"الشخصيات التاريخية": في اقتحام المناطق المعتمة

25 يناير 2020
من الأمسية (العربي الجديد)
+ الخط -

لم تعد بحوث المؤرّخين المجال الوحيد لاستحضار التاريخ ومناقشة أحداثه، حيث ظهرت فنون ومحامل متنوّعة تعيد استدعاء الأحداث والشخصيات التاريخية، معيدة قراءتها من زوايا متنوعة، ومن ذلك الرواية والمعارض التشكيلية والسينما، وضمنها يمكن الحديث عن الأشرطة الوثائقية كأكثر المجالات الإبداعية تلاؤماً مع عرض المادة التاريخية.

"الشخصيات التاريخية في المجال السمعي البصري" عنوان أمسية أقيمت مساء أمس الجمعة في "بيت الحكمة" في قرطاج بالقرب من تونس العاصمة؛ حيث عُرض ونوقش فيلمان وثائقيان يستدعيان شخصيّتين سياسيّتين أثّرتا في تاريخ تونس الحديث، خصوصاً في نهاية المرحلة الاستعمارية، قبل أن يتعرضّا للتهميش والتعتيم، وهما: "محمد شنيق.. مسيرة رجل دولة" لـ هشام بن عمّار، و"أحمد التليلي.. ذاكرة الديمقراطية" لـ عبد الله شامخ.

خلال حديثهما، أكّد المخرجان على صعوبات إنتاج الفيلم الوثائقي القائم على التاريخ في تونس اليوم بسبب نُدرة الأرشيف، حيث اعتمد بن عمّار على بعض الصور العائلية لبناء شريطه، مع مؤثرات مختلفة، بصرية وموسيقية، في حين استدعى شامخ عدداً ممّن عايشوا أحمد التليلي، مثل الصادق علوش وابنه رضا التليلي، والذي حضر في العمل كمؤرّخ بالأساس. أشار شامخ أنه وبالإضافة إلى عدم توفّر مادة سمعية بصرية حول الكثير من الشخصيات، فإنه من السهل معاينة إهمال المواد الأرشيفية في تونس.

على مستوى آخر، تحدّث بن عمّار عن نقص إنتاج الأفلام التي تتناول شخصيات تاريخية، والتي قدّرها بـ 13 عملاً لا غير (الطاهر شريعة، محمود الماطري، خير الدين التونسي، لزهر الشرايطي، علي عيسى...) في عشر سنوات، وهي حصيلة هزيلة للغاية في غياب دعم حقيقي من الدولة والمؤسسات وتفاعل جدّي بين السينمائيين والمؤرخين، مشيراً إلى أنه أنتج فيلم "محمد شنيق" بمبادرة فردية مع حفيدة الشخصية الرئيسية أمينة شنيق.

لعلّ ما يمكن ملاحظته من خلال الشريطين هو وجود شخصيات كثيرة في تاريخ تونس المعاصر تعرّضت للطمس، وإذا كان هذا النوع من الأفلام الوثائقية يسدّ شيئاً من الفراغ حولها، إلا أنها لا تذهب بعيداً في فهم أسباب هذا الطمس والتفكير في أدوات فاعلة لتجاوزه.

المساهمون