آمال الليبيين في ذكرى الثورة: 10 سنوات من إنهاك الاقتصاد والمصالحة طوق نجاة

17 فبراير 2021
تفاؤل بإصلاح الاقتصاد وتحسين الظروف المعيشية في الذكرى العاشرة للثورة (فرانس برس)
+ الخط -

تحل اليوم الذكرى العاشرة لثورة 17 فبراير وسط أزمات اقتصادية ومعيشية طاحنة يعاني منها الليبيون، ولكن في المقابل تأتي الذكرى هذا العام في ظل تفاؤل بإصلاح الاقتصاد وتحسين الأوضاع المعيشية عقب المصالحة بين الفرقاء وتشكيل أول سلطة موحدة للبلاد بعد سنوات قاسية دمرت فيها الحرب العديد من الأنشطة الاقتصادية وعطّلت كثيرا من إنتاج وتصدير النفط المصدر الرئيسي للإيرادات العامة.
وتملك ليبيا أكبر احتياطات نفطية في أفريقيا، إلا أن أهلها يعانون من مشكلات اقتصادية عديدة تتمثل في ارتفاع معدلات التضخم والبطالة وتقلبات أسعار صرف العملة المحلية.
وتعرض قطاع النفط الليبي خلال الفترة الزمنية (2011/ 2020) إلى صدمات محلية عديدة تمثلت في الإغلاق المتكرر لحقول الإنتاج وموانئ التصدير، وبالتالي فرض القوة القاهرة من قبل المؤسسة الوطنية للنفط، وتدني الإنتاج والتصدير إلى مستويات صفرية خلال بعض الفترات من العام الماضي.
وتؤكد بيانات رسمية أن الخسائر الناجمة عن الإقفالات غير القانونية للحقول والموانئ النفطية، خلال الفترة من 2013 إلى 2020، تقدر بحوالي 180 مليار دولار.
وأكدت الباحثة بكلية الاقتصاد جامعة طرابلس، سميرة بن خليفة، أن الاقتصاد الليبي يسير نحو تعاف مع توحيد مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي، والعمل بسعر الصرف الجديد مع الاتفاق بشأن حكومة وحدة وطنية، ما يسهم في الاستقرار السياسي، وبالتالي الاقتصادي والمالي.

وأوضحت بن خليفة لـ"العربي الجديد" أن ارتفاع معدلات إنتاج ليبيا من النفط إلى 1.3 مليون برميل يوميًا مع إقرار موازنة موحدة للحكومتين سوف يكون له تأثيرات إيجابية قد تؤدي إلى وداع السنوات العجاف التي مرت على الليبيين بسبب الحرب والصراعات السياسية.
ورغم أجواء التفاؤل بالانفراجة السياسية، إلا أن أستاذ الاقتصاد بجامعة عمر المختار، صقر الجيباني، قال لـ"العربي الجديد" إن "البيانات الدولية تؤكد أن ليبيا دولة هشة اقتصاديا"، مضيفًا أن المؤشرات تدهورت بشكل كبير خاصة المتعلقة بالاستقرار السياسي والعنف والأداء الحكومي وسيادة القانون، ولكن بنظرة إيجابية هناك تحسّن ملحوظ في مؤشر المساءلة والمحاسبة وإبداء الرأي، وكذلك مؤشر المشاركة السياسية والحريات المدنية خلال الفترة الأخيرة (عقب تشكيل سلطة موحدة)".
واتفق مسؤولو وزارتي المالية الليبيتين في (حكومة الوفاق، والحكومة الموازية في شرق البلاد)، قبل أيام على "موازنة موحّدة لمدة شهرين" كأول انعكاس لتوحيد السلطة في البلاد، بعدما نجح ملتقى الحوار السياسي في انتخاب السلطة التنفيذية الجديدة، الجمعة الماضي.
ولكن تواجه هذه النبرة التفاؤلية تحديات عديدة بسبب استنزاف ثروات وإيرادات البلاد طوال سنوات الحرب، إذ ذكر البنك الدولي في تقارير حديثة له حول ليبيا أن الاحتياطيات النقدية انخفضت من 86.2 مليار دولار في نهاية 2019 إلى 81 مليار دولار في عام 2020.

 ومن المتوقع أن تنخفض الاحتياطيات إلى 77 مليار دولار نهاية عام 2022. وانخفض الناتج المحلي الإجمالي نهاية 2020 إلى 30 مليار دينار بنسبة -66%، حسب بيانات البنك الدولي.
ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي، عطية الفيتوري، لـ"العربي الجديد" إن القيمة الحقيقية لدخول الأفراد في انخفاض منذ سنوات بسبب التضخم الناتج أساسا من تراجع قيمة الدينار الليبي.
وبيّن أن هناك الكثير من السلع التي كان يستهلكها المواطن الليبي بشكل يومي مثل اللحوم والفواكه وغيرها من السلع، والآن لا يستهلكها إلا مرة أو مرتين في الأسبوع لارتفاع أسعارها بمعدل أكبر بكثير من ارتفاع دخله الشهري. وأشار إلى التدني في مستوى معيشة الليبيين بسبب التخفيض في قيمة الدينار.
وضاق المواطنون من تردي الأزمات المعيشية، وغياب الخدمات العامة وسط تفاقم جائحة كوفيد-19. وقال المتقاعد حسين بن مسعود، لـ"العربي الجديد" إن أكثر المتضررين من الصراع الذي تلى الثورة هم ذوو الدخل المحدود ومن هم عند خط الفقر أو دونه، والفئات الهشة من المجتمع.
وفي المقابل، يتفاءل المواطن عادل الرقيق، بتحسن الأوضاع المعيشية عقب المصالحة، قائلا: هناك نور في نهاية النفق المظلم عبر حكومة وحدة وطنية لكل الليبيين، وذلك بعد اكتمال العقد العاشر من ثورة فبراير. وأكد الرقيق لـ"العربي الجديد" أن هناك إمكانية لتحسين الأوضاع ومواجهة الأزمات المتلاحقة على المواطن فضلا عن إحداث تنمية وتوفير فرص عمل للعاطلين.

المساهمون