"هيومن رايتس": وكالات للأمم المتحدة تعاقدت مع شركة أمنية لها صلات بماهر الأسد

28 يناير 2022
التقرير يتحدث عن ارتكاب موردي الأمم المتحدة انتهاكات (دليل سليمان/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

أكدت منظمتا "هيومن رايتس ووتش" و"البرنامج السوري للتطوير القانوني"، في تقريرٍ مشترك صدر عنهما، الخميس، أن "عدم وجود ضمانات كافية في ممارسات الشراء المتبعة من قبل وكالات الأمم المتحدة التي تقدم المساعدة في سورية، أدى إلى مخاطر جسيمة تتمثل في تمويل الكيانات المنتهكة". وأورد التقرير أن وكالات أممية تعاقدت مع شركة أمنية لها صلات بشقيق رئيس النظام السوري، ماهر الأسد.

وقالت المنظمتان إن "الوكالات الأممية لا تدمج مبادئ حقوق الإنسان بشكل كاف في تقييمها لموردي الأمم المتحدة وشركائها في سورية"، معتبرين أن "هذا يعرّضهم لمخاطر كبيرة تتعلق بالسمعة وتمويل الجهات المسيئة و/أو الجهات التي تعمل في قطاعات عالية المخاطر من دون ضمانات كافية".

وأضافت المنظمتان "يحدد الدليل توصيات لمساعدة الفريق القِطري للأمم المتحدة والوكالات الأممية في سورية على تعزيز ممارسات الشراء من منظور حقوق الإنسان. كما يتضمن أداة تقييم لمساعدة الوكالات الأممية على تحديد الموردين السوريين المعرّضين لخطر المشاركة في انتهاكات حقوق الإنسان المتعلقة بالنزاع".

وأشارت سارة الكيالي، باحثة أولى في شؤون سورية في "هيومن رايتس ووتش" إلى أن "الحكومة السورية ارتكبت فظائع بحق شعبها، بما في ذلك التعذيب الجماعي والهجمات بالأسلحة الكيمائية والعنف الجنسي"، لافتةً إلى أنه "رغم هذا السجل المرعب، لم تبذل وكالات الأمم المتحدة في كثير من الأحيان العناية الواجبة بحقوق الإنسان، لضمان أن الطريقة التي يحصلون بها على الإمدادات والخدمات محلياً لا تعزز انتهاكات حقوق الإنسان والفساد"، وفق ما جاء في التقرير.

وبحسب التقرير، فإن المنظمتين راجعتا "عمليات الشراء المتبعة في العديد من الوكالات الأممية"، مؤكدتين أنهما قامتا "بمراسلة ومقابلة مسؤولي الأمم المتحدة المشاركين في عمليات الشراء، وأجرتا بحثاً عن شركاء الأمم المتحدة الحاليين لفهم سجلاتهم في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك مقابلات مع موظفين سابقين وخبراء اقتصاديين ومراجعة وثائق المشاريع".

ونوه التقرير إلى أن "أطراف النزاع السوري، لا سيما الحكومة السورية، ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي- من الاحتجاز التعسفي والتعذيب إلى مصادرة الممتلكات والضربات الجوية العشوائية واستخدام الأسلحة المحظورة". وقالت المنظمتان إن "على الوكالات الإنسانية أن تتجنب كلياً المساهمة في مثل هذه الانتهاكات أو تسهيلها"، وأضافتا "عليها أيضاً الالتزام بالمبدأ الإنساني المتمثل في عدم إلحاق الضرر، والتزاماتها الحالية بحقوق الإنسان، وتجنب مخاطر الإضرار بالسمعة المرتبطة بتسهيل انتهاكات حقوق الإنسان".

ووجدت المنظمتان أن "الوكالات الأممية العاملة في سورية لا تقوم في كثير من الأحيان بإجراء تقييم لمخاطر حقوق الإنسان خاص ببلد العمل"، وأنه "لم تتضمن وثائق العطاءات والمشتريات التي راجعها الباحثون المعايير الحقوقية التي يُتوقع من الموردين الالتزام بها"، مضيفتين "يبدو أيضاً أن مسؤولي المشتريات نادراً ما يبحثون فعلاً عن معايير عدم الأهلية المتعلقة بحقوق الإنسان، بل يعتمدون بشكل كبير على الإبلاغ الذاتي من قبل الموردين المحتملين أو قوائم عقوبات الأمم المتحدة".

وأشارت المنظمتان إلى أن "قوائم العقوبات هذه فقط تضم (تنظيم القاعدة) والجماعات التابعة له و(داعش)، لكنها لا تشمل منتهكي الحقوق الآخرين، بمن فيهم المنتمون إلى الحكومة السورية والمليشيات التابعة لها. نتيجة لذلك، تعاقدت الأمم المتحدة مع كيانات فُرضت عليها عقوبات من قبل الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي لتورطها في انتهاكات حقوقية وقمع السكان المدنيين".

ووضعت المنظمتان أحد الأمثلة في التقرير، وقالتا إنه "بين 2015 و2020، منحت وكالات الأمم المتحدة (شركة شروق للحماية والحراسات) عقود خدمات أمنية تزيد قيمتها عن أربعة ملايين دولار. بحسب ما ورد"، مؤكدتين أن "لهذه الشركة الأمنية الخاصة صلات بماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري بشار الأسد، والفرقة الرابعة للجيش السوري سيئة السمعة، والتي شاركت في أعمال أدت إلى قتل آلاف المتظاهرين خارج نطاق القضاء والاعتقال التعسفي لعشرات آلاف الأشخاص في جميع أنحاء البلاد".

ولفتت المنظمتان إلى أنه "من خلال إتاحة الموارد المالية لمورّد مشارك أو معرض لخطر المشاركة في انتهاكات حقوق الإنسان، تخاطر الوكالات الأممية بالمشاركة في الانتهاكات"، مشددتين على أن "الأمم المتحدة ملزمة بموجب القانون الدولي بواجب احترام حقوق الإنسان. ينص دليل المشتريات للأمم المتحدة على أن (الأمم المتحدة ملتزمة بممارسة الأعمال التجارية فقط مع الموردين الذين يشاركونها قيم احترام حقوق الإنسان الأساسية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية واحترام الحقوق المتساوية للرجال والنساء)".

وبدوره، قال جورجيو ميليوري، المستشار القانوني الرئيسي في البرنامج السوري للتطوير القانوني، إن "حجم ونطاق الانتهاكات الحقوقية جعل سورية من بين أصعب بيئات العمل في مجال المساعدات الإنسانية. لكن يمكن للأمم المتحدة أن تفعل المزيد لدمج مبادئ حقوق الإنسان".

المساهمون