رمضان الثقافة في الجزائر: على طبق التشابه

07 يونيو 2017
من الجزائر العاصمة، تصوير: فائز نور الدين
+ الخط -

ظاهرياً، تبدو علاقة شهر رمضان بالحياة الثقافية متينة، فخلاله نشهد نشاطاً لا نجده في بقية السنة مع تكاثر الفعاليات والتظاهرات، غير أن الأمر لا يعدو أن يكون حركية شبه وهمية حين نتفحّص البرامج المقترحة، بداية بتشابهها بين مختلف المدن العربية، وصولاً إلى مضامينها ومحتوياتها الفنية، الغنائية بشكل خاص.

ينطبق ذلك على ما جرت برمجته من فعاليات ثقافية في الجزائر هذا العام. فعاليات يصعب إحصاؤها عدداً، غير أنه يمكن اختزالها في فئتين من العروض أو ثلاثة، مع بعض الاستثناءات.

الطبق الرئيسي لمعظم التظاهرات التي تأتي في رمضان هو الموسيقى التراثية، بتنويعاتها الصوفية والأندلسية والبدوية وغيرها، حيث تشهد الجزائر في رمضان هذا العام أكثر من مائة حفل موسيقي، ومن أكثر من حظيت بالدعاية عروض عبد الرحمن القبي وعبد القادر شاعو وفرق "الفردة" و"فريكلاند" و"الداي" و"كاميليون".

في نفس السياق، يقام بداية من السبت المقبل مهرجان "فا في صيغة المؤنث" الذي يستمر حتى 17 من الشهر الجاري في "قاعة المقار" في الجزائر العاصمة، وهو تظاهرة تعنى بالأصوات النسائية، من بين المشاركات فيه هذا العام؛ بهيجة رحال ودليلة مكادر وبادي لالة.

فضاء "أوبرا الجزائر" الذي افتتح الصيف الماضي، وكان من المنتظر أن يكون مخصّصاً لعروض الموسيقى السيمفونية والأوبرا والباليه، نجد أن برنامجه يأتي مجارياً للسياق العام، بحفلات موسيقية تراثية، غير أن ما يلفت أكثر هو احتضانه، بداية من العاشر من الشهر الجاري، "مهرجان الضحك"، وهو ما يمكن تصنيفه ضمن الطبق الكبير الثاني الذي يقدّم للجمهور في رمضان، وهو طبق يصعب أن تنافس فيها الفعاليات الثقافية ما يقدّمه التلفزيون.

ضمن هذا الخضم، يمكن أن نضع جانباً بعض المبادرات مثل قرار كل من "المتحف الوطني للآثار القديمة والفنون الإسلامية" و"متحف الفنون الجميلة" أن يفتحا أبوابهما ليلاً، ومن المتوقّع أن تنسج على منوالهما متاحف أخرى ومعالم أثرية، وإن وجد البعض أن الأمر لا يعدو توفير فضاءات ترفيه أكثر من كونه مبادرات ثقافية حقيقية.

في مقابل كثرة الفعاليات هذه، سنجد للمفارقة أن الكثير من أشكال الثقافة ستكون في شبه عطلة، إذ تندر العروض المسرحية (ما عدا الخفيفة منها) وكذلك المحاضرات الأدبية والفكرية، وكذلك الأمسيات الشعرية التي كانت لوقت قريب تعدّ ناشطة في رمضان.

اللافت أيضاً في المشهد الرمضاني الجزائري يظل انحساره في دائرة المحلّي، فإذا أضفنا إلى ذلك تشابه الأنشطة المقدّمة وتشابه البرامج الرمضانية من سنة إلى أخرى، هل يمكننا القول إن ثمة حركية ثقافية هذا الشهر في الجزائر؟ في كلا احتمالي الإجابة، فإننا لن نجد نفس الحركية بانقضاء رمضان، لكن لا يمكننا القول إن ثمة فارقاً بين واقع الثقافة بين أمس وغد.

دلالات
المساهمون