الرياض 2014: سيرة الكتاب الممنوع

13 مارس 2014
عمل لـ شروق أمين
+ الخط -
تتوالى أخبار المصادرة والمنع في "معرض الرياض الدولي للكتاب". وفي المقابل هناك ما يشبه الحملة الإعلامية في بعض الصحف وتغريدات "تويتر" والكتابات على "فيس بوك" تستهدف بشكل خاص "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" ومديره العام المفكر العربي عزمي بشارة.

ومع أنّ حملة مصادرة الكتب في معرض الرياض بدأت مع منشورات "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" ودار "الشبكة العربية للأبحاث والنشر"، إلا أنها سرعان  ما امتدت إلى الروايات ودواوين الشعر والدراسات  التي تتناول موضوعات محلية سعودية، أو شؤوناً ثقافية عربية وإسلامية، تشترك كلها في ميزة واحدة هي بعدها النهضوي التنويري.

فالروائي السعودي جابر مدخلي لم يُبلّغ بقرار منع روايته "مجاعة" الصادرة عن دار طوى، رغم احتفاء الصحافة السعودية بالرواية ووجودها في "معرض الرياض" نفسه العام الماضي. أما سبب منع عمل مدخلي المولود في جيزان (1981) فيعزى إلى كونه "يتحدث عن الواقع السعودي الحقيقي الذي يدسه الإعلام في دوائر معتمة، ونقاط تشويش تجبر الجميع على إغلاق أجهزة التلفاز، والنظر بعين البصيرة إلى جهاز الحياة التنفسي"، علاوة على أنّه يتناول "مأساة منطقة، وحطام أمّة يأكلها الجوع، وتطعمه هي بحب ما فاض عن أجسادها النحيلة " بحسب تعبير صاحب الرواية.

 كما جرت في المعرض كذلك مصادرة كتاب "الأنوثة الإسلامية: العالم المخفي للمرأة المسلمة" للصحافية الأسترالية، جيرالدين بروكس، والصادر بطبعة جديدة عن دار جداول منذ عامين.

وربما يمكن ردّ سبب المنع هذه المرة إلى الإشكالية التي يطرحها الكتاب، وسؤاله الأساسي: "علام تُضطهد أغلبية نساء المسلمين رغم أنّ الإسلام نفسه لم يقصد أبداً اضطهاد المرأة".

على أنّ "اضطهاد النساء" كان أمراً بالغ الوضوح في أروقة المعرض بعد منع الباحثات والمبدعات المشاركات من الجلوس على المنصة الرئيسية الى جانب زملائهن الرجال، حيث اشتكت الروائية والناقدة المصرية هويدا صالح من "عزلها" واستبعادها من الجلوس على منصة ندوة كان عنوانها العريض "الرواية والمجتمع المدني"! في حين اعتذرت العالمة السعودية وعضو مجلس الشورى خولة الكريع عن المشاركة في ندوة أخرى للمعرض بسبب سياسة إقصاء النساء عن تصدّر ما يُفترض أنّها موائد حوار ونقاش جامعة.

قرار منع آخر صدر بحق كتاب "زمن الصحوة: الحركات الإسلامية المعاصرة في السعودية" لـلباحث الفرنسي ستيفان لاكروا، والذي يرصد تاريخ الحركات الإسلامية في السعودية منذ منتصف القرن العشرين. وهو عمل أكاديمي يتناول بالدرس والتمحيص "بقعة مُعتمة في الوسط البحثي" في السعودية وفق "دار الشبكة العربية للأبحاث والنشر" ناشرة هذا الكتاب.

كما صادرت سلطات الحسبة السعودية  كتيباً صغيراً بعنوان " الحجاب في التاريخ " لأيوب أبو دية، الصادر عن دار الفارابي، وهو كتاب يطرح أسئلة عن أصول الحجاب في التاريخ، ومتى بدأ ولماذا، وما هي الشروط الاجتماعية والسياسية والثقافية والتاريخية التي حكمت على المرأة بارتدائه؟ سعياً من المؤلف إلى الكشف عن جذور فكرة غطاء رأس المرأة ومنطلقاتها الفكرية في الحضارات التاريخية.

لتزيد السلطات السعودية في طنبور الرقابة نغماً بمصادرتها من جناح دار الفارابي البيروتية دواوين شعر لبدر شاكر السياب وعبد الوهاب البياتي ومعين بسيسو! وبالطبع لم تخيّب إدارة المطبوعات في المعرض ظن "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" فقامت بسحب أعمال الشاعر محمود درويش لما فيها من "كفر"!

"إنجاز" واحد يحقّ لإدارة معرض كتاب الرياض المباهاة به هذه السنة، وهو سماحها لـ"المرة الأولى" بعرض عمل مسرحي ضمن الفعاليات المرافقة، ونعني به عرض "هاملت اخرج من رأسي"، لأنّ عنوان المسرحية كان ربما لسان حال كلّ من ساقته الأقدار الثقافية ليطأ بقدمه وادي القراءة غير المقدس في الأرض الحرام. نعم، "أخرجوا من رأسي"!

المساهمون