"أوبك+" نحو خفض كبير للإنتاج لتجنب صدمة الركود العالمي

03 أكتوبر 2022
حقل نفط في البصرة جنوب العراق (فرانس برس)
+ الخط -

تتجه أنظار المتعاملين في أسواق الطاقة إلى اجتماع صاخب لتحالف "أوبك+" يوم الأربعاء المقبل، لحسم مصير الإمدادات خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وسط تلميحات إلى اعتزام التحالف خفض الإنتاج بكميات كبيرة تصل إلى مليون برميل يومياً، ليمحو بذلك زيادات أقرها لعدة أشهر ماضية، وذلك في خطوة من شأنها الحيلولة دون هبوط الأسعار، بفعل تراجع الطلب الناجم عن صدمة تباطؤ الاقتصاد العالمي وقوة الدولار الأميركي.

والاجتماع المرتقب هو الأول لممثلي التحالف وجهاً لوجه منذ مارس/آذار 2020، الأمر الذي اعتبره محللون في قطاع الطاقة تعبيراً عن أهميته، إذ لن يحضر وزراء الطاقة في الدول الأعضاء لإقرار خفض بسيط للإنتاج.

ونقلت وكالة بلومبيرغ الأميركية عن مندوبين في دول أعضاء التحالف النفطي، أمس الأحد، قولهم إن "أوبك+" سينظر في خفض إنتاج الخام بأكثر من مليون برميل يومياً.

وهذا الخفض في حال إقراره سيكون أكبر من توقعات العديد من بنوك الاستثمار العالمية التي رجحت أن يخفض التحالف الإنتاج بمقدار 500 ألف برميل يوميا.

ويتزايد قلق الدول المنتجة من أن الاقتصاد العالمي يتباطأ بسرعة، نتيجة السياسات النقدية المتشددة التي تعتمدها معظم البنوك المركزية الرئيسية بقيادة البنك الفيدرالي الأميركي لمواجهة التضخم المتصاعد، فضلاً عن تأثير الدولار القوي على الأسعار.

وكان سعر خام برنت قد قفز فوق 125 دولاراً للبرميل عقب الغزو الروسي لأوكرانيا نهاية فبراير/شباط الماضي، لكنه انخفض منذ ذلك الحين إلى دون 90 دولاراً للبرميل في ختام تعاملات سبتمبر/أيلول الماضي، ما قلّص من المكاسب الهائلة لكبار الدول المنتجة.

ومنذ أوائل أغسطس/آب الماضي فقط تراجعت أسعار النفط بمقدار الخُمس. ويبدو أن المنتجين ليسوا على استعداد لتقبل المزيد من هبوط الأسعار، إذ أكد تحالف "أوبك+" استعداده لاستقرار السوق، بتخفيض رمزي خلال اجتماعه السابق في الخامس من سبتمبر/أيلول الماضي، بلغ 100 ألف برميل لشهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري. ووعد وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان خلال الاجتماع بأن يظل التحالف "استباقياً ونشيطاً" لمواجهة التقلبات الشديدة في الأسعار.

ورأت بنوك عالمية، من ضمنها "جيه بي مورغان"، أن "أوبك+" قد يحتاج إلى خفض الإنتاج بمقدار 500 ألف برميل يومياً على الأقل لتحقيق الاستقرار في الأسعار.

بينما قالت هيليما كروفت، كبيرة استراتيجيي السلع في مؤسسة "آر بي إس كابيتال ماركتس"، "إن المجموعة قد تختار خفضاً بمقدار ضعف هذا الحجم"، مضيفة: "في اعتقادي أنهم (الوزراء) لن يلتقوا شخصياً للقيام بخطوة بسيطة".

ويوم السبت الماضي، أعلنت أمانة منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في بيان، أن تحالف "أوبك+"، الذي يضم 23 دولة، من المقرر أن يجتمع يوم الأربعاء بمقر المنظمة في فيينا. في حين كانت الاجتماعات تجري عبر الإنترنت شهرياً، ولم يكن يُتوقّع ترتيب اجتماع مباشر للوزراء وجهاً لوجه حتى نهاية هذا العام على الأقل.

ودخلت أوبك التي تضم 13 دولة في شراكة مع 10 منتجين رئيسيين آخرين في 2016، من بينهم روسيا، بهدف التنسيق بشأن الإنتاج لتحقيق الاستقرار في أسواق النفط.

واستبقت أسواق النفط بالفعل الاجتماع المرتقب بتسجيل زيادات في الأسعار، إذ لامست العقود الآجلة لخام برنت لشهر نوفمبر/تشرين الثاني 90 دولاراً للبرميل في ختام تعاملات يوم الجمعة الماضي، لتحقق أول مكاسب أسبوعية لها في خمسة أسابيع، بعد أن زادت بنحو 4% مقارنة بالأسبوع السابق، كما ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي لتلامس 82 دولاراً للبرميل.

ووفق بنوك استثمار عالمية، فإن الانخفاض الذي سجلته أسعار النفط خلال الأسابيع الماضية قد يكون مقدمة لصعود صادم، لا سيما أنّ الطلب على النفط لا يزال قوياً على عكس ما يشاع من تباطؤ الطلب، ما يؤشر إلى ارتفاع الأسعار بين 95 دولاراً للبرميل و125 دولاراً بنهاية العام الجاري.

وتوقع بنك مورغان ستانلي الاستثماري الأميركي نهاية سبتمبر/أيلول الماضي أن يرتفع سعر خام برنت في لندن إلى 95 دولاراً للبرميل في الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2022، بينما توقع بنك "جيه بي مورغان"، وصول السعر إلى 101 دولار للبرميل، ورجح بنك "غولدمان ساكس" بلوغ مستوى 125 دولاراً للبرميل، مقتربا من ذروة الأسعار التي سجلها الخام بعد أيام من اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا نهاية فبراير/شباط.

وبحسب نشرة "أويل برايس" الأميركية، فإن صدمة إمدادات النفط قد تكون وشيكة رغم تأثيرات التباطؤ الاقتصادي في الولايات المتحدة وأوروبا، مشيرة إلى أن خطر حدوث هذه الصدمة يتزايد مع عودة الاقتصاد الصيني للانفتاح، بينما يُجبر النفط الروسي على الخروج من السوق بفعل العقوبات الغربية الواسعة ضد موسكو.

وأشارت النشرة إلى أن صادرات النفط الروسية قد تنخفض بنحو 2.4 مليون برميل يومياً، بعد دخول حظر الاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ في ديسمبر/كانون الأول المقبل، ويصبح النقص في النفط أمراً لا مفر منه إلى حد ما.

كما أشارت صحيفة وول ستريت جورنال، في تقرير لها الأسبوع الماضي، إلى انخفاض احتياطي النفط الاستراتيجي لدى الولايات المتحدة بمقدار 7 ملايين برميل أخرى في الأسبوع المنتهي في 16 سبتمبر/أيلول، ليصل إلى نحو 427 مليون برميل. وهذا الرقم هو أدنى مستوى مخزون احتياطي البترول الاستراتيجي منذ عام 1984.

وانتقدت الصحيفة سياسة الرئيس الأميركي جو بايدن بشأن ضخ النفط في الأسواق من الاحتياطي الاستراتيجي، مشيرة إلى أن هذه الخطوة تأتي بهدف جذب الناخبين، قبيل انتخابات الكونغرس النصفية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، بينما تستنزف الاحتياطي.

وحدد بايدن في مارس/آذار الماضي، خطة لإطلاق مليون برميل يومياً على مدار ستة أشهر من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي للتغلب على أسعار الوقود المرتفعة في الولايات المتحدة التي ساهمت في زيادات حادة في التضخم.

وذكرت وكالة بلومبيرغ في تقرير لها قبل أيام، أن الإدارة الأميركية كانت تنتظر انخفاض أسعار النفط إلى ما دون 80 دولاراً للبرميل لبدء إعادة تعبئة احتياطي البترول الاستراتيجي، لكن وزارة الطاقة الأميركية نفت هذا التوجه.

المساهمون