"سهاد" عمر سعدون: الأرق في لوحات برية

29 يونيو 2019
(من المعرض)
+ الخط -

أزهار برية ضخمة ليس لها لون واضح، بل إنها ملطخة بعبثية، جماجم تحولت إلى حقول، كتلة نار تتدحرج باتجاه المتلقي، هذه مجموعة من العناصر التي نراها في لوحات الفنان المغربي عمر سعدون.

يتناول سعدون الأرق، في معرض يختار له كلمة "سهاد" عنواناً، افتتح مؤخراً في "غاليري كنت" في طنجة وسيتواصل حتى 22 من تموز/ يوليو المقبل، إذ تحمل كلمة سهاد خلفية صوفية وانفعالية وعاطفية أكثر مما توحي كلمة أرق.

كل ألوان سعدون صاخبة ومتأججة، الجمجمة التي يرسمها كما لو أنه يقوم بعمل صورة أشعة بالألوان والكانفاس، مليئة بالتفاصيل اللونية الصغيرة، إنها جمجمة مشحونة بالعناصر وتكاد تشعر وأنت تنظر إليها أنها ساخنة ومشتعلة، ثمة لوحات مسالمة أكثر، حيث هيكل الجمجمة ملقى بين العشب، أو مرسوم كأنه قطعة أثرية في علبة متحف، نقي ومغسول على خلفية بيضاء.

يصف تقديم الغاليري هذه التجربة بأنها "امتداد للسؤال والقلق الوجودي، متجاوران في رؤى أو مغامرة تشكيلية كونية"، لافتاً إلى تجربة سابقة كان سعدون قد رسم فيها مجموعة تظهر فيها الزهور على شكل قنابل ملونة.

بالنسبة إلى سعدون، فإن الزهور الموقوتة هذه تعد بليال مضطربة يغيب فيها النوم، إنها الليالي التي يزرع فيها السُهاد قنابله فتنفجر في عقل الفنان المؤرق.

تجربة سعدون هي أيضاً وصف لمواجهة عنيفة بين الإنسان والليل في غياب النوم، وهي مواجهة قديمة خاض فيها الشعراء منذ الجاهلية مصارعين الأرق وطول الظلام وثقله، وسعدون يتابع هذا الإرث الثقافي من موقعه كفنان ويكشف عن ذلك الاشتباك مع الليل من خلال الألوان النقيضة له.

لا يحاول التشكيلي المغربي إضاءة العتمة فقط أو معاندتها، بل إن الأرق وهجران الطمأنينة والراحة تخلق تلك الحالة الملتهبة من الاضطراب والقلق، والتي يمثلها البرتقالي والأحمر والأصفر.

دلالات
المساهمون