"مؤتمر الدراسات الإسبانية": بلسانين عربي وقشتالي

15 نوفمبر 2017
خوان ميرو/ إسبانيا
+ الخط -

كثيراً ما حظي المستعربون الإسبان بالمتابعة والتمجيد أيضاً في العالم العربي لالتفاتهم إلى منطقتنا من زوايا مختلفة، وهو اهتمام نجده بدرجات أقل في لغات أخرى، وإن كان لذلك أسبابه التاريخية المعروفة. في المقابل، ماذا عن الدراسات في الاتجاه المعاكس، أي من العالم العربي حول إسبانيا وتاريخها ولغتها؟

بعض من عناصر الإجابة يمكن التقاطها هذه الأيام التي يُنظّم فيها في تونس "المؤتمر العالمي الثالث للدراسات الإسبانية" الذي افتتح أمس ويختتم غداً في "جامعة منوبة". ربما سيفاجأ متابع الأوراق والأبحاث المقدّمة بثراء وتنوّع الدراسات العربية حول الإسبانية، غير أن الإشكال يتمثل في بقائها غير مرئية، حيث تنحصر غالباً في فضاءاتها الأكاديمية لا تتجاوز عتباتها.

يقول عضو الهيئة العلمية للمؤتمر، الأكاديمي والمترجم التونسي، رضا مامي في حديث إلى "العربي الجديد" إن المؤتمر "يهدف إلى إثراء البحث في المساهمات العربية المكتوبة باللسان الإسباني في مختلف مجالات الثقافة والفكر والأدب، ويسعى إلى إثارة مختلف القضايا والإشكالات المتعلّقة بقيمة هذه المساهمات وأدوارها وسبل تطويرها ودعمها وجني ثمارها في شتّى حقول المعرفة".

يضيف مامي: "لقد اتّضح لنا من خلال المؤتمرين السّابقين أنّ الدّراسات الإسبانيّة في العالم العربي قد شهدت تطوّراً نوعيّاً اتّسع نطاقه فلم يبق أسير الأطر المحليّة وإنّما بلغ صداه إلى إسبانيا وأميركا اللاتينية، وبات من الواجب التخطيط لمشاريع تعتني بالبحث المقارني بين الحضارتين العربية والإسبانية وتهتم بنقاط كثيرة". من بين هذه النقاط يذكر الأكاديمي التونسي مراجعة الإرث العربي الإسلامي في الجزيرة الإيبيرية.

يشير مامي إلى أن المؤتمر يمكن تقسيمه إلى محاور ثلاثة أساسية، الإبداع الأدبي والبحث والترجمة. عن المحور الأول يقول "كتبت أسماء عربية كثيرة بلسان قشتاليّ، في أجناس أدبية مختلفة؛ شعراً وقصّة ورواية، وأصبح تصنيفهم مثيراً للكثير من القضايا: هل ينبغي اعتبارهم جزءاً من تاريخ آدابهم المحلية، أم يفترض اعتبارهم جزءاً من الآداب الإسبانية بحكم استعمالهم للغة الإسبان؟".

"أمّا في مجال البحث - يتابع المترجم التونسي - فيجري الاهتمام بموقع الدراسات العربية المكتوبة بالإسبانية في خارطة البحث العلمي سواء في إسبانيا أو في العالم العربي، وإمكانية العثور على قيمة مضافة تولّدت عن هذا التفاعل". ويختم بمجال الترجمة الذي تهتم المداخلات فيه بالبحث في مسالك نقل النصوص وتقييم الجهود المبذولة إلى حدّ الآن، والتفكير في توسعة المدوّنة المستهدفة بالترجمة من حيث الكم والجودة.

كان المؤتمر قد انتظم في دورتيه السابقتين في مصر والمغرب، ويشهد في دورته التونسية مشاركة قرابة سبعين باحثاً ينتمون إلى جامعات من الوطن العربي، بالإضافة إلى مشاركات من إسبانيا وكولومبيا والولايات المتحدة الأميركية والأرجنتين. يبقى أن هذه الدينامكية والانفتاح بين الفضاءين لا يزالان بحاجة إلى مزيد من الإشعاع والحضور خارج الأطر الأكاديمية.

المساهمون