أردوغان يتجه لتعيين أول امرأة رئيسة للبنك المركزي وسط تراجع الليرة

07 يونيو 2023
حفيظة غاية أركان "أصغر أستاذ مالي" في تركيا عادت أخيراً من الولايات المتحدة (تويتر)
+ الخط -

قالت وكالة بلومبيرغ الأميركية ووسائل إعلام تركية، إنّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يتجه لاختيار حفيظة غاية أركان رئيسة للبنك المركزي التركي، خلفاً لرئيسه الحالي شهاب قافجي أوغلو كأول امرأة تتولى هذا المنصب في البلاد، في الوقت الذي شهد فيه سعر الليرة التركية تراجعاً حاداً في تعاملات اليوم الأربعاء.

وكشفت مصادر خاصة من أنقرة، لـ"العربي الجديد"، أنه حتى الآن لم يصدر مرسوم تعيين الخبيرة المصرفية الدولية غاية أركان رئيسة للمركزي، "ولكن جاءت من الولايات المتحدة لتتسلم المنصب"، متوقعة صدور المرسوم "قريباً جداً"، لأنّ سياسة المحافظ الحالي، شهاب قافجي أوغلو، برأي المصادر، "لا تتناسب مع نهج الفريق الاقتصادي الجديد، وخصوصاً وزير المال محمد شيمشك".

ويذكر أنّ حفيظة غاية أركان الموصوفة في تركيا بـ"أصغر أستاذ مالي" قد عادت أخيراً من الولايات المتحدة الأميركية بعد الدراسة والعمل بمصارف عدة ومستشارة استثمارية.

وتخرجت غاية أركان، وهي من مواليد 1982، من قسم الهندسة الصناعية بجامعة بوغازيجي عام 1997 بتقدير ممتاز، وبعد ذلك انتقلت إلى الولايات المتحدة بعد قبولها من جامعة برينستون، وتلقت عروض منح دراسية من 9 جامعات، بما في ذلك ستانفورد وبرينستون وبوسطن وكورنيل وكاليفورنيا.

وشغلت مناصب إدارية عليا بعدد من شركات الاستشارات المالية وأحد البنوك، وكانت من الاقتصاديين الشباب الذين لفتوا انتباه بعض المجلات الاقتصادية، بعد نيلها درجة الدكتوراة في الهندسة المالية والرياضيات التطبيقية من جامعة برنستون.

وأمضت الخبيرة التركية نحو 8 سنوات في "فيرست ريبابليك بنك" الأميركي الذي استحوذ عليه بنك "جيه بي مورغان" أخيراً، قبل أن تتدرج في بنك "فيرست ريبابليك" بين عدة مناصب، حتى وصلت إلى منصب الرئيسة التنفيذية وكبيرة مسؤولي الاستثمار.

كذلك، عملت غاية أركان خلال مسيرتها ما يقرب من عقد في بنك "غولدمان ساكس"، وعامين في شركة "تيفاني آند كو"، إلى جانب عضويتها في مجالس إدارات شركات أميركية، ما زاد من ترقبها في تركيا.

وتوصف الخبيرة المصرفية بأنها رائدة في مجال الخدمات المالية ولديها خبرة عميقة في الأعمال المصرفية والاستثمار وإدارة المخاطر والتكنولوجيا والابتكار الرقمي.

ويذكر أنّ أردوغان قد عيّن محافظ المصرف المركزي الحالي، شهاب قافجي أوغلو، في مرسوم بتاريخ 20 مارس/ آذار عام 2021 خلفاً للمحافظ ناجي إقبال الذي تمنّع عن خفض سعر الفائدة، ليأتي قافجي أوغلو ويقود مسيرة تخفيض سعر الفائدة من نحو 14 إلى 8.5% الآن.

تهاوي الليرة

في السياق، فقدت الليرة التركية، اليوم الأربعاء، نحو 7.2% من قيمتها خلال يوم واحد، لتسجل الأربعاء أدنى سعر على الإطلاق، متخطية حاجز 23.34 للدولار ونحو 25 ليرة لليورو، ما زاد من المخاوف والإقبال على شراء الدولار بالأسواق وسط تقنين سحب الدولار من المصارف التركية، بحسب مشاهدات "العربي الجديد".

وبالتزامن مع الهبوط الأخير لليرة التركية، تجاوز غرام الذهب 1434.94 ليرة تركية، ليحطم بذلك رقماً قياسياً.

ولا يبرئ اقتصاديون أتراك "الاستهداف الخارجي" مما آل إليه سعر العملة التركية اليوم، ويرى مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بإسطنبول، محمد كامل ديميريل أنّ "طارئاً لم يحدث، اقتصادياً أو سياسياً، فما التبرير سوى الاستهداف الخارجي".

وأشار إلى ارتفاع وتيرة المضاربة اليوم والإقبال المحموم، حسب وصفه، على شراء الدولار والعملات الأجنبية، الأمر الذي زاد المخاوف وساهم بتراجع سعر العملة التركية.

ويضيف ديميريل، لـ"العربي الجديد"، أنّ "سياسة الفائدة المنخفضة لم تناسب الدول الغربية"، لذا، يرى أنّ "ما يجري من مضاربة واستهداف، هدفه إلزام الحكومة التركية الجديدة بالنظر في رفع سعر الفائدة، خصوصاً أن الوزير محمد شيمشك من أنصار هذا التوجه، لامتصاص فائض السيولة من السوق التركية".

وتستمر الليرة التركية بتراجع كبير اليوم، ففيما أقفلت، أمس الثلاثاء، على 21.5 ليرة مقابل الدولار، افتتحت صباح اليوم الأربعاء على 22.96، لكنها استمرت بالتراجع حتى 23.34 للدولار، رغم أنّ الحكومة التركية خلال اجتماعها الأول، أمس الثلاثاء، لم تأتِ، ولو تلميحاً، على أي إشارة، سوى تكرار الوعود بتخفيض التضخم إلى خانة الآحاد، وفق كلمة أردوغان، وما صرّح به نائب الرئيس جودت يلماز، خلال تسلم مهامه من النائب السابق فؤاد أوقطاي، أول أمس الاثنين.

وفي الوقت الذي تذهب خلاله آراء لـ"التدخل الخارجي"، يشير الاقتصادي ناصر آيدن إلى أنّ البنك المركزي "رفع يده عن حماية الليرة منذ أمس، فرأينا الخلل بالعرض والطلب فوراً".

وأضاف، لـ"العربي الجديد"، أنّ "تركيا اتخذت، الشهر الماضي قبل الانتخابات وخلالها، إجراءات عدة لحماية سعر الليرة من التدهور، منها تقييدية لها علاقة بالمصارف والتجارة الخارجية، ومنها تدخل مباشر من البنك المركزي وأموال من دول خليجية مثل قطر والإمارات، ولكن بعد سحب تلك الأشكال والطرائق الداعمة، تكشّف السعر الحقيقي لليرة اليوم".

ورجح آيدن أن تبتعد تركيا عن الطرق السابقة بحماية الليرة، سواء التقييد أو ضخ عملات أجنبية، متوقعاً التعامل بآلية اقتصادية جديدة وكذا رفع سعر الفائدة.

وأكد أنّ تعيين محافظ جديد للبنك المركزي "سيعني استقلال القرار النقدي في تركيا، بعد المحافظ الجديد ووزير المال، ما يعني مرحلة جديدة ستشهد هزات قبل الاستقرار بسعر الليرة وتخفيض نسبة التضخم التي تراجعت الشهر الماضي إلى ما دون 40%"، وفق قوله.

المساهمون