ليلى أنور: الشعراء كمفسّرين للقرآن

13 نوفمبر 2016
(ليلى أنور، تصوير: جي. ميشيل زاك)
+ الخط -
"الروحانيات والقرآن" هو عنوان المحاضرة التي قدّمتها الباحثة الإيرانية الفرنسية ليلى أنور Leili Anvar في "المعهد الثقافي الفرنسي" في تونس العاصمة، الخميس الماضي.

قد يوحي عنوان المحاضرة، وتخصّص مقدّمها، المفكّر التونسي يوسف الصديق في أنثروبولوجيا القرآن، أن محتواها يهتم بالقرآن كموضوع، غير أن حديث أنور يقترب في الحقيقة أكثر نحو تخصّصها الأكاديمي في الأدب الفارسي الذي تجعل منه منطلقاً في تقديم أضواء جديدة على النص الإلهي.

جلال الدين الرومي (القرن العاشر ميلادي) وفريد الدين العطّار (القرن الثاني عشر) هما الشخصيّتان الرئيسيتان في محاضرة أنور؛ إذ تقول "كان شعر كليهما معجوناً بعناصر النص القرآني"، مبيّنة أنها ستنظر إلى القرآن كما ألهم هذين الشاعرين.

تضيف أنور بعد ذلك أن نصوص الشاعرين تساعد على رؤية روحانية القرآن، وهو حديث يفضي بها إلى التعريج على مقابلة بين هذا الفهم الشعري للقرآن ومتداول التفسيرات التي كثيراً ما تختزلها لصالح الجوانب العملية، ومن هنا يوضّح لماذا يستطيع الشعراء القدامى أن يصبحوا اليوم مفكّرين كباراً للتسامح (فكرة حديثة) ولا يبلغ ذلك المفسّرون أو رجال الدين بالرغم أن كليهما بنفس المسافة من النص المقدّس.

تتخذ أنور، مثالاً، الآيات التي تذكر الشعراء في النص القرآني (الآية 242 من سورة الشعراء وما يليها) والتي اعتُبرت إدانة من الإسلام للشعر. وتشير صاحبة كتاب "جذور السماء" (2016) إلى أنه يجري التغافل عن كون النص نفسه يتضمّن استثناء لفئة من الشعراء، بل توجد، بحسب أنور، إشارة في نفس السورة على إمكانية أن يكون الشعر "إعادة مظهرة للكلمة الإلهية"، ما يجعل من الشعراء بهذا المعنى تواصلاً للأنبياء.

من خلال حكايات من سير الرومي والعطّار، تؤكد أنور أنهما عاشا بوعي حاد مع هذه الآية، فالشعر من خلال هذا التفريق أصبح خطراً وجودياً، تستشهد هنا بمقولات لصاحب "منطق الطير" (العطّار) يعتذر فيها من الخالق على قول الشعر خوفاً في السقوط في الغواية المذكورة.

في جزء آخر من محاضرتها، تحدّثت أنور عما تسمّيه بـ "عبور الفناء" في الشعر الصوفي، معتبرة أن الشعراء لم يجدوا وهم يعيشون هذه التجربة ذات المرجعية البوذية (النيرفانا) سوى الاستعانة بالنص القرآني.

كما تشير إلى أن من خصوصيات تجارب الشعر الصوفي الإسلامي (الحلاج، الرومي، العطار وآخرين) هو بروز الجانب الحسي، فتجربة "عبور الفناء" كانت تعاش من خلال الجسد. تصبّ أنور ذلك في مقولتها الرئيسية، وهي أن الشعر الذي أنتجه الرومي أو العطار يمكن أن يمثّل أفقاً إضافياً في فهم/ تفسير النص القرآني، ولعلّه الإمكانية المتاحة لتطوير الفهم إلى أبعد من القراءات الحرفية.


المساهمون