نساء فيلا توما: عزلة أرستقراطية تحت الاحتلال

26 يوليو 2014
لقطة من الفيلم
+ الخط -

يتناول "فيلا توما" (روائي، 85 دقيقة) للمخرجة سهى عرّاف قصة عائلة فلسطينية مكونة من ثلاث شقيقات في عقدهنّ الرابع، يسكنّ مدينة رام الله تحت الاحتلال فترة الانتفاضة الثانية.

تعاني الأخوات جولييت وفيوليت وأنطوانيت من الوحدة والشعور بالغربة المضاعفة عن المجتمع من حولهن، لإغراقهن في العيش على ذكريات الماضي، أسيرات لأرستقراطيتهن، في عرض حسّاس لكون العائلة مسيحية، ضمن استعراض لمواقع تصوير، كالكنيسة، أو لرموز مسيحية، كالصليب وغيره من الدلالات الدينية.

تنقلب حياة الشقيقات الرتيبة رأساً على عقب، عندما يضطررن إلى إيواء ابنة أخيهن اليتيمة، التي نشأت في دار للأيتام، بعد اكتشافهن أن علاقة عاطفية تجمعها بشاب بسيط، في طرح يعرض القهر الطبقي الذي من الممكن أن تمارسه النساء على بعضهن، في ظلّ واقع مجنون كواقع الانتفاضة.

وتؤكد عرّاف في حديث لها مع "العربي الجديد" أنّ التحدي السينمائي الأكبر لها في "فيلا توما" يكمن في التعبير عن التناقضات الداخلية والتحوّلات التي تمر بها الشخصيات الرئيسية، في موقع تصوير واحد تقريباً، أي بيت العائلة الذي صُوِّر في مدينة حيفا، مع عدم التخلي عن الديناميكية اللازمة لإظهار التوتر الدرامي المطلوب على الشاشة، وسط حضور طاغٍ للشخصيات النسائية.

يبدو وكأن عرّاف تبدّل النظام الذكوري بنظام أمومي يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول قدرته على أن يكفل نسويّة التوجه والقيم، وفقاً للمعنى الليبرالي للكلمة، وحول تمكّنه من التغلّب على مباني القهر الطبقي، ذات المنشأ الذكوري، لدى هؤلاء النساء.

ولكون تجربتها نسائية الطابع والمضمون، تقول المخرجة الفلسطينية إن الطلائعيات في ذلك كنّ المصريات في الثمانينيات، وتلاهنّ في ذلك اللبنانيات في بداية الألفية الجديدة، والوقت الحالي يشهد التجارب النسائية الفلسطينية، مشدّدة على رغبتها في ترك بصمة خاصّة بها تتوافق وقناعاتها الفنية والفكرية.

يشترك "فيلا توما" في الدورة الواحدة والسبعين لمهرجان البندقية السينمائي الذي سيقام في آب/ أغسطس المقبل، ممثلاً فلسطين ومتنافساً على جائزة "أسبوع النقاد" مع ستة أفلام أخرى من العالم، وسط شبه غياب للأفلام العربية في المهرجان. وليس غريباً على الأفلام الفلسطينية أن تكون سبّاقة إلى المحافل والمهرجانات السينمائية الدولية، محققة كليشيهات تعودنا سماعها كثيراً: مأساة الاحتلال تولّد الإبداع!

ويذكر أن الأعوام السابقة شهدت مشاركة أوسع للنساء مخرجات الأفلام الروائية الطويلة على الساحة الفلسطينية، بعد أن كانت حكراً لما يقارب عقدين من الزمان على المخرجين الرجال، ذلك إن اعتبرنا أن البداية الحقيقية للأفلام الروائية الطويلة هي شريط "عرس الجليل" لميشيل خليفي (1987)، حيث قدّمت آن ماري جاسر "ملح هذا البحر" ونجوى نجّار "المر والرمان". وها هي سهى عرّاف تنضم إلى هذه المجموعة من المخرجات، في تجربة أولى مع الفيلم الروائي الطويل، بعد شريطها الوثائقي "نساء حماس".

المساهمون