ينتهي الخميس برنامج البطالة الجزئية في بريطانيا، الذي ساهم في إبقاء ملايين العاملين في القطاع الخاص في وظائفهم خلال جائحة كورونا، مع توقعات بارتفاع معدلات البطالة وتراجع مستويات المعيشة.
أنفقت حكومة بوريس جونسون قرابة 70 مليار جنيه استرليني (96 مليار دولار) على دفع الجزء الأكبر من رواتب الموظفين الذين أجبروا على البقاء في منازلهم خلال تدابير الإغلاق التي فرضت لمكافحة الوباء، ما ساعد على إبقاء معدل البطالة الرسمي منخفضا نسبيا.
وقال معهد الدراسات المالية في تقرير الخميس: "رغم هذا النجاح، ما زالت هناك تحديات كبيرة في سوق العمل تشمل خسارة وظائف إضافية عند توقف برنامج البطالة الجزئية، وانخفاض معدلات إعادة التوظيف للأشخاص الذين أصبحوا فائضين عن الحاجة، ومستويات مرتفعة من الوظائف الشاغرة في بعض القطاعات".
ويبلغ عدد الأشخاص المشمولين بالبرنامج قرابة 12 مليون شخص، وما زال حوالى مليون عامل مدعومين حتى توقفه. ومن الأشخاص الباقين، يعمل أكثر من 25 في المائة في قطاعي البناء والتصنيع.
وقال معهد الدراسات المالية: "هؤلاء الأشخاص معرضون لمستويات معيشية متدنية باستمرار إذا ما أصبحوا عاطلين عن العمل"، مشيرا إلى حقيقة أن كثرا كانوا الأفراد الوحيدين الذين يحصلون على أجر في أسرتهم.
وأضاف أن سكان لندن والعمال الأكبر سنا هم من بين أكثر المتضررين جراء انتهاء البرنامج.
وفي حين يشكل العمال في العاصمة البريطانية 14 في المائة من جميع موظفي المملكة المتحدة، فإنهم يمثلون نحو 20 في المائة من العاملين الذين كانوا ما زالوا يستفيدون من البرنامج في يوليو/تموز، وفق المعهد.
وقال دانيال توملينسون، الخبير الاقتصادي في مؤسسة ريزوليوشن فاونديشن للبحوث، إن حزمة الوظائف الطارئة "ساعدت في البداية العمال الأصغر سنا على مواجهة الوباء... (لكن) من المرجح الآن أن يخضع الآن العمال الأكبر سنا للبطالة الجزئية".
وما يزيد الوضع تعقيدا خطة الحكومة لخفض إعانة البطالة بمقدار 20 جنيها استرلينيا في الأسبوع اعتبارا من الشهر المقبل، كما أضاف توملينسون في تقييم منفصل لبرنامج البطالة الجزئية الذي استمر 18 شهرا.
ووسط ارتفاع التضخم في المملكة المتحدة الناجم جزئيا عن ارتفاع أسعار الطاقة، قال توملينسون إن "خفض الائتمان الشامل... سيعيد القيمة الحقيقية لإعانة البطالة إلى أدنى مستوى لها منذ أوائل التسعينيات".
وقاد حزب العمال المعارض الرئيسي في بريطانيا الحملة ضد خفض الائتمان الشامل، واصفا إياه بأنه "خطأ أخلاقي واقتصادي" في وقت يعاني فيه كثر.
وقال ريشي سوناك، الذي كشف برنامج البطالة الجزئية بعد أسابيع فقط من تعيينه وزيرا للمال، إنه "فخور جدا" بالمبادرة والعاملين والشركات. وأضاف: "مع تقدم الانتعاش (الاقتصادي)، ووجود أكثر من مليون وظيفة شاغرة، الآن هو الوقت المناسب لإنهاء البرنامج".
وقال بول ديلز، المحلل في كابيتال إيكونوميكس، إن نهاية البرنامج قد تساعد في ملء بعض الوظائف الشاغرة في بريطانيا.
وأوضح لوكالة "فرانس برس": "إنهاء برنامج البطالة الجزئية قد يساعد في تخفيف بعض النقص الحالي في اليد العاملة الذي تواجهه المملكة المتحدة". وتابع: "على الأرجح لن يحدث هذا فورا، لكن بعض الأشخاص الذين كانوا في بطالة جزئية وسيفقدون وظائفهم، سيكونون أحرارا في البحث عن عمل أو بدئه في مكان آخر".
وسجّلت بريطانيا أكثر من 136 ألف وفاة بسبب كوفيد-19، لكن 82 في المائة من الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 16 عاما وما فوق لقّحوا حتى الآن بجرعتي اللقاح.
وسمح ذلك للشركات بإعادة فتح أبوابها بعد أشهر من الإغلاق وقيود التباعد الاجتماعي، حتى لو بقيت أعداد الإصابات مرتفعة.
ومع ذلك، تأثرت العديد من القطاعات بنقص عدد الموظفين بسبب تضافر تأثير الأزمة الصحية العالمية وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الذي أدى إلى مغادرة العديد من العمال الأجانب.
ولدى بريطانيا عدد قياسي من الوظائف الشاغرة بأكثر من مليون وظيفة، فيما يبلغ معدل البطالة 4.6 في المائة، وهو انخفاض عن ذروة الوباء التي بلغت 5.2 في المائة نهاية العام الماضي.
وأدى النقص الكبير في عدد سائقي الشاحنات إلى نقص السلع في متاجر السوبرماركت، بالإضافة إلى مشكلات في إمدادات الوقود التي تسببت في تشكل طوابير طويلة أمام المحطات.
وتمت الاستعانة بالجيش البريطاني للمساعدة في تسليم الوقود بسبب النقص في عدد سائقي صهاريج الوقود، وللتخفيف من حالة "الشراء بدافع الذعر".
وتصر الحكومة على أن الوباء هو المسؤول عن ذلك، لكن منتقدين يتهمون الوزراء بافتقارهم إلى خطط فعالة ومسبقة لاستبدال آلاف السائقين الأجانب الذين غادروا البلاد.
ونهاية الأسبوع الماضي، قررت الحكومة إعفاء سائقي الشاحنات الأجانب من التأشيرة لمدة ثلاثة أشهر بهدف الحد من مشكلات سلاسل الإمداد. لكن قادة القطاع قالوا إن هذه الخطوة وحدها لن تحل المشكلة.
(فرانس برس)