رغم المحاولات المحبطة لاستخراج الغاز الطبيعي في المغرب خلال السنوات الماضية، فإن الآمال تتجدد في الفترة الأخيرة في إمكانية تبوّء الدولة موقعاً على خريطة المنتجين، في ظل تقديرات باحتواء البلد الذي يستورد 94% من احتياجات الطاقة، احتياطيات معتبرة من الوقود الأزرق.
ووفق تقرير صادر عن مؤسسة "غلوبل إنرجي مونيتور" الأميركية، وهي منظمة بحثية غير ربحية معنية بمشروعات الطاقة في أنحاء العالم، فإن الأراضي المغربية تختزن احتياطيات تقدر بنحو 39 مليار متر مكعب من الغاز.
وأشار التقرير إلى أن المغرب سيصبح من بين الدول الجديدة في أفريقيا المنتجة والمصدرة للغاز، على غرار موزامبيق والسنغال وتنزانيا وموريتانيا وجنوب أفريقيا وإثيوبيا، معتبرا أن هذه البلدان ستتجاوز نيجيريا ومصر وليبيا والجزائر في إنتاج الطاقة.
وكان غراهام ليون، الرئيس التنفيذي لشركة "ساوند إنرجي" البريطانية، التي تتولى التنقيب عن النفط والغاز في المغرب، قال في ديسمبر/كانون الأول الماضي، إن المغرب يحظى بمخزون مهم يقدّر بأكثر من 20 تريليون قدم مكعبة من الغاز، ما سيرفعه إلى مصاف المصدرين.
ويعمل المغرب على استكشافات بمنطقة ليكسوس في العرائش الواقعة شمال غربي المملكة، والتي وصف المكتب الوطني للهيدروكربونات والمعادن (حكومي)، الاكتشافات فيها بالمشجعة، مشيرا إلى أن من المخطط أن يوجه الغاز المستخرج من المنطقة في العام المقبل لتشغيل محطات الكهرباء في مناطق القنيطرة (شمال العاصمة الرباط) وتهدار والمحمدية (غرب)، مع تلبية حاجيات الصناعة في القنيطرة، علما أنه تم الإعلان في السابق عن اكتشاف في منطقة تندرارا (شرق) اعتبر واعداً.
وتشير التقديرات إلى أن غاز "تندرارا" الذي أسند امتياز استغلاله لشركة "ساوند إنرجي" والمكتب الوطني للهيدروكربونات والمعادن، قد يصل إلى حوالي 10 مليارات متر مكعب.
ويعتبر الخبير في القطاع النفطي، المهدي الداودي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن التنقيب عن الغاز أعطى إلى حدود الآن نتائج مؤكدة في "تندرارا" والمنطقة البحرية بالعرائش، حيث تصل التقديرات إلى حوالي 20 مليار متر مكعب، ما يمثل حوالي 15 عاماً من استهلاك الغاز في محطتي كهرباء "تهدارت" جنوب مدينة طنجة (شمالي المملكة) و"بني مطهر" (شرق)، واللتين تعملان بالغاز المستورد.
ويضيف الداودي أن عمليات التنقيب جارية في مناطق أخرى، حيث يجري الحديث عن مكامن صغيرة، لا تتيح توقعات كبيرة إلى حدود الآن. لكن يونس عمار، الخبير في قطاع الطاقة، يرى أنه جرت العادة في البلدان غير المنتجة للنفط أو الغاز أن تتولى التنقيب في البداية شركات صغيرة أو متوسطة، حيث يعقب الكشف عن كميات مهمة بعد ذلك عقود شركات عالمية كبيرة.
وكان المغرب لجأ إلى شراء الغاز من السوق الدولية بعد قرار الجزائر التوقف عن ضخ الغاز نحو إسبانيا عبر المغرب بواسطة الأنبوب المغاربي - الأوروبي، حيث يؤتى بالغاز عبر ناقلات الغاز الطبيعي المسال، التي ترسو في إسبانيا التي تتوفر على وحدات لتحويله من صورته السائلة إلى الغازية من جديد، قبل إيصاله إلى المغرب، عبر أنبوب الغاز المغاربي - الأوروبي.
وكانت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة المغربية، ليلى بنعلي، كشفت مؤخرا أن الاستثمار في التنقيب عن الغاز والنفط في المغرب، وصل في العشرين عاما الماضية إلى حوالي 3 مليارات دولار. وتحصل الشركات المكتشفة للنفط على 75% من العوائد، مقابل 25% للدولة.
وتُعفى تلك الشركات من الضرائب لمدة عشرة أعوام، بالإضافة إلى الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة والرسوم الجمركية على المعدات المستعملة في التنقيب.