كشف محافظ سلطة النقد الفلسطينية فراس ملحم، اليوم الخميس، عن موافقة الاحتلال الإسرائيلي على استقبال جزء كبير من فائض الشيكل (العملة الإسرائيلية) المتراكم في البنوك الفلسطينية، الذي يصل إلى قرابة 6 مليارات شيكل.
وقال ملحم لـ"العربي الجديد": "إنه سوف يتم تحويل ما قيمته 4 مليارات شيكل (الدولار 3.2 شواكل) حتى نهاية العام، منها ما بين مليارين إلى 2.5 مليار شيكل سيتم إرسالها خلال الأيام الثلاثة المقبلة، ما سيتيح للبنوك استقبال المزيد من الكاش من عملة الشيكل".
ويرفض الاحتلال الإسرائيلي بين الحين والآخر استلام مليارات الشواكل من السلطة الفلسطينية بذرائع مختلفة أو كإجراء عقابي ضدها، ما يكلف خزينة البنوك الفلسطينية مبالغ كبيرة لتأمينها دون مردود اقتصادي.
وأدى ذلك إلى وقوع متكرر للقطاع الخاص الفلسطيني بما فيه المصارف، بأزمات حقيقية نتيجة تكدس الشيكل.
ويرى ممثلو القطاع الخاص أن الموافقة على تحويل الشيكل، ليست الحل الجذري للمشكلة، مطالبين بزيادة سقف المبالغ المحولة بشكل ربعي أو إلغاء "الكوتا" التي تحدد رقما معينا فقط يتم تحويله بشكل متفق عليه.
وقال رئيس الغرفة التجارية في محافظة رام الله والبيرة عبد الغني العطاري لـ"العربي الجديد": "إن هذا الإعلان يبعث على الاطمئنان للقطاع الخاص الفلسطيني وتحديداً المصرفي، لكننا بحاجة إلى خطوات تبدد مخاوفنا الدائمة من عدم وجود آلية واضحة ومحددة لعملية التحويل".
وشرح العطاري تبعات الأزمة، موضحاً أن البنوك باتت ترفض قيام الشركات والتجار بإيداع الشيكل في حساباتها، حتى لا يضاف إلى ما لدى البنوك من مخزون منه.
وأضاف العطاري: "كما أن تكدس الشيكل أعاق قدرة البنوك التي هي جزء هام من القطاع الخاص على الإيفاء بمتطلبات الحوالات أو المقاصة التي ترد إليها، إضافة لحاجتها إلى تغطية أرصدتها في المصارف الإسرائيلية للوفاء بقيمة الحوالات التي ترد على حساباتها، وعلى صعيد تكدس الشيكل لدى التجار والشركات، فهم يواجهون معضلة في استخدامه في عمليات الاستيراد والتصدير التي تكون غالباً بعملة الدولار، ليس هذا وحسب، فقد ارتفعت بوليصة التأمين بشكل مضاعف على خزائن تلك الشركات التي تحوي ملايين الشواكل".
محافظ سلطة النقد فراس ملحم أقر بأن "هذا ليس حلاً جذرياً للمشكلة، فهناك مفاوضات مع إسرائيل حول زيادة سقف المبالغ المحولة بشكل ربعي أو إلغاء السقف، كما أن هناك حلولا على المدى المتوسط حتى نتغلب على هذه الإشكالية بشكل دائم".
وعن تلك الحلول، يوضح ملحم أنه يقع على سلطة النقد عبء يتمثل في توفير البنية التحتية اللازمة لتشجيع التعاملات المالية الإلكترونية، بدل استخدام النقد العادي، وذلك عبر منح تراخيص لشركات الدفع الإلكتروني، ومحافظ مالية إلكترونية". وهو ما تم فعلاً من خلال ترخيص ست شركات دفع إلكتروني بالضفة الغربية خلال السنوات الأخيرة.
ومن أجل ذلك، تسعى سلطة النقد إلى إطلاق "المفتاح الوطني" لتسوية المدفوعات المالية بشكل فوري، وإبرام اتفاقات مع مزودي الخدمات العالمية كـ"ماستر كارد" و"فيزا"، وذلك بهدف مواكبة التطورات العالمية.
ويعطي اتفاق "باريس" الاقتصادي الحق للسلطة الفلسطينية بترحيل فائض الشيكل للبنوك الإسرائيلية عدة مرات في السنة، إلا أن إسرائيل تستخدم فائض النقد من الشيكل للضغط على الاقتصاد الفلسطيني؛ لأن تراكم الشيكل يؤدي إلى تراجع قدرة البنوك على منح القروض، علمًا بأنه يعمل في الأراضي الفلسطينية 14 بنكاً فلسطينياً ووافداً.
كما نص اتفاق باريس على أن تجتمع سلطة النقد الفلسطينية والبنك المركزي الإسرائيلي سنوياً لمناقشة وتحديد المبلغ السنوي للشواكل القابلة للتحويل خلال السنة المالية القادمة، ويجتمعان كل نصف سنة لتعديل هذا المبلغ.
ويعد الشيكل عملة التداول الأولى في الأراضي المحتلة، يليها الدينار الأردني والدولار الأميركي.
وتأتي مصادر تدفق الشيكل إلى السوق الفلسطينية من خلال تحويلات حوالي 200 ألف عامل فلسطيني يعملون في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، بشكل رسمي وغير رسمي، حيث يضخون حوالي 1.3 مليار شيكل شهرياً، وفق سلطة النقد.
كما أن فلسطينيي الداخل يبتاعون حاجياتهم من أسواق الضفة الغربية نقداً. كذلك، تعتبر أموال المقاصة (عائدات الضرائب التي تجبيها إسرائيل نيابة عن السلطة وفق اتفاقات دولية) من أبرز مداخيل العملة الإسرائيلية إلى السوق الفلسطينية بمتوسط شهري بين 620-650 مليون شيكل.