وقفة مع حسن رشيد

10 يوليو 2022
حسن رشيد
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع مبدع عربي في أسئلة سريعة حول انشغالاته الإبداعية وجديد إنتاجه وبعض ما يودّ مشاطرته مع قرّائه. "أحلم أن تغيب عن أبصارنا مشاهد الحرب والدمار وقتل الأبرياء والمجاعة في العديد من دول العالم"، يقول الباحث والكاتب والمذيع القطري في حديثه إلى "العربي الجديد".


■ ما الذي يشغلك هذه الأيام؟

- في هذه الأيام كالعادة، أرتمي في أحضان القراءة. هذا العالم الأجمل والأروع، والحقيقة أنّ متعة القراءة لا تعادلُها متعةٌ، وتتعدّد روافد القراءة بين الرواية، حيثُ قرأتُ مؤخّراً رواية تحمل اسم "طروس إلى مولاي السلطان" للكاتبة سارة الجروان الكعبي. والمُلاحظ أن هناك الآن العديد من الأصوات التي تواصل عطاءها، ولكن من المؤسف ثمّة غياب للعديد من الأصوات النسوية. كما أننا حتى الآن لم نجد دراسة موضوعية حول حضور وغياب السرد النسوي.


■ ما هو آخر عمل صدر لك وما هو عملك القادم؟

- آخر عمل صدر لي كان في عام 2020 عن "كتارا"، وهو بعنوان "دراسات في المسرح والدراما"، وحاولتُ أن أغوص في عوالم المسرح محلّيًا وخليجيًا وعربيًا، أولاً كوني متابعٌ للعديد من الفعاليات المسرحية عبر خريطة الوطن العربي. وعن عملي القادم، فهناك أكثر من كتاب لدى "كتارا" أيضًا، بجانب الإسهام في مجلّة "نادي الجسرة الثقافي الاجتماعي". الصوت الأكثر تميّزًا في ظلّ غياب المجلّات المُرتبطة بالثقافة، ومقالاتي في الصحافة المحلّية، بجانب النشاط الثقافي في العديد من المواقع الثقافية المحلّية.


■ هل أنت راض عن إنتاجك ولماذا؟

- نحاول جميعًا في هذا الوطن أن نسابق الزمن، وهي محاولاتٌ، سواء أنا أو غيري، لإشباع غرورنا الذاتي. لذا نُواصل العطاء منذ صدور الأعداد الأولى لمجلّة "الدوحة". كانت المجلّة تابعة لـ"إذاعة قطر" وترأّسها المرحومان إبراهيم أبو ناب والدكتور المرحوم فايز صيناع. رحلتي في الحياة العَملية سطورٌ أفتخر بها، منذ أن قدّمت بطاقة التعارف للمستمع كأوّل صوت قال: "إذاعة قطر من الدوحة" عام 1968 مع افتتاح الإذاعة. حقّقتُ جزءًا كبيرًا من أحلامي، وهذا هو المهمّ. والأهمّ القناعة ورضى النفس والمصالحة مع الآخرين.

حتى الآن لم نجد دراسة موضوعية حول حضور وغياب السرد النسوي

■ لو قيض لك البدء من جديد، أي مسار كنت ستختار؟

- لن أختار سوى ذات الطريق. نعم كنت محظوظًا أن أبدأ أولى خطواتي بالإذاعة، وأن أرتمي في أحضان الإعلام والأدب، وأن أكتشفَ عوالم أكبر للشعر والأدب عبر مناوشات الأساتذة إحسان رمزي وحيدر محمود، وأن أُبتعثَ لدراسة الإذاعة في مصر، وأن ألتقي في المعهد بعددٍ من أعلام الثقافة والفكر والفن بدءًا بالأجلّاء: عبد الحميد الحديدي، وبابا شارو، ويوسف الحطاب، وكمال بشر. وعبر الإذاعة اكتشفت عوالم أكبر للصداقة الحقّة، مع توأم روحي غازي حسين، وأساتذتي وجدي الحكيم، وعلي عيسى، وفهد العينزان الدوسري... وغيرهم.


■ ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟

- أحلامنا جميعًا تتشابه. وقد يكون هذا جزءًا من أحلام البشر منذ بدء الخليقة، الأمن والأمان والسلام. الآن الخوف من المجهول ومن الآتي يغلّف تفكيرَنا، أنا وأنت والآخرين. نحن نبحث عن علاج ينقذُ البشرية من الأمراض والأوبئة، نبحث عن سلام حقيقي. أحلم كما تحلم أن تغيب عن أبصارنا مشاهد الحرب والدمار وقتل الأبرياء والمجاعة في العديد من دول العالم. أتمنّى مزيدًا من الازدهار لوطني، وطن الحب قطر. وأن يكون لدينا جميعًا الحلم بأن القادم أجمل، أعتقد جازمًا أن هذا هو حلمنا الجمعي.


■ شخصية من الماضي تودّ لقاءها، ولماذا هي بالذات؟

- أتمنّى أن ألتقي بالعديد من الشخصيات. وألّا يقتصر الأمر على شخص واحد؛ من العصر الجاهلي الشاعر طرفة بن العبد، ومن العصر الإسلامي أبو ذرّ الغفاري صوت الحقّ والحقيقة، ومن العصر الأموي الحرّ الرياحي لأن لديَّ أسئلةً أريد أن أطرحها عليه. طبعًا قائمتي تطول وأسئلتي مُحيِّرة. لماذا ذهب طرفه بن العبد إلى حتفه؟ ولماذا هذا التحوّل في الموقف عند الحرّ الرياحي؟ وإذا قيّض لي أن ألتقي بشخصية فإن النموذج لديَّ هو المرحوم الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني، له الرحمة والمغفرة، كان له دور كبير في دعم العلم والثقافة ويكفي ما قدّمه لنا جميعًا.

عبر الإذاعة اكتشفت عوالم أكبر للصداقة الحقّة

■ صديق يخطر على بالك أو كتاب تعود إليه دائماً؟

- هناك أصدقاء يعيشون في ذات الإنسان ويشكّلون جزءًا من كينونته، وأنا عبر سنوات عمري لديّ رصيدٌ من الأصدقاء لا يمكن أن أنسلخَ عنهم، هناك مثلاً صديق العمر غازي حسين والابن البار الشاعر والكاتب علي عبد الله الأنصاري، والكاتب والشاعر محمد علي المرزوقي، والصديق فهد العينزان. بجانب من رحل عن دنيانا مثل المرحوم الإعلامي الكبير وجدي الحكيم، وعبد الرحمن سيف المعضادي، وجاسم السماك، وعباس السماك، وسيد جواد سيد عدنان، والقائمة تطول. ولا شك أن الصداقة كنزٌ، وأنا حصدت في رحلة الحياة أصدقاء يشكّلون لوحات رائعة للوفاء والحب والإيثار.


■ ماذا تقرأ أو تسمع الآن وهل تقترح علينا تجربة غنائية أو موسيقية يمكننا أن نشاركك سماعها؟

- ارتبطتُ بالغِناء منذ طفولتي، فقد كان جدّي لأمّي مُطربًا. ولذا فإن ارتباطي بالغناء ارتباط وثيق، ولديّ صداقات مع أعداد لا تحصى من الفنانين، وعشقت أصواتًا مختلفة: زهور حسين، ومحمد خيري، ووديع الصافي، وفيروز، وعوض الدوخي، ومحمد بن فارس، وضاحي بن وليد، ومحمد علي عبد الله، ومحمد رشد ناجي، وأم كلثوم، وليلى مراد، وعبد الوهاب، وأسمهان، وذكرى.

أتمنّى أن تشاركني في أغنية "القمر الأحمر" للموسيقار المغربي عبد الهادي بلخياط، أو أيّة أغنية لنجم الأغنية القطرية فهد الكبيسي.


بطاقة

باحث وكاتب ومذيع قطري من مواليد الدوحة عام 1949، حاصل على درجة الدكتوراه في فلسفة الفنون من "جامعة القاهرة". نشر في العديد من الجرائد المحلّية والخليجية. ومن مؤلّفاته: "الإذاعات الموجهة" (1990)، و"الموتى لا يرتادون القبور" (1996)، و"القضايا الاجتماعية في الدراما القطرية" (1998)، و"جدلية العجز والفعل في القصّة القصيرة في قطر" (1999)، و"أصوات من القصّة القصيرة في قطر" (2000)، و"تطوُّر النقد المسرحي في دول الخليج العربي" (2004)، و"دراسات في المسرح والدراما" (2020)، و"الحضن البارد" (مجموعة قصصية، 2002)، و"المرأة في المسرح الخليجي" (2005).

وقفات
التحديثات الحية
المساهمون