أرباح ضخمة للشركات منعت الاقتصاد الأميركي من الوقوع في فخ الركود

09 مايو 2024
الاقتصاد الأميركي لا يزال ينمو بقوة، نيويورك 8 مايو 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- شهد سوق العمل الأمريكي تباطؤاً لكن الأرباح القوية للشركات في الربع الأول قدمت دعماً للاقتصاد، مع تجاوز ربحية السهم للشركات المدرجة في مؤشر S&P 500 التوقعات بنسبة 5.2%.
- الزيادة في تقديرات الأرباح للربع الثاني بنسبة 9.8% تعكس تفاؤل المحللين والشركات بنمو الاقتصاد الأمريكي، رغم التحديات مثل ارتفاع التضخم وصعوبة جذب العمال.
- الاقتصاد الأمريكي يظهر مرونة مدعوماً بالإنفاق الاستهلاكي القوي والأرباح الشركاتية المتزايدة، مما يساهم في الحفاظ على معدلات تسريح العمال منخفضة ويعزز دائرة نمو متبادل بين الأرباح، التوظيف، والإنفاق الاستهلاكي.

أظهرت بيانات الوظائف المضافة التي جرى الإعلان عنها يوم الجمعة الماضي، تباطؤ سوق العمل بعض الشيء، إلا أن الأرقام الصادرة لم تتسبب في إشعال مخاوف المستثمرين من انزلاق الاقتصاد الأميركي إلى الركود، حيث وفرت الأرباح الضخمة التي حققتها الشركات الأميركية في الربع الأول من العام حماية لها وللاقتصاد من الرياح المعاكسة.

وأعلنت أغلب الشركات الأميركية عن نتائج أعمال الربع الأول، التي أظهرت أن نمو الأرباح آخذ في الارتفاع. ويبدو الآن أن متوسط ربحية السهم للشركات المدرجة في مؤشر إس أند بي 500 سيرتفع بنسبة 5.2% مقارنة بالعام السابق، وفقاً لشركة تجميع البيانات "فاكت ست FactSet"، وهو ما كان أفضل من توقعات المحللين التي توقفت عند 3.4% في نهاية مارس/آذار الماضي، وفي الوقت نفسه مثّل أقوى نمو في ربحية الشركات منذ ما يقرب من عامين.

وفي حين يعد تجاوز توقعات الربحية للشركات الأميركية أمراً متكرراً بين الحين والآخر، أمضى كثير من المحللين فترات طويلة من الشهر الماضي في تقدير النسب التي يمكن رفع تقديرات الربحية للربع الحالي بها. ويتوقع المحللون الآن ارتفاع متوسط ربحية السهم في الربع الثاني بنسبة 9.8%، مقارنة بـ9% جرى تقديرها قبل نهاية مارس/آذار. ويقول جون باترز، محلل الربحية في "فاكت ست" إن آخر مرة رفع فيها المحللون توقعات الربحية كانت خلال الربع الرابع من عام 2021.

وتعد أرباح الشركات ذات أهمية كبيرة، كونها تؤكد استمرار عمل محركات الاقتصاد الأميركي. وفي حين أن بعض المؤشرات الاقتصادية الأخرى، مثل مؤشرات معنويات المستهلكين، كانت متشائمة، وأن معدلات التضخم ارتفعت بعض الشيء، فإن أداء الأرباح القوي في الولايات المتحدة أكد استمرار نمو الاقتصاد.

وتقول "وول ستريت جورنال" إن السبب في رفع تقديرات الأرباح ربما يرجع إلى أن الشركات، وبدلاً من الشعور بالحاجة إلى التخفيف من تفاؤل المحللين ودفع التقديرات إلى الانخفاض، أصبحت متفائلة هي نفسها. ومن بين الشركات المدرجة في مؤشر إس أند بي 500، ظهر مصطلح "الركود" في 100 نسخة فقط من المكالمات التي جرى الإعلان فيها عن الأرباح ومؤتمرات المستثمرين المسجلة في الربع الأول، وفقاً لشركة فاكت ست، وهو ما مثّل انخفاضاً من 302 شركة في الربع الأول من عام 2023، وكان الأقل في عامين.

وبالتزامن مع ذلك، تقول "وول ستريت جورنال" إن معنويات الشركات ارتفعت، كما ارتفع مؤشر المائدة المستديرة للأعمال للتوقعات الاقتصادية للرؤساء التنفيذيين إلى أعلى مستوى في الربع الأول منذ عامين. وارتفعت أيضاً مؤشرات توظيف الرؤساء التنفيذيين وتوقعات إنفاق رأس المال. وأظهرت دراسة استقصائية لكبار المسؤولين الماليين أجرتها كلية فوكوا لإدارة الأعمال بجامعة ديوك، بالتعاون مع بنكي الاحتياط الفيدرالي في أتلانتا وريتشموند، زيادة مماثلة في التفاؤل.

وقال جون جراهام، الاقتصادي في جامعة ديوك، والمسؤول عن استطلاع "المدير المالي" في مذكرة: "لا يوجد سبب يجعل الأرباح الجيدة تتراجع". وعلاوة على ذلك، أكد العديد من المديرين الماليين أن شركاتهم لا تزال تكافح من أجل جذب العمال.

وفي الوقت الحالي، يعتقد جراهام أن الشركات تعمل على زيادة العمالة عندما تكون توقعات الأرباح مرتفعة، ويجري الحفاظ على مستويات التوظيف إذا أصبحت التوقعات هشة، بدلاً من التخلص من الموظفين الذين بذلوا الكثير من الجهد. لذلك، حتى لو تعثرت الأرباح، فقد تكون الشركات بطيئة في التحول إلى تسريح العمال.

وعلى الرغم من انتشار أنباء عن تسريح عشرات الشركات آلاف الموظفين، بما فيها شركتا "تسلا" و"أمازون" المنتميتان إلى مجموعة "العظماء السبعة"، التي تضم أكبر شركات التكنولوجيا الأميركية، فإن معدل التسريح الإجمالي للعمال لا يزال منخفضاً. وذكرت وزارة العمل أن العدد الإجمالي للعمال الذين سُرحوا من وظائفهم في مارس وصل إلى 1.526 مليون شخص، وهو أقل عدد يجري تسريحه في أي شهر منذ ديسمبر 2022.

وفي عام 2019 الذي سبق ظهور وانتشار وباء كوفيد 19، وكانت سوق العمل فيه في واحدة من أقوى فتراتها، بلغ متوسط عدد العمال الذين جرى تسريحهم شهرياً 1.818 مليون. وظلت المطالبات الأولية للتأمين ضد البطالة، وهو مؤشر رئيسي لنشاط تسريح العمال، منخفضة.

وينظر المحللون إلى الاقتصاد الأكبر في العالم على أنه لم يكن أبداً آلة دائمة الحركة، حيث يؤدي نمو الأرباح إلى نمو تشغيل العمالة، والذي يؤدي بدوره إلى نمو الإنفاق الاستهلاكي، وهو ما يدعم زيادة الأرباح، في دائرة حميدة لا تنتهي. وواقعياً، رفع بنك الاحتياط الفيدرالي أسعار الفائدة بشكل حاد على مدار العامين الماضيين، ضمن جهوده لتهدئة التضخم الأعلى في البلاد في أكثر من أربعة عقود، ما اقترب بالاقتصاد الأميركي من الانزلاق إلى الركود. وأظهرت التجربة أن الاقتصاد يمكن أن يتحول من الجيد إلى السيئ في وقت قصير.

وتظهر أحدث البيانات استمرار الأميركيين في التسوق، مع نمو الإنفاق الاستهلاكي بمعدل سنوي يتجاوز 2.5% في الربع الأول من العام، وفقاً لوزارة التجارة. وقد تباطأت مكاسب الأجور على أساس سنوي، لكنها تجاوزت معدل التضخم منذ شهر مايو/أيار الماضي، مما يوفر للعمال ما يكفي من المال للإنفاق. وسمحت مكاسب الإنتاجية للشركات بالحفاظ على هوامش الربح، على الرغم من الزيادات في الأجور.

المساهمون