أزمة ألبان جديدة في تونس... والمتاجر تقيد كميات البيع للمستهلكين

24 سبتمبر 2023
العجز الذي تشهده الأسواق يتكرر بين الحين والآخر منذ عام 2021 (فرانس برس)
+ الخط -

أطلت أزمة الألبان من جديد في تونس تحت وطأة الجفاف وارتفاع كلف الأعلاف التي أثرت بشكل كبير على صغار مربي الماشية في البلد، حيث تسجل أغلب محافظات البلاد نقصاً في هذه السلعة ودفع المتاجر إلى تقييد كميات البيع للمستهلكين.

وجاء نقص الألبان بعد أشهر معدودة من تحقيق كفاية في المعروض، لكن العجز الذي تشهده الأسواق يتكرر بين الحين والآخر منذ عام 2021، وسط سجال بين المنتجين والحكومة حول كلف الإنتاج وأسعار البيع للمستهلكين.

وتعتبر المنظمات الفلاحية أن مربي الأبقار الذين يشكلون الحلقة الأساسية في الإنتاج هم الأكثر تضرراً من ارتفاع الكلفة الناجمة عن نقص المرعى وارتفاع كلفة الأعلاف المورد منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية. ويشكل صغار منتجي الحليب نحو 85% من إجمالي المنتجين المقدر عددهم بنحو 112 ألف مربي للأبقار.

ويقول عضو منظمة المزارعين الإمام البرقوقي، إن تونس تملك منظومة إنتاج صلبة للألبان قادرة على تلبية احتياجات السوق المحلية وتصدير الفائض شرط إعادة النظر في توزيع الأرباح وتوجيه الاهتمام نحو المزارعين وصغار مربي الأبقار.

وأكد البرقوقي في تصريح لـ"العربي الجديد" تضرر صغار المربين على امتداد السنوات الماضية من أزمات الجفاف المتتالية وتأثيرات الأزمات الخارجية على سوق الأعلاف، ما تسبب في ارتفاع كلفة الإنتاج مقابل عدم تحسن المردودية المالية للمنتجين.

وأضاف أن المهنيين يدفعون نحو إقرار زيادة في سعر الحليب المورد من المنتجين في حدود 300 مليما لليتر الواحد (الدينار ألف مليم) لتحسين السعر عن الإنتاج وتحقيق التوازن المالي لنحو 112 ألف منتجاً 85% منهم لا تتعدى قطعانهم أربع بقرات بمعدل إنتاج يومي لا يجاوز 80 ليتراً للمربي الواحد.

وقال: "يجب المحافظة على هامش ربح جيد لمنتجي الحليب دون أن يكون لذلك انعكاس على السعر النهائي عبر دعم الأعلاف وتخفيف الأعباء المالية التي تثقل كواهلهم"، مشيراً إلى أن هذا الإجراء ضروري لإنقاذ جزء منهم من قطيع الأبقار المنتج للحليب بعد التصدي للتهريب بشكل مكثف والذبح العشوائي للإناث. وأكد أن مكافحة تهريب الأبقار أمر مهم جداً للمحافظة على آلة الإنتاج.

وقدر ديوان تربية الماشية وتوفير المرعى قطيع الأبقار بنحو 410 آلاف رأس أنثى ماشية خلال العام الجاري. وتحتاج السوق المحلية يومياً إلى 1.8 مليون ليتر من الألبان، بينما شهدت المخزونات الاستراتيجية للحليب تدهوراً خلال الفترة الماضية، حيث انخفضت من 54 مليون ليتر في يوليو/حزيران 2021 إلى 29 مليون ليتر في فبراير/ شباط 2023.

ووفق منظمات مهنية كان الفلاح يشتري كيس العلف البالغ وزنه 50 كيلوغراما قبل عشرة سنوات بنحو 10 دنانير (حوالي 3.3 دولارات) بينما سجل أخيراً 81 ديناراً (27 دولاراً)

ويقدر أنيس خرباش مساعد رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري نسبة الزيادة في أسعار الأعلاف منذ أكثر من عام، بمعدّل سنوي يتراوح بين 30% و40%، مشيرا إلى أن القفزات المسجلة في الأسعار أخيراً تراجع تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا المستمرة منذ نهاية فبراير/ شباط من العام الماضي، حيث تمثل أوكرانيا إحدى أهم مصدري الحبوب إلى تونس.

فضلاً عن تراجع إمدادات الحبوب من أوكرانيا تواجه تونس تراجعاً في محصول الحبوب هذا العام تحت وطأة الجفاف. وقدرت الكميات المجمعة من الحبوب على الصعيد الوطني بنحو 230 ألف طن من مجموع استهلاك وطني مقدر بـ3.4 ملايين طن.

كما لم يعد الفلاحون يعتمدون كما كان الأمر في السابق على المراعي الطبيعية بسبب تراجع كميات الأمطار نتيجة التغيرات المناخية التي تؤثر بشكل مباشر على توفر العشب. وتشهد تونس موجة جفاف حادة منذ سنوات ولم تتجاوز نسبة امتلاء السدود عتبة 27% وفق أحدث البيانات الرسمية.

كذلك، يشكو منتجو الحليب في تونس من صعوبات مالية أدخلت العديد منهم في دوامة الخسائر نتيجة الارتفاع المسجل في كلفة الإنتاج. وكان المنتجون قد طالبوا في مناسبات عدة في وقت سابق من العام الجاري، بتحرير الأسعار وإقرار برنامج فعلي لتأهيل حلقة الإنتاج، وهو مطلب لا يزال يراوح مكانه منذ سنوات، وفق المهنيين في القطاع.

وينعكس وضع القطاع على العديد من الأنشطة الاقتصادية وسوق العمل في البلاد، حيث ارتفعت نسبة البطالة إلى 15.6% خلال الربع الثاني من العام الجاري مقابل 15.3% في الفترة ذاتها من العام الماضي، فيما قدرت نسبة البطالة في صفوف الشباب ممن تتراوح أعمارهم ما بين 15 و24 عاماً بـ38.1%، وفق البيانات الرسمية.

المساهمون