أرض مكتظّة بالدخلاء

25 اغسطس 2015
تيسير البطنيجي / فلسطين
+ الخط -

الجمهور، أياً كان هذا الجمهور، يجب أن يبقى دائماً مدركاً أنه يُشاهد عملاً فنياً وليس واقعاً تجريبياً. المتفرج المثالي هو من يسمح لما يقع على الخشبة أن يؤثر فيه تأثيراً مضاعفاً، وأن يكون محباً لتناول السموم التي يقدمها له الرومانسيون. (مولد التراجيديا، 1971)

*
تستعمل الإنسانية كل فرد دون تحفظ كوقود لتسخين آلتها الكبيرة. آلة ليس لها من غاية سوى الإبقاء على نفسها. تلك هي الكوميديا الإنسانية. لذلك أفضل أن أكون مُهرّجاً لا قديساً. (إنسان، مفرط في إنسانيته، 1878)

*
فسحت الإنسانية المجال لغرائز النفي والفساد والانحطاط كي تمارس سيادتها عليها. وإن مهمتي تتمثل في الإعداد للحظة التي ستعود فيها الإنسانية إلى نفسها وتتخلص من سيطرة الصُدفة والقس. (الفجر، 1881)

*
كلّما تصرّف الناس بحرية أقل، تجلّت الغريزة القطيعية فيهم وظنّوا أنهم أخلاقيّون. أخلاقهم هذه مسمومة، لأنها ترى في حرية التفكير الشقاء ذاته. الأخلاق، في جوهرها، هي تكبيت الضمير القطيعي ورؤية النفس والعالم بنزاهة. وبمجرّد أن تفسُد الأخلاق، تنبثق الكائنات التي نسمّيها طغاة. (العلم المرح،1882)

*
إن الأرض مكتظة بالدخلاء وقد أفسدوا الحياة، فما أجدرهم أن تستهويهم الحياة الأبدية ليَخرُجوا من هذه الدنيا. إنهم لأشد الناس خطراً، إذ كَمَنَ الحيوان المفترس فيهم، فغدوا ولا خيار لهم إلا بين حالة التحرّق بالشهوة وحالة كبتها بالتعذيب. هؤلاء المسوخ لم يبلغوا مرتبة الإنسان بعد. هم مصابون بسل الروح، لا يكادون يولدون للحياة حتى يبدأ موتُهم. (هكذا تكلم زارادشت، 1885)

*
على الإنسان أن يقصي من تفكيره علم النفس القديم الخرع. عليه أن يُشرّح ضميره وأن يرضى بالتضحية بالعقل. إن القساوة هي ما يحرّض الإنسان وما يدفعه إلى الأمام. كل تعمّق وسبر للأغوار هو مسبقاً اغتصاب ورغبة في الإساءة. ومع كل طلب للمعرفة توجد على الأقل قطرة من القساوة. (ما وراء الخير والشر، 1886)

*
تبدأ ثورة العبيد في الأخلاق حين يصير الحقد نفسه خلاقاً وينتج قيماً. حقد هؤلاء يحرمهم من الفعل الحقيقي، وفي غيابه يطوّرون الانتقام في خيالهم. من خاصيات الحقد أنه يقوم بقلب النظرة التقييمية. إن أخلاق العبيد تحتج دائماً إلى عالم معاد لها، تحتاج دائماً إلى محفزات خارجية، ففعلها هو بالأساس رد فعل. (جينيالوجيا الأخلاق، 1887)

*
حَرم الألمان أوروبا من جني ثمار العصر التاريخي العظيم؛ عصر النهضة، وبددوا محتواه. لقد أعاد لوثر ترميم الكنيسة في اللحظة التي كانت فيها متقهقرة، حين عرف الناس أنها قد تحولت إلى نفي لإرادة الحياة. (قضية فاغنر، 1888)

*
تحطيم الأصنام حرفتي، ذلك أنه بمجرد أن أبدعت أكذوبة عالم المثل، حتى وقع تجريد الواقع من قيمته ومن معناه ومن حقيقيّته. الحقيقة وحدها هي التي ظلت إلى حد الآن خاضعة جوهرياً للحظر. (المسافر وظلّه، 1888)

*
الفنانون الفاتنون يعرفون كيف يحوّلون كل خلاف إلى تناغم، يجعلون كل شيء يستفيد من قوّتهم ومن خلاصهم الشخصي. الإبداع لديهم عرفان بالجميل لذواتهم. يقدّمون فنهم للمرضى الذين هم في حاجة إلى أوهام فاتنة ليتمكنوا من تحمّل الحياة. الضعفاء يطلبون المتعة في فن لم يتم تخيّله لأجلهم. (إدارة القوة، 1901، نشر بعد رحيل صاحبه)

*
الأوهام ملذات باهظة الثمن. وإن تحطيمها أبهظ ثمناً منها. هذا الثمن سيدفعه فقط من يعتبرون تحطيمها لذة أيضاً. (هذا هو الإنسان، 1908 - نشر بعد رحيل صاحبه)

المساهمون