عبد اللطيف العلوي: سيرة روائية للثورة التونسية

19 يناير 2019
عبد اللطيف العلوي
+ الخط -
ضمن سلسلة محاضرات تحت عنوان "كتاب وقضية" ينظّمها "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، فرع تونس، تُقدَّم قراءة لثلاثية روائية بعنوان "سيرة الثورة" (إشراق للنشر) من تأليف الكاتب التونسي عبد اللطيف العلوي عند العاشرة من صباح اليوم السبت.

تضمّ الثلاثية الأعمال الروائية "الثقب الأسود" (2017) و"أسوار الجنة" (2018) و"بيض الأفعى" (2018)، وتدير الجلسة الكاتبة ليلى حاج عمر، ويقدّم الأعمال كل من الأكاديميين عبد الحميد الجلاصي وسمير ساسي.

يرى الكاتب أن الثورة التونسية ليست حدثاً بل إنها مسار اجتماعي وسياسي وهي كذلك مسار في الأدب، وهو ينتمي إلى جيل بدأ يكتب خلال فترة النظام السابق ويعرف طبيعة الرقابة ومعاناة الكاتب في تلك الفترة، والكتابة اليوم في ظل نظام سياسي مختلف لا رقابة فيه يقطع مع الإقصاء الثقافي.

يقول الكاتب في حديث إلى "العربي الجديد" إن رواية "الثقب الأسود" تمتد من 1991 وحتى عام 1996، حيث تدور أحداثها في التسعينيات، تلك الفترة التي سميت عشرية الموت، في قرية "عين البية"، وهي قرية جبلية من قرى الشمال التونسي، تتحول إلى مسرح للاضطهاد وأرض للخوف ومنبت للرعب، بعد الحملة الطويلة التي شنها النظام على اﻹسلاميين، مضيفاً أن الرواية أرادت أن ترصد التحولات الدرامية في العلاقات داخل هذه القرية.

تدور اﻷحداث أيضاً في مركز اﻹيقاف، وفي سجني الكاف وبرج الرومي، حيث يصطدم خالد الشرفي، الشخصية المحورية اﻷولى بقمع الدولة، وبعالم آخر يكتشفه للمرة اﻷولى، بعد أن يجد نفسه متورطاً في تلك المعركة التي نشبت في القرية ويتهم بجمع اﻷموال وتوزيعها على عائلات الإسلاميّين.

أما رواية "أسوار الجنّة"، فتمتد من 1996 وحتى عام قيام الثورة في 2011، حيث تنطلق من النقطة الّتي توقّفت فيها في "الثّقب الأسود"، لحظة خروج خالد الشرفي من السجن بعد خمس سنوات.

تميّزت هذه الفترة بحالة رعب عامّة فرضتها السلطة على المسرّحين من المساجين السياسيّين، ومنعتهم من أبسط حقوق البشر في التعلّم والعمل والعلاج والسفر والتحرّك داخل البلاد، ومن ممارسة أي نشاط اجتماعي أو سياسي أو معيشي.

يقول العلوي: "الحالة التونسية كانت فريدة من نوعها بابتكارها لأسلوب جديد في مواجهة الخصوم السياسيين هو أسلوب العزل الاجتماعي التّام للمساجين المسرّحين، وتحويل حياتهم خارج السجن إلى سجن آخر كبير ممتدّ أكثر قسوة وتوحّشاً".

يعود خالد الشرفي إلى قريته كي يبدأ حياته من جديد، فتجرفه دوّامة الأحداث والملاحقة الأمنية والحصار والتجويع، ومن خلاله ترصد الرواية تفاصيل تلك المرحلة الدامية من تاريخ تونس.

بينما تمتد رواية "بيض الأفعى"، الجزء الأخير من الثلاثيّة، من 2011 وحتى 2018، يقول الكاتب في الصفحة الأخيرة من الغلاف: "حين أفكّر في الأمر، أدرك الآن أنّ الخطأ القاتل للثّورة أنّها لم تنتبه إلى بيض الأفعى. خرجنا يومها نطاردها بالهراوات والمعاول والمجارف ودخان العجلات المحروقة، وأخذتنا الحميّة بهروبها وفرحنا بانتصار سهل ومريح، ثمّ عاد الجميع إلى بيوتهم ومشاغلهم وتفاصيلهم الصغيرة، ولم ينتبه أحد إلى أنّ الأفعى قد تركت بيضها".

"بيض الأفعى"، بحسب الكاتب، هي حكاية الثورة المغدورة ومأساة الجيل الثالث بين الحلم والإرهاب وسقوط الرموز. الحرية لا يمكن أن يعرف قيمتها من استيقظ ذات يوم، فوجد نفسه حرّاً بالصدفة. الحرية لن يدرك قيمتها إلاّ من حلم بها طويلاً واشتاق إليها ودفع من أجلها حبّات العمر وضحكة الأبناء ودموع الأمّهات والأهل والأصحاب.

ويختتم، في حديثه إلى "العربي الجديد": "أنا متفائل بمسار الثورة رغم كلّ الصعوبات والخيانات ومطبّات الطريق، حققنا الكثير، وهو الأصعب، حرّرنا الإرادات والباقي تكمله الأجيال القادمة. ليس مطلوباً من هذا الجيل أكثر ممّا أنجز… ناضل وصبر وانتصر، وقام بالثورة وحافظ على قيمة الحرية، الأوطان تبنيها أجيال تلو أجيال".

المساهمون