقي من قوات حرس الحدود، إن "المعلومات التي تصل إلى قوات التحالف الدولي عن التحركات على الحدود، أحياناً تكون غير دقيقة، وحدثت في أكثر من مرة أن تقصف مواقع لمدنيين وعجلات وسيارات لمسافرين، والترويج على أنها شاحنات لنقل مقاتلين من الفصائل المسلحة وأسلحة منقولة من العراق إلى سورية".

وأوضح لـ"العربي الجديد"، أن "عبور شاحنات المسافرين والخاصة بنقل البضائع بات يمثل تحدياً، في ظل انفلات الأجواء، بسبب الطائرات الأميركية المسيرة، وهذا يؤدي بكل تأكيد إلى تعقيد أمني، وتفويت فرص تجارية كثيرة بين البلدين".

من جهته، أشار عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي مهدي تقي، إلى أن "السلطات الأمنية العراقية كانت قد أشارت في أكثر من مرة، إلى الأخطاء الكبيرة التي يرتكبها التحالف الدولي في القصف على المناطق الحدودية"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "قصف شاحنات البضائع والمسافرين هو تعدٍّ سافر على العراق والعراقيين، وعلى الحكومة العراقية أن تتخذ الإجراءات الرادعة في هذا الشأن".

وأضاف تقي أن "سوء الوضع الأمني على الحدود السورية بسبب غارات التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، أدى إلى تراجع الحياة التجارية بين البلدين، كما تراجعت نسب المسافرين بسبب تهديد حياتهم بالخطر"، موضحاً أن "العراق أمام مرحلة جديدة من التعامل مع التحالف الدولي، لأنه تجاوز كل القوانين الدولية، جرّاء الاستهتار في التعامل مع العراق، وانتهاك سيادته، وقصف العاصمة بغداد، ومناطق أخرى".

من جانبه، لفت أستاذ الاقتصاد جابر المساري، في جامعة المستنصرية ببغداد، إلى أن "الاقتصاد والتجارة على علاقة طردية بالوضع الأمني، بالتالي فإن أي منطقة تتعرض إلى مشاكل أمنية تقل فيها فرص الحياة الاقتصادية، وهذا ما يحدث حين تقصف منطقة معينة، ما يعني أن قصف الحدود العراقية السورية يعني أن التجار عرضة للخسارة، وذلك يعني اللجوء نحو بدائل وطرق أخرى، والحال نفسه مع المسافرين للعلاج أو للسياحة، فإنهم يسلكون طرقاً أخرى"، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن "العراق محاصر اقتصادياً بسبب الفساد وسوء الأمن، وأن إصلاح الاقتصاد يتطلب التوصل إلى حلول أمنية".

المساهمون