بين غضبين

24 أكتوبر 2015
(نجيب سرور، 1931-1978)
+ الخط -

لا يحيلنا غضب الشاعر المصري نجيب سرور (1931-1978)، تصادف ذكرى رحيله اليوم، إلى موقفٍ رافضٍ من السلطة فحسب، كما يجسده غضب الشاعر العراقي مظفر النواب، وهذا يفسر لجوء الأول إلى المسرح ليتجاوز لحظة شعرية مكثفة -اكتفى بها الثاني- ويفصّل خلاله تاريخ الظلم وفظاعة البشرية.

تسخر قصائد النواب من هيئة الطغاة وسلوكياتهم، وتمجّد بطولات الخارجين عليهم، وفي آخر النهار يصيبه الحنين إلى روائح الأرض وسير الأهل والأحباب والأصدقاء.

"حنين" يخطئ طريقه إلى سرور، الذي لم يلق صديقاً يحتمل تمرده على كل "النفاق والفساد" المخبأ تحت قشرة العالم الرقيقة، وهذا يذكّر بأولى سورات غضبه المنصبة على والدٍ متسلط وغشوم، التي قادته لاحقاً إلى افتقاد الحماية من رفاقٍ في "يسار" لم تجد فيه مؤسساته البديلة -المضادة لسياسات السلطة- شاعرها والناطق باسمها.

تنبش ملاحم سرور المسرحية، وأشهرها ثلاثيته "ياسين وبهية، آه يا ليل يا قمر، قولوا لعين الشمس"، مصائر الفلاحين البسطاء في النصف الأول من القرن العشرين، وهو الحافظ لذاكرتهم الشعبية ولغتهم في مقارعة "سرّاق العيش".

كان غاضباً على صورته، ولا يقع نظره على "خلْق" يشبهه ويشاركه أحزانه، ورغبته الدائمة في البكاء على انهيار مزمن للإنسان. وتحضر قصيدته، التي غناها الشيخ إمام، وفيها: "غريب وجيت البلد، قاصد حبيب وقريب، عرفوني ناس البلد، ناسي قالوا لي غريب".


اقرأ أيضاً: يحيى الطاهر عبدالله.. حقائق قديمة صالحة لإثارة الدهشة

المساهمون