يوسف الكحلوت شهيداً

12 اغسطس 2024
يوسف الكحلوت (1961 - 2024)
+ الخط -
اظهر الملخص
- استشهد الأكاديمي يوسف شحدة الكحلوت في مجزرة إسرائيلية بغزة، وكان متخصصًا في توثيق أدب المقاومة الفلسطينية وتحليل مضامينه واتجاهاته الفنية.
- في كتابه "مقاربات نقدية في شعر المقاومة"، ركز على شعر انتفاضة الأقصى، موضحًا السياق التاريخي للصراع الفلسطيني وتأثيره على الأدب.
- تناول الكحلوت في أعماله الأخرى موضوعات مثل البلاغة اللغوية والأدب العربي، وسجل التعبيرات الأدبية لفترة مهمة من تاريخ فلسطين المعاصر.

في مدرسة "التابعين" بشارع النفق في حي الدرج شرقي مدينة غزّة، استشهد، فجر السبت الماضي، أستاذ الأدب والنقد يوسف شحدة الكحلوت (1961 - 2024) مع أكثر من مئة شهيد فلسطيني، في مجزرة جديدة ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي تُضاف إلى جرائم الإبادة الجماعية التي تتواصل منذ عشرة أشهر.

انشغل الأكاديمي الشهيد بموضوع أساسي خصّص له أكثر من كتاب ودراسة خلال العقدين الماضييْن، يتمثّل في توثيق أدب المقاومة في فلسطين، ودرْس مضامينه واتجاهاته وأبعاده الفنية، مع تركيزه على التجارب الجديدة التي ترتبط بقضايا اللحظة الراهنة ومناخاتها، إلى جانب اهتمامه بأبحاث أُخرى مثل البلاغة اللغوية والأدب العربي والشعر والنثر القديم.

في كتابه "مقاربات نقدية في شعر المقاومة" (2011)، حلّل الكحلوت نماذج شعرية برزت خلال انتفاضة الأقصى التي اندلعت في 28 أيلول/ سبتمبر 2000، واستمرّت لأكثر من أربع سنوات، حيث تستحوذ صورة القدس ورمزيتها على جزء كبير منها، لكن الكحلوت يمسك بملامح تتعلّق بسياق تاريخي يستحضره معظم الشعراء الذين لا يمكن فصل أحداثٍ معاصرة، أو أقدم تعود إلى مئات السنين، عمّا تتعرّض له المدينة اليوم من تهويد وسعيٍ محموم لتغيير هويتها الثقافية وتركيبتها الديموغرافية ومعالمها التاريخية.

وقف عند التعبير السردي الحكائي في العديد من قصائد انتفاضة الأقصى

كما وقف الكحلوت عند التعبير السردي الحكائي في العديد من قصائد الانتفاضة، في ترسيخ لبعد ملحمي يذكّر بسيرة أبي زيد الهلالي، وتأكيد استمرارية الإنسان وحضوره في فلسطين، من دون إغفال المعنى الذي يُعدّ هدفاً رئيسياً في الكتابة لدى هؤلاء الشعراء، عبر تقديمهم منظوراً أعمق للصراع، يعود إلى ما قبل وعد بلفور، مع بدء الهجرات اليهودية المنظّمة إلى فلسطين، ووضع خطط مدروسة تهدف إلى فرض استيطان إحلالي، يقوم الاحتلال على تنفيذها خلال العقود الماضية.

وتطرّق أيضاً إلى تفصيل شعراء الانتفاضة لجميع الجرائم الصهيونية، في القدس وغيرها من المدن الفلسطينية، وأنّ الخلاص الوحيد للتحرّر يكمن في المقاومة، وليس بالتفاوض الذي يأتي دائماً بمزيد من التنازلات والخسارات، كما اعتنى الكحلوت بتقنيات القصيدة وفنّياتها، والصور التي يوظّفها أصحابها، حيث اللغة والأسلوب يصوغان المعاني والأفكار.

سجّل التعبيرات الأدبية في فترة مهمّة من تاريخ فلسطين المعاصر

لا يمكن التغاضي عن توجهات الكحلوت، وخلفيته الدينية، في طبيعة اختياراته للقصائد التي يدرسها، وإن كان بعضها لشعراء لا يمثّلون تيارات وتوجّهات إسلامية، ناهيك عن تسجيله التعبيرات الأدبية المرافقة لفترة مهمّة في التاريخ الفلسطيني المعاصر. 

يحضر أدب المقاومة كذلك في كتابه "قراءات نقدية" الذي أصدره سنة 2008، وقدّم له بالإشارة إلى أنّ القضايا والمضامين التي شغلت الشعراء الفلسطينيّين في النصف الأوّل من القرن العشرين، ومنهم إبراهيم طوقان وعبد الرحيم محمود، هي ذاتها التي تشغل شعراء اليوم، مع اختلاف في طرائق التعبير عنها.

ترك يوسف الكحلوت دراسات أُخرى؛ من أبرزها: "محمد العدناني شاعراً (دراسة نقدية)" (2009)؛ وفيه درس خمسة دوواين للغوي والقاص الفلسطيني (1903 - 1981) الذي لم تحظ تجربته الشعرية باهتمام يُذكر، و"الأخلاق الإسلامية في الشعر الأندلسي- عصر ملوك الطوائف" (2010)، و"علم اللغة الكوني" (2011).

المساهمون